الأقباط متحدون - نقطة الغليان: «سن الثلاثين»
  • ٠١:٠١
  • الجمعة , ٨ فبراير ٢٠١٩
English version

نقطة الغليان: «سن الثلاثين»

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٢٩: ٠٢ م +02:00 EET

الجمعة ٨ فبراير ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

فى فيلم «بنتين من مصر» ذهبت إحدى البطلات «زينة» إلى مكتب زواج وملأت الاستمارة، ومع تزايد ضغط كلمة «عانس»، والرغبة الجارفة فى «ضل راجل»، والإنجاب الذى تقل فرصه بعدما وصلت لنقطة الغليان «سن الثلاثين».. رأينا بطلة الفيلم تتصل من حين لآخر بمكتب الزواج لتتنازل عن بعض شروطها، فتقبل برجل أعزب «مطلق أو أرمل»، أو تتنازل حتى عن الشبكة.. ولم تتزوج واحدة من البطلات عن طريق التعارف عبر الإنترنت أو الخاطبة أو مكاتب الزواج!!.

فقط عانقن جثث الشباب الذين هربوا من جحيم الفقر إلى «عبّارة الموت» فماتوا غرقاً!.

وعادت «الأنثى» إلى المجتمع الذى يحاصرها بنظرات السخرية، ويُحمِّلها مسؤولية العنوسة، ويعتبرها «سلعة منتهية الصلاحية»، وأن عليها أن تخضع لأى شروط مجحفة حتى تتخلص من وصمة العار التى تلاحقها.. رغم أنها لم ترتكب أى ذنب إلا الانتظار فى «محطة ترانزيت» لا تقابل فيها إلا العابرين للحدود!.

وبدون أدنى إحساس بكرامة البنت المصرية، أو وعى بالمشكلات الاقتصادية التى يعانيها الشباب، دشن شاب يُدعى «محمد مصطفى» هاشتاج (#خليها_تعنس)، تصور «محمد» أن حملته السخيفة «للحد من مبالغة الأهالى فى كثرة التكاليف».. فجاءه الرد سريعاً بهاشتاج (#خليك_فى_حضن_أمك).. هكذا أصبحنا نتعامل مع أزماتنا الاجتماعية بـ«الألش والتريقة».. رغم أنه واقع تراجيدى وليس كوميدياً كما يعتقد البعض.

غلاء أسعار السكن وتكاليف الزواج والمهر، والعادات والتقاليد المتبعة جعلت «العريس» متهماً إلى أن يثبت العكس، عليه أن يوقِّع على قائمة منقولات «القائمة» وأن يلتزم بمؤخر الصداق، هذا بخلاف قواعد «المباهاة والتفاخر» التى تتطلب «شبكة ألماس وفرحاً فى فندق خمس نجوم.. إلخ».. ولو نظر الآباء إلى واقع الشباب لوجدوا أن «البطالة» تقيد أى شاب يحلم فى حقه المشروع بتكوين أسرة والإنفاق عليها، وأن «الغلاء» يحطم كل ما تفرضه الأسر لتزويج الفتاة.. لكن بعض الأسر تعتبر الزواج «صفقة»، حتى تتضاءل فرصها وتجلس فى انتظار «الفارس» الذى يُفترض أن يأتى بسيارة آخر موديل!.

الغريب أن كلا الطرفين «ضحية» لواقع اقتصادى خانق.

والأغرب أن الحملة أعقبت حملات مثل: «خلِّيها تصدِّى، خلِّيها تعفِّن» لمواجهة غلاء الأسعار، وهو ما يُعد «تشييئاً للإنسان».. وكأنه جماد لا يشعر ولا يتألم!.

أما دار الإفتاء فقدمت هاشتاج: (يسِّروا خلِّى المأذون يكتب، وحدة الإرشاد الأسرى)، لتقديم حلول عملية للتيسير.. لكن القضية لن تُحل بهاشتاج، نحن نحتاج لنسف ثقافة الشقق التمليك والمساحات الشاسعة والاكتفاء بـ«استوديو» فى بداية تأسيس الأسرة، نحتاج إلى تفعيل شروط وبنود «وثيقة الزواج» التى تحمى الفتاة بدلاً من «قائمة التهديد بالسجن»، نحتاج إلى دفء العائلة المنزلى بدلاً من الفنادق الفارهة لعقد القران.. نحتاج لثقافة المشاركة والتعاون لبناء أسرة بدلاً من وزن «قيراط الألماس».. نحتاج إلى وقفة إنسانية تلغى كلمة «عانس» من قاموسنا لأننا نظلم الفتاة مرتين ونجلدها نيابة عن مجتمع خذلها بأكمله.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع