الأقباط متحدون - أبرياء يموتون تحت الأنقاض والتهمة ساكنين فى عقار قديم
  • ٠٦:٠٤
  • الجمعة , ٢٢ فبراير ٢٠١٩
English version

أبرياء يموتون تحت الأنقاض والتهمة " ساكنين فى عقار قديم "

إيهاب رشدي

محافظات

٥٠: ٠٥ م +02:00 EET

الجمعة ٢٢ فبراير ٢٠١٩

ارشيفية - الأنقاض  لمباني قديمة
ارشيفية - الأنقاض لمباني قديمة
هل الأحياء  هى المسئولة عن هؤلاء الضحايا أم هم ضحايا لأنفسهم 
 
كتب – إيهاب رشدى 
يدفع العشرات من الأبرياء فى كل عام بالاسكندرية ، حياتهم ثمنا لتهمة لا ذنب لهم فيها ، وهى انهم يقيمون فى عقارات قديمة آيلة للسقوط ، ورغم علمهم بأن حكم الموت تحت الانقاض فى انتظارهم اليوم أو غدا ، إلا انهم يرفضون ترك منازلهم لأن البديل ليس افضل كثيرا وهو افتراش الشارع وهو ما يعد بالنسبة لهم لونا من الموت البطئ . 
 
وقد أصبح سقوط العقارات القديمة فى العديد من احياء الاسكندرية خلال السنوات الماضية ظاهرة خطيرة تشكل خطرا كبيرا على الأرواح خاصة فى فصل الشتاء ، حتى ولو كان بعضها خال من السكان إلا انها تهدد أرواح المارة حيث تكون غالبا لا تحمل تحذيرا أو كردون أمنى يحمى المواطنين من اخطارها .  
 
وقد رصدت الاقباط متحدون مصرع  15 شخص تقريبا ، بخلاف الاصابات ، قدموا حياتهم قربانا لعقارات قديمة فى العديد من أحياء العاصمة الثانية وذلك فى الفترة من أبريل 2018 وحتى فبراير الجارى 2019 :
-  فى 7 أبريل 2018  انهار عقار يحتاج إلى ترميم بشارع القدس تابع لمنطقة مصطفى كامل  وأسفر انهياره عن وفاة 3 أشخاص واصابة 3 آخرين .
-  فى 4 يونيه 2018 ، أدى سقوط سقف شقة بالدور الاول لعقار قديم بمنطقة أبوسليمان لمصرع مسن عمره 84 سنة .
 
-  فى يوليه 2018 لقى بائع مصرعه واصيب اثنين آخرين ، بعد ان سقطت عليهم أجزاء من عقار قديم خالى من السكان بشارع سوق الكنتو بمنطقة المن
 
-   فى 8 نوفمبر 2018 لقي شخص مصرعه، ، في   انهيار عقار قديم  مكون من 3 طوابق بحارة ابو الفتوح بمنطقة كرموز .
 
وقد حصدت العقارات القديمة أرواح ستة أشخاص خلال شهر ديسمبر وحده من العام الماضى وساعدها فى ذلك الطقس السئ والنوات التى شهدتها الاسكندرية خلال ذاك الشهر : 
- فى يوم 6 ديسمبر لقى شخص مصرعه تحت انقاض عقار قديم بشارع ابن الخطاب بمنطقة محطة مصر خلال نوة قاسم التى تضرب الاسكندرية فى الاسبوع الاول من شهر ديسمبر .
 
-  فى 9 ديسمبر  انهار عقار قديم فى شارع وادى النطرون بمنطقة غيط العنب وأسفر عن وفاة طفلة واصابة سيدة من سكان العقار .  
 
-  فى 11 ديسمبر 2018 لقي شخص وابنته ( 12 عام ) مصرعهما، إثر انهيار أسقف عقار مكون من أربعة طوابق بشارع الانطاكى - منطقة كفر عشري
 
-  فى 30 ديسمبر 2018 لقى رجل مسن وابن شقيقه مصرعهما عقب انهيار عقار كائن 79 شارع الغزالى بمنطقة اللبان مكون من طابق أرضى وطابقيين علويين .
 
أما آخر ضحايا العقارات القديمة فكان منذ أيام قليلة فى 18 فبراير الجارى حيث إنهار عقار قديم مكون من دور أرضى و3 أدوار علوية بحارة ابن مسعود بمنطقة كرموز ، وأسفر الانهيار عن وفاة ثلاثة أشخاص . 
 
ويثير موقف رؤساء الأحياء بمحافظة الاسكندرية علامات استفهام كثيرة حول هذه الظاهرة حيث يسارع الحى الذى يقع فيه العقار المنهار ، باصدار بيانا يغسل فيه يديه من دماء الأبرياء ، ولا يخرج محتوى البيان عن العبارات الاتية :  
انتقل السيد ........... رئيس الحى والسادة ........... لموقع العقار المذكور ، وتبين أن العقار المذكور صادر له قرار ازالة رقم ....... بتاريخ ...... والسكان رفضوا اخلاء العقار وأقاموا فيه على مسئوليتهم ، أو العبارة التالية " العقار صادر له قرار ترميم رقم ...... بتاريخ ......... ولكن مالك العقار وسكانه رفضوا تنفيذ قرار الترميم ، هذا بالاضافة إلى هذه العبارة الشهيرة " رفع درجة الاستعداد القصوى بجميع أجهزة المحافظة والمرافق والمستشفيات، وتكثيف تواجد جميع الأجهزة الأمنية والحماية المدنية بالمنطقة المحيطة بالعقار " . 
 
ويكتمل المشهد بعد أيام قليلة من سقوط العقار ، حيث يتم ازالة الكرودن الامنى حول العقار المنهار وينتهى كل شئ ، وتبقى اطلاله شاهدة على دماء الأبرياء الذين راحوا ضحية اهمال مجتمعاتهم وحكوماتهم . 
 
ويبقى السؤال من هو المسئول عن ارواح هؤلاء الضحايا هل هو المسئول التنفيذى أم هم ضحايا أنفسهم لأنهم رفضوا ترك منازلهم وهم يعلمون انها سوف تسقط عليهم يوما ما 
 
يجيب على هذا التساؤل تصريح صحفى للدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، جاء عقب سقوط عقار قديم فى شرق الاسكندرية  ، حيث قالت أن الحي الذي يتبع له العقار المنهار، مسئول بشكل مباشر عن تنفيذ قرار الإزالة، وأن الحي ملزم بإزالة العقبات التي تقف في طريق تنفيذ قرار الإزالة، والمتمثلة ( فى هذه الحالة ) في امتناع الأسرتين عن الإخلاء وقالت إنه كان لابد من استخدام القوة الجبرية لتنفيذ القرار، وبما أنه لم يستخدمها فهو مسئول بشكل مباشر عن الواقعة.
 
وأوضحت أستاذة القانون، أنه في حالة ثبوت تقصير رئيس الحي في تنفيذ الإزالة، ستوجه له عقوبة القتل الخطأ المسببة، لوجود علاقة سببية بينه وبين موت الضحايا، وعقوبتها لا تقل عن الحبس 6 أشهر ولا تزيد عن 3 سنوات مع الغرامة، في حالة وفاة 3 أشخاص أو أقل، أما في حالة وفاة أكثر من هذا العدد فالعقوبة تصبح مشددة، بحيث لا تقل عن الحبس سنة وقد تصل إلى 7 سنوات.
 
ولاشك ان ساكنى العقارات القديمة والآيلة للسقوط ليسوا بمجاذيب حينما اتخذوا قرارهم بالعيش فى مكان يعلمون أنه قد يتحول فى لحظة واحدة إلى قبر لهم ولأولادهم ، ولكن عدم توفر سكن بديل لهم يجعلهم يرضون بذلك المصير وحتى لا يصبح الشارع ملجأ لهم ، ولو انهم حصلوا على فرصة فى مساكن الايواء فهى فى الغالب بعيدة جدا عن اعمالهم ومدارس أطفالهم ( زاوبة عبد القادر – الكيلو 26  - العامرية  – ابو تلات ) هذا بخلاف كونها فى الغالب تفتقر إلى المرافق وإلى أبسط الحقوق الآدمية وكثير من مبانيها متهاكلة وتعانى من مشاكل فى الصرف الصحى .
 
ولازالت المئات من العقارات القديمة بالاسكندرية تدق اليوم جرس انذار للمسئولين بالدولة حتى يجدون حلا لسكان هذه العقارات المنتشرة فى شوارع  كرموز وكوم الشقافة والمنشية والجمرك واللبان وغيرها ، وحتى لا يلقى سكانها مصيرهم المحتوم ، الذى يبرره البعض بالقدر ، بينما القدر بريئا منهم ومن اهمالهم .