الأقباط متحدون - لعنة الشهرة
  • ١٧:٠٣
  • الاثنين , ٤ فبراير ٢٠١٩
English version

لعنة الشهرة

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٢٥: ٠٦ ص +02:00 EET

الاثنين ٤ فبراير ٢٠١٩

سحر الجعارة
سحر الجعارة

لم نكن نجوماً ولا من المشاهير، كنا مجموعة أصدقاء، بداخل كل منا «موهبة ما»، ويحمل على جبينه حلماً يسعى لتحقيقه. وكانت صديقتى الصدوقة التى أدعمها، وأخفى عيوبها وذنوبها حتى عن زوجها.. لم أكن أتخيل يوماً أن تتسبب فى طلاقى آنذاك، أو تفسد علاقتى بعائلتى، لتسطو على أول برنامج قدمته فى حياتى، واعتبرتها مجرد حالة كاشفة لحمى النجومية وتوحش البعض للصعود على جثث الآخرين!

مضى أكثر من عشر سنوات وأنا أهمس لنفسى أن أهم ما خرجت به من التجربة أنها «خسرتنى»، وأنها لم تلوث وجدانى لأصبح نسخة مشوهة مثلها.. يُخفى قبحها جراحات التجميل وابتسامة «هوليوود سمايل»، وملابس فاخرة تحصل عليها بالابتزاز «مجاناً» لمجرد كونها «نجمة»!

لم أتعلم الدرس جيداً، كنت مهمومة بإعادة بناء ما دمرته فى حياتى، ربما توغلت أكثر فى عالم البشر هرباً من صدمتى فيها، لكننى كنت أردد دائماً أننا نعمل بمهنة الصحافة والإعلام (بجوار البالوعة)، نعرف جيداً تاريخ العقارب وسم الثعابين.. نعرف من أكل على كل الموائد، ومن تاجر بكل القضايا، نحتفظ بسيناريوهات «الفضائح».. نعرف من كتب الشيك ومن قبضه، من تاجر بالعروبة وثورات الخريف العربى، من سكن فيلا على سبيل الرشوة (من أحد رجال الأعمال)، ومن تربّح من تجميل الفساد، من طاف العالم يتاجر بـ«قضية الأقباط»، أو تولى تجميل «الصهيونية» دعماً لإسرائيل، ومن تاجرت بلحمها لتصل إلى عرش النجومية.. لكننى -بكل أسف- لم أتعظ (!!).

تكررت الصدمة بتفاصيل أعمق وأسوأ. والقضية هنا ليست فى «الزومبى» الذى يتجسد فى هيئة إنسان نهاراً ليعطينا محاضرات فى الشرف والفضيلة والأخلاق، ثم يتحول ليلاً إلى «وحش» يتغذى على دماء البشر.. القضية تكمن فيما أسميه «أمراض النجومية».

القضية أن «الشهرة» أصبحت سلاحاً مسمماً فى أيديهم، وأصبحوا أكثر استبداداً من أى «فرعون».. فهؤلاء تحولوا من حمَلة «حقائب» أو «بلاطى» إلى نجوم خلفهم مَن يصور البالطو ويحمل الحقيبة!

للنجومية «سطوة» أقوى من سلطة المال أو المنصب، فأحياناً تجعل الشهرة النجوم فوق مرتبة البشر، تفصلنا عنهم مسافات من «الرفاهية».

قد يظن أحدكم أننى «محسوبة على المشاهير»، لكننى احتفظت بإنسانيتى طازجة، أدرك حجمى جيداً.. ولا أعرف حتى كيف أتجاوب مع قارئ يتعرّف علىَّ فى مكان عام.

كلماتى هذه مجرد رصد لظاهرة بعض الذين عاصرت مشوار صعودهم بحكم المهنة.. وصُدمت فيهم أو فيهن!.

بكل أسف، أصبح بعض «المذؤوبين» من «كريمة المجتمع».. لكنهم منعزلون خارج «العاصمة»، فى «كمبوند» يحميهم من الغوغاء والبلطجية، فكلما زادت المسافة بينك وبين البيئة الاجتماعية التى نشأت فيها، تعاظم «الغرور» و«تضخُّم الذات»، إلى أن تصل إلى جنون العظمة أو «البارانويا».. وهو علمياً عبارة عن «اعتقاد جازم بفكرة خاطئة وهى حالة نفسية مرضية».. ربما لهذا اعتبر البعض أنه صاحب «الملكية الفكرية» لأحد المصطلحات الشائعة!

لقد رأيت مؤخراً «شخصية شهيرة»، مشكوكاً فى مصداقيتها، قررت أن تسحق شاباً موهوباً بكل ما تمتلك من أدوات ضغط نفسية واجتماعية.. أن تحاربه وتغتاله معنوياً وتحطمه عند أول درجة فى سلم الصعود.. دون أدنى مبرر إلا «تضخم الأنا».

النجومية أحياناً تتحول إلى نوع من «عبادة الذات».. لكنهم إذا نظروا إلى ماضيهم أو نظروا فى المرآة لن يروا إلا أشباحاً ملونة بأصباغ «لاعب سيرك»!.

ولا أتصور أن كل المشاهير قد أصابتهم هذه «اللعنة».
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع