الأقباط متحدون - يوم المسبار
  • ٠٢:٢٥
  • الاربعاء , ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨
English version

يوم المسبار

مقالات مختارة | حمدى رزق

٢٠: ٠٨ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨

المسبار
المسبار

حمدى رزق

 «لكى نطبق العلوم يجب أن نكون جريئين.. وعلينا أن نكون مستكشفين»، انزلقت هذه الكلمات الموحيات على لسان «مايك واتكينز»، مدير مختبر الدفع النفاث بوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» بعد تمام هبوط المسبار «إنسايت» على المريخ فى تمام الساعة 7:53 مساء الاثنين، بتوقيت جرينتش.

ناهيك عن مائة سنة ضوئية تفصلنا عن ركب الفضاء العالمى المغادر إلى المريخ، يوم المسبار كاشف، نحن شعوب، وهم شعوب، شعوب تقصد المريخ صعودا، وشعوب أرضية تقتات خشاش الأرض، الفضاء لشعوب أخرى، جريئة مستكشفة، لا ترهن إرادتها المستقبلية لمؤسسات قاعدة مسترخية تقتات على الكتب الصفراء، وتتملى فى صور الأبيض والأسود فى «نوستالجيا» سقيمة تعزى بها نفسها بعد أن خاصمت التقدم والحضارة.
نحن شعوب تولت يوم الزحف، يوم المسبار، فسبقتها أمم وشعوب، فتذيلت سبق الحضارة وتقوقعت منكبة على آثار السلف الصالح تقيس تقدم العلوم وارتياد الفضاء ومكافحة الأمراض وتمكين البشر من العيش والحرية والعدالة بمازورة ما جاء فى الصحيحين.
 
شعوب جنبت العقل وتعيشت على النقل، ولفت على القعود مخافة الوقوع فى شرك الحرام، مكثت فى مكانها مخافة الذنب والإثم، جامدة، عاجزة، تمتهن الرفض سبيلا وتعزية، شعوب لم تستبطن فضيلة الاستكشاف، والاستكشاف جرأة، كيف تطلب من قعيد على كرسى متحرك أن يهب واقفا يشهد لحظة هبوط المسبار على الكوكب الأحمر، يا لها من لحظة فريدة تزدريها عقول القاعدين.
 
هذه اللحظة التاريخية تعجزنا تماماً، الوصول إلى المريخ ونحن لا نزال على الأرض نحترب حول معنى الشهادة، لحظة تؤرق من كان له عقل يفكر، ولكن أغلبهم لا يفكرون إلا فى التحريم والتفسيق ونصوص المورايث، ركب الحضارة يغادر إلى المريخ، ونحن لإنزال نتحنن على شيوخنا الأجلاء أن يعفو عن كثير، وأن يسلكوا طريق التنوير، وأن يجددوا ما بين أيديهم، وأن يقفوا موقفا مستنيرا، وأن يتحلوا بجرأة استشكاف الآفاق الرحيبة لمقاصد الشرع الكريم.
 
لماذا تخلفنا، لهذا تخلفنا، عندما يسود النقل على العقل، أَفَلَا يَنظُرُونَ، هم ذهبوا إلى المريخ، وسيذهبون بعيدا ونحن ننظر إليهم ذاهلين، كيف هذا، ونحن خير أمة أخرجت للناس، كيف ذهبوا وتولينا، كيف واتتهم الجرأة ونحن قاعدون على قلبها لطالون، وقال قائل منهم مهيب: «اذهبوا إلى المريخ نحن هاهنا قاعدون، وعندما تعودوا سنكون قد حسمنا أمرنا فى أمر النقاب».
 
عفوا، منشغلون تماما بحلاقة شعر صدر محمد صلاح، وحف الشوارب، وحواجب حنان ترك، ونقاب ست البنات مخافة إغراء وإغواء، نحن نخشى فلا تلوموننا، تربينا على الخشية، والخوف، والجبن، وسلمنا ناصيتنا لمن لا يرحمنا، سلمنا تسليما، وقعدنا مخافة الجديد والتجديد، فنحن شعوب من عصور قديمة، تخاضم الحضارة، تمقتها، تفخخها، تنسفها، تنتقم منها، تحقد عليها، الحقد بضاعتنا، والقعود لذيد ومريح، سلم عقلك تسلم وتضمن حورية ذات حسن وجمال.
 
يوم المسبار، يوم رائع من أيام البشرية، هل أحسستم بروعته؟! هل حلق بكم الخيال مع المسبار؟! هل نمتم جيدا والمسبار يهبط على المريخ؟! هل تمليتم ما أصبحنا عليه وأصبحوا هم عليه؟! هل ضج مضاجعكم يوم المسبار؟! هلا خرج علينا مفتيا من بين صفوفكم يخبرنا:  هل وصول المسبار إلى المريخ من علامات الساعة الظاهرة؟
 
وفى الأخير: هل هؤلاء الذين وصلوا إلى المريخ كفار مصيرهم جهنم، هل من أنفق عمره لينقذ الملايين بين ظهرانينا من مرضى فيروس C وهو يهودى سيدخل النار، أستفتيكم هذه المرة فى أنفسكم، هل القاعدون لهم نفس أجر المستكشفين، نحن ها هنا قاعدون، اقعدوا أنى شئتم المسبار وصل المريخ، هل جاء نبأ هذا فى الصحيحين؟
نقلا عن اليوم السابع
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع