القمص اثناسيوس جورج

مع نهاية العام و الاستعداد للميلاد المجيد ، قدم هداياك في وسط هذه الظروف المناخية والحياتية التي نعيشها ، قدم هديتك للمولود الإلهي لتكون شريكًا في الحدث الخلاصي العجيب ، قدم نفسك فتأخذ النصيب والميراث ... هلموا بنا نزور المسيح ، نعتني بالمسيح ، نطعم المسيح ، نكسي المسيح ، نستضيف المسيح ، نكرم المسيح ، نسقي المسيح ، هلموا نُجلسه معنا على مائدتنا ونصبّ عليه قاروره الطيب ، هلموا نشترك مع يوسف ونيقوديموس والمرأة صاحبة الناردين كثير الثمن ، هلموا نقدم له قبرًا لأنه غريب وندبر له كفنه . هلموا نقدم الذهب واللبان والمر مع المجوس .
 
هدايانا ليست في الفلكلور والعادات وروتين مظاهر الاحتفال والمراسم والاستقبالات والبروتوكولات ، هدايانا هي الرحمة والمسامحة وذبيحه العطاء ، للمسكين والفقير والمطرود والمريض والمظلوم والمسجون والمطروح والمتروك ، حتى إذا انتقلنا يستقبلوننا في المظال الأبدية ...فكل ما نفعله مع هؤلاء إخوته الأصاغر ( فبه نفعل) .
 
أطعموا الجائعين للخبز وللبر واسقوا العطشانين للماء وللخلاص ، واكسوا العرايا للملابس وللستر من الفضيحة ، واستضيفوا المطرودين والذين هُدمت او حُرقت بيوتهم ... افتقدوهم وشجعوهم وعاملوهم كشخص الرب ، لأن مجده ليس في المظاهر والبهرجة والسفريات والإنشاءات والاحتفالات . لكن مجده في عبيده الذين سماهم واختارهم خاصته ( إخوته الأصاغر ) ، قدموا لهم كؤوس الماء لأنها محصاة عند الذي ليس بظالم أن ينسى تعب المحبة ... هل يعقل أن بيننا في هذا العالم آلاف جوعي وعراة وبلا سقف .. شُردوا وحُرقوا وصاروا تحت الضغطة والعوز ، من جراء اضطهاد إبليس للمؤمنين !! و لازال زمن الشهداء والمعترفين ، الحاملين دماءهم وخراب بيوتهم وجروح مصابيهم وأحزانهم مصرورة ومعظمها ملطخ بالتنازلات والخسائر ، التي سيعوضهم عنها إله التعويضات الذي يسمع أنينهم ويرى بعينه ما جرى لهم خلف أستار الظلام .
 
فلنسرع إلى هؤلاء المحزونين والمسلوبين والمنهكين من جراء الغلاء ومصاعب الحياة ، ووطأة الاضطهاد الحادث ، صانعين من عيوننا شبكة تصطاد المحتاجين للمعونة غير المؤجلة ونغسل أرجلهم نُتكئهم ونستضيفهم ونعتني بهم ونقدم لهم حتى ولو كسرة خبز تسند قلوبهم وسط ما عانوه من جفاء وعوز وظلم وما جازوه في انفسهم كما اجتازه الأولون ... إننا عندما نكون في خدمتهم نرى بشريتنا وأقاربنا فلا نطعم أنفسنا دون أن نطعمهم ونكسيهم ونغطي عريهم ... لأننا إذا لم نفعل ذلك سنذهب مع الملاعين إلى النار الأبدية ، لذلك نصلي كأن كل شيء يعتمد على الله ، ونعمل كأن كل شيء يعتمد علينا ... عالمين أنه بدون الافخارستيا يكون لا معنى لهذه الأعمال ، وتصبح مجرد خدمة اجتماعية خيرية . لكنها بالشركة والافخارستيا تكون دعوة لخدمة يسوع المصلوب ( أنا عطشان) كي نطفئ ظمأة المتواصل في إخوتنا المساكين .
 
كذلك أثمن التقدمات والهدايا هي أن لا نقدم أموالاً وذهبًا وفضة و مفاخر فقط ، لأن جميعها مادي وسيزول ومرتبط بهذه الدنيا السفلى ، لكن بالأحرى نقدم أنفسنا للذي وُلد لأجلنا وأتى إلينا ، فنأتي نحن إليه ، ليولد فينا ونقدم له عطيه النفس ، التي هي أثمن الهدايا لدى الله والأكثر إرضاءًا له . ومن ثَمَّ نقدم كل ما عندنا لإخوته الأصاغر ، لأن لهم الأولوية المطلقة على كل شيء بلا استثناء ، مادمنا قررنا أن نقدم الكل لذاك الذي قدم نفسه فدية عنا وبدلاً منا ، صائرين من أجل المسيح ، كل ما صاره هو لأجلنا.