الأقباط متحدون - القانون لا يعرف «الواد بلية»
  • ٠٩:٢٥
  • الخميس , ٧ فبراير ٢٠١٩
English version

القانون لا يعرف «الواد بلية»

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٥٧: ٠٦ ص +02:00 EET

الخميس ٧ فبراير ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

(مرغم عليك يا صُبح مغصوب يا ليل.. لا دخلتها برِجْليَّا ولا كان لى ميل.. شايلينِّى شيل دخلت أنا فى الحياة.. وبكره ح اخرج منها شايلينِّى شيل..عجبى)! هكذا لخص الفيلسوف الشاعر «صلاح جاهين» علاقته بالحياة، علاقة لم يختَرها ولا جاء إليها بإرادته، جاء بإرادة إلهية ورغبة من أبوين فى «الإنجاب» وإهداء الحياة أرواحاً جديدة قد تكون من التعساء أو من المحظوظين.. لا يهم.. المهم أن يحمل الإنسان لقب «أب أو أم»!! ثم فجأة تنقلب الصورة يصبح «الطفل/الحلم» عبئاً على الأبوين، ومصدراً للتذمر والشكوى من الضجيج والتربية والمصاريف.. أو يطلقون الأطفال للعمل، (دون السن القانونية)، فى الريف وفى ورش النجارة وتصليح السيارات لتولد ظاهرة «الواد بلية» فى كل مكان.. ونحن نطاردهم بجريمة تسريب الأطفال من التعليم واستغلالهم فى أعمال متدنية وبعضها مؤثمة مثل التسول والنشل.. وتضيع ملامح البراءة والطهر من الطفولة! وعلى الجانب الآخر يدفع البعض ثمناً باهظاً ليأتى بطفل إلى الحياة ولو عن طريق «التلقيح الصناعى»، إيماناً راسخاً منهم بأن: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}.. (سورة الكهف: 46).

ولكن فى واقعة غريبة، قرر شاب هندى مقاضاة والديه والتهمة هى «إنجابه من دون موافقته»، وذلك فى إطار حركة متصاعدة تدعو إلى مناهضة الولادة فى الهند تمت الدعوة لها مؤخراً. والمعروف أنه من حين لآخر تظهر دعوات مناهضة للإنجاب، أو ظواهر للانتحار الجماعى.. وهو ما نتعامل معه بثقافتنا الدينية والشرقية دون النظر إلى فلسفة هؤلاء حتى لو كانت مخالفة لمعتقداتنا، أو كانت محرمة مثل «الانتحار أو زواج المثليين»! المهم أن رفائيل صامويل (27 عاماً) وصف، على صفحته فى فيس بوك، سبب معاداته للولادة بأنه أشبه «بالخطف والعبودية»، وذلك على الرغم من أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع والديه إلا أنه يعتقد أن منح الحياة للأطفال «أنانى ومنافق»، على حد وصفه، ويقول «صامويل»، وفقاً لما جاء عبر موقع «مونت كارلو الدولية»: (أنا أحب والدىّ، ولكنهما أنجبانى من أجل متعتهما الخاصة، كانت حياتى ممتازة بشكل لا يصدق، لكننى لا أرى لماذا يجب أن أجبر كائناً آخر على تحمل كوميديا المدرسة والحصول على وظيفة، خاصة عندما لا يختارون أن يوجدوا). ولم يتوقف «صامويل» عند مستوى الرفض الفكرى لقدومه للحياة، بل قرر نشر فكرته التى تعود إلى فلسفة «بوذا»، والعديد من المفكرين «العدميين» ومعظمهم «ملحدون».. وهو ما يجعل «مناهضة الولادة» مرفوضة شكلاً وموضوعاً. ورفض الفكرة أو تحريمها لن يمنعنا من تأملها، نحن بالفعل نتخذ قرار الإنجاب دون «خطة»، ولأننا شعب «متدين بالفطرة» نترك رزقهم ورزقنا على الله. وعندما قررت الدكتورة «غادة والى»، وزيرة التضامن الاجتماعى، تبنى مشروع بعنوان «2 كفاية»، قائم على الاكتفاء بطفلين فقط لكل أسرة لمواجهة مشكلة الزيادة السكانية.. خرجت بعض الأصوات السلفية لتحرم ذلك!! فى النهاية ستجد نفسك فى قلب مشهد عبثى: أثرياء يبحثون عن الإنجاب فيما يسمى بـ«سياحة الإنجاب» التى تزدهر فى إسرائيل، وأسر شديدة الفقر والبؤس تعتبر الأطفال «قوى عاملة» وتأتى بعشرات التعساء لتقتل طفولتهم مقابل حفنة جنيهات، ودولة ضعيفة اقتصادياً تبحث عن مخرج من الانفجار السكانى بشعار «2 كفاية».. وفى الجانب الآخر من العالم شاب هندى يقاضى والديه بتهمه جلبه للحياة دون أخذ الموافقة قبل جلب أى كائن جديد إليها!

الغريب أنك لن تخرج من هذه البلبلة، والتفاوت الطبقى والفكرى، إلا بـ«فتوى».. ستجد آلاف الأسئلة على الإنترنت لمختلف المواقع الدينية: «هل يجوز أن أكتفى بطفل أو طفلين»؟! وستجد المفهوم الشعبى للرزق بأنه «التواكل دون سعى»، وكأن الدين الذى يحث على «العمل» هو نفسه الذى سخره البعض للكسل والتراخى والإهمال.. أو للفساد وتقاضى الرشوة باعتبارها «هبة»! ستجد بعض الرجال، ممن لا يفارقون المساجد، هم أنفسهم من استحلوا «عَرَق النساء والأطفال»، وضربوهم ونكلوا بهم للاستيلاء على أموالهم، ليجلس ويتنطع على المقهى بعدما استحوذ على ثمن «المخدرات».. تلك التى لم يقل له شيخه إنها حرام! إنه شكل آخر من «العشوائية» لم تفرز لنا إلا: (الواد بلية ونساء الشوارع وبيع القاصرات فى سوق «الحوامدية»).. هؤلاء جميعاً من حقهم أن يقاضوا آباءهم لأنهم أتوا بهم للحياة لاستغلالهم بدنياً وإنسانياً.. وهذا عمل غير أخلاقى وغير إنسانى ولا يوجد دين أو شرع يُقره.. فقط هم لا يملكون وعى ولا إرادة «صامويل».. و«مولانا» قرر أن هذا قدرهم وعليهم أن يواجهوه!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع