الأقباط متحدون - إشارة الرئيس حول «العوار الدستورى»
  • ٠٠:٢١
  • الثلاثاء , ٦ نوفمبر ٢٠١٨
English version

إشارة الرئيس حول «العوار الدستورى»

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٥٠: ٠٦ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٦ نوفمبر ٢٠١٨

الخطاب الدينى
الخطاب الدينى

سحر الجعارة
«إن تصحيح الخطاب الدينى أحد أهم المطالب التى تحتاجها مصر».. «تصحيح الخطاب الدينى»، وليس «تجديده». وأضاف الرئيس، فى جلسة «دور قادة العالم فى بناء واستدامة السلام»، فى منتدى شباب العالم الثانى: «مش ممكن يكون مفردات وآليات وأفكار يتم التعامل بها منذ ألف عام، وكانت صالحة فى عصرها، ونقول تبقى صالحة فى عصرنا.. لا يمكن تكون صالحة».

نعم يا سيادة الرئيس، لقد نجحوا فى تشويه صورة الإسلام، وألبسوه ثوباً دموياً، يحلل «أكل الميت إن كان مسيحياً أو يهودياً أو كافراً.. ومعاملة الزوجة المسيحية كالمغتصبة.. إلخ».. وحوّلوا مصر المدنية إلى «كهف ستان»، جماعات منظمة تتولى غسل أدمغة الشباب وحشوها بفتاوى شاذة خارج سياق الزمان، بل ومضادة لما جاء فى القرآن الكريم، وبعد تجهيزهم تسلمهم لتنظيمات إرهابية قاموسها لا يتحدث إلا عن «أهل الذمة وتحصيل الجزية من إخوتنا المسيحيين، واستحلال أعراضهم وأموالهم وتفجير كنائسهم».. دون وازع إنسانى أو فهم لصحيح الدين!

ومن خلفهم تقف «كتائب الحسبة» لتصادر وجود تيار الاستنارة بقانون «ازدراء الأديان»، ويخرج من بين علماء الأزهر من يتولى تكفير الأقباط «علناً»، أما أقصى عقوبة يتلقاها فلا تتجاوز استبعاده من الفضائيات، ليأتى من بعده، أيضاً من ينتمى للمؤسسة الدينية الرسمية، ليتولى نفس الدور، حتى شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» يمتنع حتى الآن عن تكفير تنظيم «داعش».. مما يُعد «شرعنة للإرهاب».. رغم أنه المسئول الأول عن مكافحته!

لقد أصبحت مصر بحاجة لـ«ثورة تصحيح»، لمراجعة التراث الدينى المفخخ بفتاوى لا تمت للإسلام بصلة، ونصوص تمتلئ بها عقول طلبة «التعليم الأزهرى»، يؤمنون بها ويعملون بتعاليمها الدموية حتى لو تعارضت مع القرآن والسنة، وهى نفس النصوص التراثية التى تبرر كل أعمال القتل والإرهاب.

نحن بحاجة إلى إلغاء ازدواجية التعليم «ما بين مدنى وأزهرى»، لأن التعليم هو حجر الأساس فى «بناء الإنسان المصرى»، بحاجة لمراجعة وجود «الأحزاب الدينية» بأذرعها الإعلامية ومقراتها ومصادر تمويلها، لأنها تتعارض مع الدستور الذى وافقنا عليه.. صحيح أن الرئيس «السيسى» أشار إلى أن وجود «دستور به عوار» أفضل من عدم وجود دستور.. لكن مصر تجاوزت تلك المرحلة الحرجة التى تزامنت مع ثورة 30 يونيو، وآن الأوان لتصحيح «العوار».

سيدى الرئيس، ألا ترى أنه لا توجد دولة فى العالم تمنح «منصباً» لإنسان «يخطئ ويصيب» مدى الحياة.. وتحصنه ضد العزل مثل شيخ الأزهر، وهذا عوار دستورى، آن الأوان لتصحيحه، خاصة أن كل أجهزة الدولة تعلم أن الأزهر مخترَق من جماعة «الإخوان» الإرهابية!

قال الرئيس فى نفس الجلسة: «الدولة بقت معنية ببناء كنيسة فى كل مجتمع جديد حتى القديمة، لأن لهم الحق فى العبادة كما يعبد الجميع، ولو احنا عندنا ديانات أخرى سنبنى لهم دور عبادة، ولو عندنا يهود هنبنى لهم، لأن ده حق المواطن فى العبادة كما يشاء، أو لا يعبد لأن ده موضوع مانتدخلش فيه». ورغم الحزن والألم على شهداء ومصابى حادث دير الأنبا صموئيل، فنحن أصبحنا نحترف الحديث عن حقوق المواطنة، والمجلس القومى لمواجهة التطرف، وندشن المقالات عن التسامح ووسطية الإسلام، ومساواة المواطنين «فقط أمام الموت»، ويرفع الكل شعار «الإرهاب لا دين له».. بينما على الأرض نرى ممارسات «داعش» تنتشر وتحرق الأخضر واليابس، لتحصد الأرواح أو تؤسس جماعات «الأمر بالمعروف»، أو تكرس «الكهنوت الدينى»، أو تعتقل المرأة تحت «النقاب» لتحتفظ بمظاهر «الدولة الدينية»!

لقد كتبت مراراً عن «العوار الدستورى»، وعن مفرخة التطرف الكامنة فى مناهج الأزهر، ودافعت كثيراً عن حق إخوتى المسيحيين فى وطن آمن يمنحهم الكرامة قبل حقوق المواطنة.. والآن يقول الرئيس: «لابد من إيجاد آلية جديدة، احنا مابنتكلمش فى تغيير دين، ولكن إزاى تقنع أصحاب العقول والرأى والمعنيين بهذا الأمر إن فيه عنده مشكلة حقيقية فى خطابه وفهمه للدين اللى بيتعامل بيه فى هذا العصر».. وربما أكون قد أشرت إلى بعض هذه الآليات.. بعدما أجهدنا الشرطة والجيش والقضاء بمعارك مفتعلة بين الدولة المدنية وصنّاع «الدولة الدينية».

والآن سيادة الرئيس، «كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيّته».. ولديكم كل الصلاحيات التى تمكنكم من «التصحيح والتغيير».
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع