الأقباط متحدون - ماسح الأحذيه
  • ٠٧:٢٥
  • الثلاثاء , ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨
English version

ماسح الأحذيه

عبد المنعم بدوي

مساحة رأي

٣٢: ١٠ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عبد المنعم بدوى
لو أنت متابع جيد للمسلسلات والأفلام القديمه ... سيلفت نظرك ممثل جيد أسمه " شفيق نور الدين " ، قام بدور والد " محجوب عبد الدايم " فى فيلم القاهره 30 ... حيث يدخل شقة أبنه يأنكسار وأنفعال شديد ، يصطدم فى الأشياء ، ثم يبدأ فى البكاء عندما يتكشف له الوضع الأجتماعى والأخلاقى لأبنه " محجوب " ، ويقول وهو يبكى " لما يسألونى عن محجوب .. حأقولهم محجوب مات .. وشبع موت " .

على مستوى الشكل الظاهرى ، عم عبده ماسح الأحذيه بشارع صبرى أبو علم ، يكاد يتطابق مع شفيق نور الدين ، فى طوله وشكله وجلبابه ... فهو هادىء ، صامت ، ألا أذا جرجرته فى الكلام ... ساعتها لن يتوقف .

جاء الى القاهره من فقر عائلته فى البحيره ، حيث يعمل والده أجيرا ، ويربى خمسه أولاد أكبرهم عم عبده ... لم يجد أمامه غير مهنة مسح الأحذيه لكى يصرف على نفسه ويرسل الفتات الى اهله فى البحيره ، وصف لى بأسهاب لنومته أسفل سلالم عماره فى وسط البلد بالقرب من مطعم فلفله ... ولكى يتغاضى البواب عن مطالبته بالأجره كان يمسح سلالم العماره مرتين فى الأسبوع ، وينظف سيارة صاحب العماره كل خميس ، وبفضل مجهوده وتفانيه فى عمله فى خدمة زبائنه أستطاع تأجير غرفه فى بولاق الدكرور بالجيزه .

يبدأ عم عبده ماسح الأحذيه يومه بالأستيقاظ مبكرا مع الفجر ، يأخذ الطريق من بولاق الدكرور الى ميدان التحرير سيرا على الأقدام حاملا صندوقه الخشبى ، فيقوم أولا بالمرور على الأدارات والمصالح الموجوده فى مجمع التحرير ، لمسح أحذية المديرين وكبار الموظفين ، ليبدأ بعد ذلك المرور على مقاهى وسط البلد .

بمرور الوقت أصبح على دراية تامه بحكاية كل مقهى فى وسط البلد وزبائنه المترددين عليه ، فهو يرى أن مقهى الحريه بباب اللوق أشهر مقهى فى القاهره ... كان هذا المقهى ملتقى للفنانين والمثقفين أمثال محمد عبد المطلب ، وتحيه كاريوكا ، وبشاره واكيم ، والشاعر الكبير كامل الشناوى ، ومن رواده أيضا رشدى أباظه ، وحسن الأمام ، وأنور السادات ، والمقهى مازال مفتوح فورثته لم يضيفوا اليه جديد ولا تزال مرايا المقهى عليها أعلانات بيره ستلا القديمه .

ونبهنى الى وجود مقهى أخر فى شارع منصور أمام سوق باب اللوق ، وهو مقهى للطهاه أو قهوه للطباخين ... وموقعه يتوسط حى عابدين معقل السرايات الخاصه بالطبقه الآرستقراطيه وشارع قصر النيل وحى جاردن سيتى ..حيث يجلس عليه الطهاه أو الطباخين فى وقت أجازاتهم ، لكى يطلبهم زبائنهم من الطبقات الراقيه لأعداد الولائم لضيوفهم فى سهراتهم الخاصه .

وذات يوم حكى لى عم عبده بفخر أنه مسح حذاء الممثل الغالمى " روبرت تايلور " ، وهو من أهم الأبطال الرومانسيين فى تاريخ السينما العالميه ، وقد منحه خمسون قرشا بعد أن مسح له حذائه أثناء تواجده فى مصر فى ديسمبر 1966 ، فى أثناء تصوير فيلم " أبو الهول الزجاجى " ، والذى شاركته البطوبه فيه النجمه " أنيتا أكبرغ " .

وفى هذه الليله سهر روبرت تايلور سهرة الكريسماس فى كافيتريا الأكسلسيور بشارع طلعت حرب بجوار سينما مترو ، ووقع بخط يده على قائمة الطعام التى أمامه ، والتى كانت تشمل شوربه ساخنه ، وفيليه سمك موسى بالصلصه البيضاء ، وسلطة خضراء بالبيض ، وديك رومى مشوى على السيخ ، والحلو جاتوه بالشيكولاته والمارون جلاسيه ، مع سله من فاكهه الموسم ، ثم فنجال قهوه ... وللعلم كان ثمن كل هذه الوجبه فى ديسمبر 1966 ... جنيهين ( 2 جنيه مصرى ) .... يابلاش !!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد