الأقباط متحدون - الفيس بوك: «أقوى حكومة عالمية»!
  • ١٤:٣٢
  • الاثنين , ١٨ مارس ٢٠١٩
English version

الفيس بوك: «أقوى حكومة عالمية»!

مقالات مختارة | بقلم : عماد الدين أديب

٥٢: ١٠ م +02:00 EET

الاثنين ١٨ مارس ٢٠١٩

الفيس بوك
الفيس بوك

 الحادث الإرهابى المجرم فى الاعتداء على مصلين فى مسجدين بنيوزيلندا يثير الحزن والخوف والقلق من تزايد حالة الشحن اليمينى المتطرف الكاره للآخر، والرافض للتعايش، والجاهل تماماً بمفهوم التسامح الإنسانى والدينى.

 
لم أتوقف أمام الحادث طويلاً، لأنه رغم بشاعته لا يعكس حالة عامة فى المجتمع النيوزيلندى المعروف بتسامحه.
 
هذا البلد خالٍ فى تاريخه من أى تزمت أو تطرف أو إرهاب تكفيرى، فهو شعب يتكون من 4٫6 مليون نسمة، 72٪ منهم من أصول أوروبية من المهاجرين، ويبقى 15٪ من السكان «المورى» الأصليين، مساحته نصف مساحة أستراليا، اقتصاده جيد ومنتعش ومستقر، مستوى المعيشة فيه مرتفع، والخدمات العامة من الأفضل فى العالم، ومعدل البطالة فيه يبلغ 6٪ وهو معدل شديد الانخفاض عالمياً.
 
إذن، نحن لسنا أمام مجتمع مأزوم بأى شكل من الأشكال، قد تكون مشكلته هى الإفراط فى الحرية فى تسهيل بيع السلاح الشخصى للأفراد، وهو أمر شائع فى العديد من دول أوروبا وأمريكا بسبب التشريعات اليمينية التى تدافع عن حق الفرد فى حماية نفسه، وأيضاً بسبب قوة مصالح لوبى بيع السلاح.
 
الشىء الوحيد الذى توقفت أمامه طويلاً، والذى أعتقد أن هذا الحادث سوف يكون علامة فارقة ونقطة تحول فيه، هو علاقة الإرهاب والجريمة بمنصات التعامل الإلكترونى على الشبكة العالمية العنكبوتية.
 
ويدور الآن جدل شديد وقاسٍ وحاد حول دور منصة «فيس بوك» فى كونها الوسيلة التى استخدمها المجرم المتهم فى 3 أمور:
 
1- أولاً الترويج لأفكاره بعشرات الوثائق والكتابات لمدة 6 أشهر قبيل إقدامه على الحادث.
 
2- إذاعة وبث أول عشر دقائق على الهواء مباشرة على «الفيس بوك» بصوته وبموسيقى فاشية مصاحبة وهو يقود سيارته لمتجر «كاراديش» مجرم مجازر البوسنة ضد المسلمين.
 
3- بث فى الـ7 دقائق التالية المجزرة المروعة فى المسجدين التى أدت لقتل وذبح 54 مصلياً وجرح العشرات.
 
أى نحن أمام رجل يكتب ويذيع منذ أشهر أفكاراً إرهابية كارهة للآخر، وتحديداً للمسلمين، ثم أقدم على الإعلان عن جريمته لمدة عشر دقائق ثم نفذها فى 7 دقائق على الهواء، ولم ينتبه إليها القائمون على أكبر منصة تواصل فى العالم.
 
ذلك كله يطرح مدى مسئولية «فيس بوك» عما يبث، فهو ليس مجرد ناقل سلبى ومحايد للمحتوى الذى يقدمه ولكن كونه أكبر منصة إلكترونية فى العالم تؤثر فى المليارات من البشر فهو لديه مسئولية أخلاقية، وإنسانية، وقانونية عما يذاع على منصته.
 
ويستخدم «فيس بوك» جهاز مراقبة وتدقيق يستخدم «الذكاء الاصطناعى» لمثل ذلك المحتوى الذى يحض على الكراهية أو العنصرية أو يشجع على الإرهاب والعنف، كما يستخدم وسائل متابعة بشرية، أى من الخبراء الذين يتابعون على مدار الساعة مثل هذه الأمور.
 
ومن الواضح، ومن خلال هذه التجربة، ضعف كفاءة وفشل نظام الذكاء الاصطناعى والمتابعة البشرية، مما يحتاج إلى إعادة النظر فى النظام كله.
 
الأخطر أن هناك شركة مساهمة عامة يديرها أفراد هى التى تتحكم فى عقل وفكر وعادات وتقاليد وثقافة وسلوكيات مليارات البشر.
 
القانون المستخلص: «لم تعد الحكومات هى المؤثرة فى الوعى المحلى، ونظام طرح المعلومات، واتجاهات الثقافة الوطنية للشعوب، إنه الفيس بوك».
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع