الأقباط متحدون - أقباط مصر.. أحباب النبى
  • ١٩:٠٣
  • السبت , ٣ نوفمبر ٢٠١٨
English version

أقباط مصر.. أحباب النبى

مقالات مختارة | د. محمود خليل

١١: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٣ نوفمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د. محمود خليل
أحب النبى (صلى الله عليه وسلم) المصريين كما لم يحبهم عربى. فقد عرفهم عن قرب من خلال «مارية» التى احترم دينها وقوميتها، وكذلك الملك الذى يحكم قوميتها: «المقوقس»، واعتبر قومها من المصريين أخوالاً للعرب «أهل رحم»، وكانت وصيته (صلى الله عليه وسلم) بالمصريين من آخر وصاياه قبل أن يلقى وجه ربه الكريم: «استوصوا بقبط مصر خيراً»، لكن يبدو أن عرب الجزيرة لم يلتفتوا إلى هذه الإشارة وغيرها كما كان يتوجب عليهم. لم يلتفت هؤلاء -وكذا لم يفعل المؤرخون العرب- إلى حديث النبى الذى يرويه «ابن عباس» وفيه: «لما ولدت مارية، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أعتقها ولدُها». ولو أننا وضعنا هذا القول إلى جوار ما حكيته لك بالأمس من أن جبريل (عليه السلام) هو الذى كنى النبى بـ«أبوإبراهيم» فمعنى ذلك أن النبى تزوج «مارية» بقول اللسان ووحى السماء.

من غير الموضوعى ألا يصنف المؤرخون وكذا المعاصرون «مارية» ضمن زوجات النبى وأمهات المؤمنين (رضى الله عنهن)، فقد كانت كذلك، وكانت أم ولده «إبراهيم» الذى حزن النبى على وفاته حزناً كبيراً تسجله كل كتب السيرة، وارتجت المدينة لوفاته، حتى ردد أهلها: «كسفت الشمس يوم مات إبراهيم» فردهم النبى إلى عقولهم بقوله: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته». أحب النبى كل ما أتاه من مصر حتى «العسل» الذى أرسله إليه المقوقس ضمن ما أرسل من هدايا راقه (صلى الله عليه وسلم) حتى دعا فى عسل بنها بالبركة. النبى تزوج من مارية وأحب أهلها من قبط مصر، وآخر وصية له قبل أن يموت تعلقت أيضاً بما جاءه من مصر، فعندما سُئل صلى الله عليه وسلم: فيم نكفنك؟ أجاب: «فى ثيابى هذه أو فى ثياب مصر». ويذكر «ابن عبدالحكم» أنه كُفن فى ثياب مصر.

لم يفهم عرب الجزيرة هذه الإشارات، ولم يتعاملوا مع أهل مصر بعد الفتح بما لهم من مكانة عند النبى (صلى الله عليه وسلم)، ففرضوا عليهم الجزية، وأرهقوهم بالخراج، واعتبروا مصر شاة تدر لهم حتى أهلكوا ضرعها. الوحيد الذى استوعب مكانة المصريين عند النبى هو سبطه وحفيده الحسن بن على (رضى الله عنهما). يقول «ابن عبدالحكم»: «إن الحسن بن على كلم معاوية بن أبى سفيان فى أن يضع الجزية عن جميع قرية أم إبراهيم لحرمتها، ففعل ووضع الخراج عنهم، فلم يكن على أحد منهم خراج، وكان جميع أهل القرية من أهلها وأقربائها». هكذا كان الحسن الوحيد الذى استوعب موقع «مارية» من النبى، ومكانة المصريين عنده، وهى مكانة لم تكن تخص أهل قرية «مارية» فقط، فأغلب الظن أن الحسن أوصى برفع الخراج عن قبط مصر جميعاً، لأنه كان يذكر جيداً قول جده (صلى الله عليه وسلم): «استوصوا بقبط مصر خيراً». فالكلام يشمل قبط مصر كلهم، لكن العرب كان لهم موقف آخر من المصريين أحباب النبى (صلى الله عليه وسلم).
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع