الأقباط متحدون - إذا ذُكر «البخارى» تحسس مسدسك
  • ٢٠:١٤
  • الاثنين , ١٨ مارس ٢٠١٩
English version

إذا ذُكر «البخارى» تحسس مسدسك

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٣١: ٠٦ ص +02:00 EET

الاثنين ١٨ مارس ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

سحر الجعارة
المرة الأولى التى سمعت فيها عن الدكتور «وسيم يوسف»، إمام وخطيب جامع الشيخ زايد فى «أبوظبى»، كانت عند حديثه عن حق «ولىّ الأمر» فى أى بلد فى منع ارتداء النقاب بوجود مسوغ شرعى، فقال: «يصبح النقاب -هنا- حراماً فى حال أصبح ارتداؤه تهديداً للأمن القومى وذريعة لارتكاب وإخفاء الجرائم»، مضيفاً أن «الإسلام يحارب أن يتم تحوير النص الشرعى لمرادك وغاياتك الشخصية».. ثم جاءت عاصفته التى أطاحت بالتابو المقدس فى نظر علماء الأزهر والسلفيين: «صحيح البخارى» الذى يعتبرونه «أصح كتاب بعد القرآن الكريم»!

خرج د. يوسف عن سياسة القطيع، وطالب بمراجعة الأحاديث النبوية الواردة فى «البخارى»، قائلاً: «أنا أؤمن أن القرآن لا خطأ فيه، لذلك إن كانت هناك أحاديث تعارض منطوقه فهذا وضع طبيعى أن يتم النظر فيها والبحث عن الحقيقة»، مؤكداً أن دعوته بإعادة النظر فى صحيح البخارى تأتى حفاظاً على الدين وجودة الأحاديث النبوية، مشدداً على أن البخارى هو جهبذ عصره، وبالرغم من ذلك هو نفسه ضعّف 10 آلاف حديث.

وفى مداخلة هاتفية مع الإعلامى عمر أديب، على قناة «MBC مصر»، قدم «يوسف» بعض الأمثلة الواردة فى البخارى والتى تجافى العقل والمنطق، منها أن الرسول عليه الصلاة والسلام حاول الانتحار عندما توقف الوحى!

وما إن طرح «يوسف» رؤيته لتنقية «أيقونة المتعصبين»، حتى بدأ طوفان التكفير يجتاح الرجل وأسرته ويهدد حياته بإهدار دمه، وهو المسلسل الدموى الردىء الذى عشنا تفاصيله الموجعة مع الباحث «إسلام بحيرى» الذى دفع فاتورة اجتهاده ورفضه للركوع فى محراب البخارى سنة من عمره فقد فيها حريته خلف القضبان.

يتصور «وسيم يوسف» أنه يتمتع بتعددية دولة الإمارات العربية التى تقبل الاختلاف، رغم أن أول من قاد الهجوم عليه كان «ضاحى خلفان»، نائب رئيس الشرطة والأمن العام فى دبى، والذى قال عنه «يوسف»: «يحزننى أن يخرج رجل أمنى وظيفته أن يحمينى وأسرتى، فيحرّض ويؤلب العامة علىّ، وظيفته أن يحمينى رغم أنفه حتى لو كنت ملحداً أو يهودياً».

ولأنه «مسالم» يعيش فى دولة تنتصر للحريات العامة، أو ربما لأنه رأى المملكة العربية السعودية نفسها تنشئ هيئة لتنقية الأحاديث النبوية بهدف «القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرفة وأى نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب».. لذلك فهو لا يعلم أن لدينا «ماكينة تكفير» لها أذرعها القانونية وأبواقها الإعلامية ورجالها، وأن «مشيخة الأزهر» قصفت «تونس» من منصة التكفير بسبب قرارات الرئيس التونسى «قائد السبسى»، ولم تعترف بوجود «مفتى» لتونس، ولا بحق العلماء العرب فى تصحيح وتصويب «الخطاب الدينى»، ومراجعة الأحاديث المكذوبة والمدسوسة على نبينا الكريم.. فحين يتعلق الأمر بالبخارى الكل يتحسس مسدسه!

يقول د. يوسف: «إن الأفكار الجديدة التى تُطرح فى المجتمعات العربية بشأن تنقيح التراث الدينى دائماً ما تتعرض للتنمر والتكفير أو التهميش».. تصوُّر فى منتهى «البراءة»، فكلمة «التكفير» ببساطة أن دمك قد أُهدر فى عالم مفخخ بألغام التنظيمات الإرهابية، وأنت سطرت اسمك فى «قائمة الاغتيالات» بكل أسف!

وكأنه قدرنا أن نعيش فى غيبوبة تبرر السحر والدجل والشعوذة، وتبرر الخرافة بل وتحميها، لأن «الرسول نفسه قد سُحر»!!.. وأن نستمر فى «حظر الاجتهاد»، ورفع عقولنا من الخدمة، ونستسلم لسلطة «وكلاء الله على الأرض».. أن تقول كلمتك وأنت «مرعوب» من كتائب الحسبة وحزب الكراهية.. وأن تواجه دائماً من يهدد «داعش» ويرهب التنويريين.. وأنت تناضل «دون سند» وتُرجم دون سبب.. سوى أنك فى عصر «ملالى السنة»!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع