الأقباط متحدون - عالم بطاطس بطاطس
  • ١٥:١٨
  • الجمعة , ٩ نوفمبر ٢٠١٨
English version

عالم بطاطس بطاطس

مقالات مختارة | رامى جلال

٣٦: ٠٩ ص +02:00 EET

الجمعة ٩ نوفمبر ٢٠١٨

بطاطس
بطاطس

رامى جلال
مرت كل دول العالم بأزمات متعددة، وواجهت تحديات صعبة نتج عنها قصص نجاحات كبيرة وتاريخ كتبته الشعوب وخلدته الأزمنة.. وهذه الأزمات غالباً ما تكون على نوعين: إما أزمات اقتصادية، تستدعى إصلاحاً جذرياً، وإما عمليات محاربة لإرهاب محلى أو دولى.. لكن لا توجد دولة قامت بالأمرين معاً فى الوقت نفسه، كما يحدث مع مصر الآن.

الأزمة الحقيقية المؤقتة الأخيرة لمحصول البطاطس نتج عنها أزمة إعلامية مستمرة مفتعلة حاولت كالعادة تصوير أننا نعيش فى عالم بطاطس. وهو أمر مُضخم يأتى فى إطار محاولات ضخ مشاعر اليأس فى شرايين الناس وإفقادهم الأمل، وتشويه كل ما يمكن البناء عليه لمستقبل أفضل.

البطاطس هى نبات لذيذ الطعم من الفصيلة الباذنجانية، وهى من أكثر محاصيل الخضراوات انتشاراً حول العالم، ويتم منها تحضير أشهر الأطعمة.. لكن فى مصر ما هو أهم من البطاطس، ويمكن لمن يحاول فهم الإطار العام للأمور أن يعرف بسهولة أنه علينا أن نشكر الظروف التى أبقت الإقليم المصرى موجوداً بدلاً من الخوض فى «بكائيات البطاطس».

تحاول مصر إصلاح اقتصادها ومحاربة الإرهاب فى وسط أقل وصف له هو «غير المريح» وأدق أوصافه هو «المُعادى».. فى الشرق من مصر: إرهاب فى شمال سيناء، وإذا تعمقنا شرقاً أكثر سنجد إسرائيل وحالة الحذر والترقب بيننا وبينهم طوال الوقت. (راجع تصريحات الرئيس المصرى ورئيس الوزراء الإسرائيلى فى ذكرى انتصارات أكتوبر الماضية).

فى الجنوب المصرى: دولة السودان الشقيقة بما تحويه من ثقل تنظيمى إخوانى، وإذا تعمقنا جنوباً أكثر سنجد إثيوبيا ومشكلات المياه المعروفة.. فى الغرب من مصر لدينا: ميليشيا ليبيا، وإذا تعمقنا غرباً أكثر سنجد المزيد والمزيد من ميليشيا ليبيا.. وفى الشمال منا: سواحل طويلة ممتدة تحتاج إلى ضبط لمنع عمليات الهجرة غير الشرعية، وإذا تعمقنا شمالاً أكثر سنجد حقول غاز داخل البحر هى مطمع لدول معادية تحميها مصر حتى الآن بقوة الردع.

الحلقة الثانية الأوسع فى المحيط المصرى بها حرب طاحنة فى سوريا وحرب لا منطقية فى اليمن وقراصنة فى باب المندب، مع خطر إيرانى غير مباشر، وأخطار تركية قطرية مباشرة.. أما الحلقة الثالثة الأكثر اتساعاً فبها الجمهورية الروسية التى تعطينا قلبها وتوجه لنا سيوفها (قارن بين حميمية لقاءات قادة البلدين، مع الموقف الروسى المتعنت من عودة سياحتهم، وتذكر موقفهم العكسى من دول أخرى فى مواقف مشابهة).. كما لا ننسى بريطانيا ومواقفها غير المساندة لمصر، وأوروبا كلها وسلبياتها المعروفة.

فى مصر الكثير من الأمور التى تهدد بقاءها من الأساس، وبناء عليه فليس بالبطاطس وحدها يحيا الإنسان، والمقصود بهذه البكائيات كما هو واضح هو ترويع الناس وترويج اليأس.. فإن كان البعض يريد أن يقيس كل الأمور بمقياس البطاطس، فعلينا نحن أن ننتبه إلى ما يحيط بنا من أخطار، وأن نتفهم أننا نعيش فى عالم معقد للغاية، وليس فى عالم بطاطس بطاطس.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع