الأقباط متحدون - «مستر إكس» أصغر جراح قلب وأكبر نصاب تقليب
  • ٠٧:٠٨
  • الثلاثاء , ١٩ مارس ٢٠١٩
English version

«مستر إكس» أصغر جراح قلب وأكبر نصاب تقليب

مقالات مختارة | خالد منتصر

٣٨: ٠٦ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٩

خالد منتصر
خالد منتصر

خالد منتصر
عندما تجد نصاباً فى أى مجال من الممكن أن تسامحه أو تتغاضى عنه إذا اعتذر، إلا من يمارس النصب الطبى، والأخطر أنه نصب تحت لافتة الدين، بعد أن تخيلت أن المدعو «ر. إ» قد اعتزل الطب بعد الكتابة عنه وفضحه، وبعد إيقافه من النقابة، وجدت أنه قد تم تلميعه ثانية وبدأ يصعد على أكتاف بعض الأطباء المشاهير ويجرى معهم لقاءات، وكان آخرها لقاء مع مدير معهد القلب الأسبق، وكأنه «مستر إكس» الذى لا يموت ولا ينتهى!، والأخطر أن البعض تواصل معى بعد أن وقع فى براثنه وأخبرونى بالعجب العجاب، فهذا الطبيب الحجز العادى عنده بعد شهرين والفيزيتا بألفَى جنيه!، أما الكشف المستعجل الذى بعد شهر تقريباً هو ثلاثة آلاف جنيه!، وأعتقد أن كشف رئيس قسم القلب بكليفلاند لم يصل إلى هذا الرقم، ومضطر للأسف أن أكرر ما كتبته عنه من قبل حيث قلت:

كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها الإعلام؟!، سألنى صديق عزيز مندهشاً من فرط جهلى: كيف لا تستضيف فى برنامجك الطبى أصغر جراح قلب فى العالم؟!، لماذا تحقدون على الشباب ولا تمنحونهم الفرصة؟ وعندما أخبرته بأن برنامجى استضاف الكثير من شباب الأطباء المشرفين الذين يستحقون بالفعل كل الاحترام والتقدير، ولكن بشرط الكفاءة والعلم والتخصص، رد قائلاً: الدكتور جراح القلب «ر. إ» حاصل على ست زمالات فى جراحة القلب وعمره 27 سنة، وهو المساعد الأول للجراح العالمى مجدى يعقوب واستضافته أشهر برامج التوك شو ومعظم المذيعين المعروفين، ثم أخرج من جيبه روشتة كان قد كتبها الجراح «ر. إ» لأحد أقاربه ليؤكد صدق كلامه، فوجدتها فعلاً شهادات رنانة من قبيل كلية الطب بتكساس وزميل أبحاث القلب بأكسفورد وجلاسجو والمستشفى الملكى.. إلخ، قررت بحث الأمر بجدية رغم الشك والتوجس، وبرغم عدم قبول عقلى لما يجافى المنطق وكل ما أعرفه عن درجات سلم التعليم الطبى الذى لا يمكن أن يسمح لمن عنده 27 سنة فى مصر بأن يصبح جراح قلب مبتدئاً «بيقول يا هادى» حتى، ولديه كل هذا العدد من الزمالات، وبرغم تجربتى المريرة مع دجالى الطب الذين كان منهم مدرس الألعاب والمهندس الزراعى ومدلك الجيم الذين افتتحوا عيادات بكل بجاحة وقتلوا الناس بنصبهم وإجرامهم بكل قلب بارد، المهم بالبحث والتحرى اتضح أن أصغر جراح قلب فى العالم هو نصاب كبير، مجرد خريج طب لم يمسك بمشرط جراح فى حياته، حتى ولو لإجراء زائدة دودية وليس «قلب مفتوح»، كل مؤهلاته صورة التقطت له مع مجدى يعقوب مجاملة وعلاقات إعلامية مشبوهة وقدرة أفعوانية أسطورية على الكذب، بالإضافة إلى مناخ مهترئ مسموم ونقابة مقيدة ووجدان اجتماعى يحتفى بالكذابين الدجالين، لدرجة أن صفحة هذا المدعى وصلت إلى مئات الآلاف على الفيس بوك، بينما صفحة مجدى يعقوب 6 آلاف لايك!!،

المأساة والكارثة أنه يتاجر فى أرواح البشر ويوهمهم فى عيادته التى يتجاوز سعر كشفه فيها أسعار كشف أساتذة جراحة القلب الذين يملكون خبرة أربعين سنة جراحة، يضحك على مرضاه فى هذا الوكر، قائلاً لهم إن عمليات جراحة القلب أصبحت ممنوعة فى العالم كله، أما القساطر فلا داعى لها ولا حاجة لمرضى القلب لأن يجروها لأنها خطر!، وعلاج أى حالة قلب دوائى فقط، ويخرج «العيان» هاشاً باشاً منشكحاً من الطبيب الحنين الرائع الذى يكره الجراحة حفاظاً على أرواح المرضى ليموت بعدها بقليل من مضاعفات الحالة والتأخير فى الجراحة أو القسطرة!!، أما حكاية مجدى يعقوب فالبيان التالى من مؤسسته فيه الرد، يقول البيان: «مؤسسة مجدى يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، ومركز أسوان يؤكدان أن المدعو (ر. إ)، لم يسبق له العمل أو التدريب بأى شكل أو صفة مع د. مجدى يعقوب أو فريقه سواء داخل مصر أو خارجها، والمؤسسة إذ تؤكد حرصها على تشجيع الأطباء الشباب ومنحهم فرص التفوق والإبداع، فإنها تؤكد أيضاً وبقوة أن ذلك ينبغى أن يتم فى الأطر الأكاديمية والتدريبية السليمة المتعارف عليها عالمياً وتحت الإشراف والتوجيه الدقيقين بما يضمن سلامة المرضى وحسن تنشئة الطبيب حديث التخرج، أمراض وجراحات القلب هما تخصصان دقيقان يستدعيان دراسة وتدريباً لمدد طويلة بعد التخرج (أكثر من 8 سنوات عادة) لاكتساب الحد الأدنى من التدريب والمعرفة اللازمين لتقديم الخدمة الطبية الآمنة، المؤسسة تنصح المرضى بتحرى الدقة فى اختيارهم لمن يلجأون لهم لتلقى العلاج، وتؤكد أنها لحرصها على سلامة المرضى وشرف المهنة ستقوم -بالتعاون مع المؤسسات الطبية المصرية العريقة والزملاء الأفاضل- باتخاذ جميع الإجراءات النقابية والقانونية ضد كل من تسول له نفسه الاتجار بآلام المرضى والنصب عليهم».

إنه أصغر جراح وأكبر نصاب فى أكثر مهنة مستباحة، وهى مهنة الطب.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع