الأقباط متحدون - وكيل الأزهر: وصف الإرهابيين بالخوارج والبغاة تخفيف لا يستحقونه
  • ٠٧:٠٩
  • الاثنين , ٢٨ مايو ٢٠١٨
English version

وكيل الأزهر: وصف الإرهابيين بالخوارج والبغاة تخفيف لا يستحقونه

أخبار مصرية | الفجر

٢٤: ٠٧ م +02:00 EET

الاثنين ٢٨ مايو ٢٠١٨

الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر
الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر

قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، إن ما تحدثه الجماعات الإرهابية من إرعاب وتدمير وتخريب وسفك لدماء الأبرياء يجعل الغضب الكامن في صدور الشرفاء المستنكرين لهذه الفظائع التي يرتكبها هؤلاء المجرمون، يدفع كثيرًا منهم إلى الوقوع في أخطاء علمية عند التحدث عن هؤلاء المجرمين، ولعل ما يدفعهم إلى الوقوع في هذه الأخطاء هو البحث عن أشد الأوصاف لهؤلاء الأشرار جزاء ما يرتكبونه من جرائم، لكنهم لا يدركون أنهم بهذه الأوصاف يخففون عنهم من حيث يريدون تحقير شأنهم والتشدد في وصفهم.

وأضاف "شومان"، خلال محاضرته بكلية التدريب والتنمية بأكاديمية الشرطة، أن من هذه الأخطاء أن يوصَف هؤلاء الإرهابيون بأنهم خوارج أو بغاة أو خارجون عن ملة الإسلام، فهذه الأوصاف وإن كانت في ظاهرها تبلغ المنتهى في النيل من هذه الجماعات المجرمة في ظن الناطقين بها، فإنها في الحقيقة تخفيف لا يستحقه هؤلاء المجرمون؛ فوصفهم بخوارج العصر أو البغاة غير دقيق، وهو تخفيف لا يستحقونه، ذلك أن البغي له معنى معين وضوابط محددة في الفقه الإسلامي، فهو الخروج عن طاعة ولي الأمر ورفض الاعتراف به، ولا يوصَف البغاة بذلك إلا إذا تحقق في شأنهم جملة من الشروط، أهمها: امتلاكهم شبهة قوية في الظاهر يجعلونها دليلًا لخروجهم على ولي الأمر، كشبهة الخروج على سيدنا علي حين قَبِلَ تحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص بينه وبين معاوية - رضي الله عنهم جميعًا - حيث رأى الخارجون عليه أن في ذلك مخالفة لكتاب الله عز وجل الذي يقول فيه: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ).

ويُشترط كذلك أن يكون للخارجين على ولي الأمر قوة ومِنعة تمكِّنهم من قتال جيش الحاكم الذي خرجوا عليه، وأن يكونوا متحيزين بمكان ما يسيطرون عليه ويمنعون الحاكم ومَن معه من دخوله أو إنفاذ قوانينه فيه.

وأكد وكيل الأزهر أن المتابع لجماعات الإرهاب المتعددة المنتشرة في بلاد العرب والمسلمين، بل في العالم شرقه وغربه، لا يرى اكتمال هذه الشروط فيها، فكل جماعة من هذه الجماعات يتوافر فيها بعض هذه الشروط وينتفي عنها بعضها الآخر، ومن ثم فلا يصح إطلاق وصف الخوارج أو البغاة عليهم، فضلًا عن أنه يمنحهم تخفيفًا لا يستحقونه أصلًا.

وأشار عباس شومان إلى أن وجه التخفيف الذي يترتب على وصف هؤلاء المجرمين بالبغاة أو الخوارج، أن للبغاة في شريعتنا أحكامًا معينة، منها أنهم لا يقاتَلون ما لم يبدءوا هم بالقتال، حتى لو أعلنوا خروجهم على الحاكم، وامتلكوا القوة وتحيزوا، وهذا ما فعله الإمام علي مع الخارجين عليه حين كانوا يعرِّضون به كلما رأوه قائلين: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)؛ حيث قال لهم: (كلمة حق أريدَ بها باطل، لكم علينا ألا نمنعكم مساجد الله ولا نبدؤكم بقتال).

وهناك ضابط آخر في قتال الخوارج، وهو أنه إذا كان قتال، فإنه يبدأ متدرجًا من الأخف إلى الأشد، فإن كان شرهم وخطرهم يندفع بالوعظ والإرشاد وتصحيح فهمهم للشبهة أو الشبهات التي جعلتهم يرفضون طاعة الحاكم، فلا يجوز قتالهم، وإلا فتهديدهم باستخدام القوة، فاستخدامها استخدامًا متدرجًا من الضرب إلى الإصابة بالجروح والكسور دون الإجهاز على الجريح منهم بالقتل، ودون إتباع المدبر الذي يفر من ساحة القتال، فإن لم تنكسر شوكتهم إلا بالقتل جاز القتل.

ومن ثم، فإن التعامل مع الخوارج أو البغاة إنما هو لكسر شوكتهم وإضعافهم وليس لإفنائهم؛ فالبغاة في نظر الإسلام - مع بغيهم - فريق من المسلمين ليس مطلوبًا القضاء عليهم وإنما كف شرهم ومنع أذاهم متى أمكن ذلك، فالله سبحانه أثبت في قرآنه صفة الإيمان للفئة الباغية، يقول الله عز وجل: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا)، فوصف المولى تعالى الطائفتين المتقاتلتين بالمؤمنين ولم يجردهم من الإيمان، ولا أظن أن مَن يصفون الإرهابيين بالخوارج أو البغاة يرضيهم هذا النوع من التعامل مع هؤلاء المجرمين!

وأوضح وكيل الأزهر أنه في بعض الأحيان يصف بعض الناس هؤلاء المجرمين بالكفر، رغبة في مجازاتهم بخستهم وحقارتهم، لكن الكفر وإن بدا في ظاهره وصفًا ينال منهم، إلا أنه في الحقيقة قد يمكِّنهم من الإفلات من العقوبة إذا ما أمسك بهم رجال الجيش أو الشرطة وأحيلوا للمحاكمة؛ حيث يمكنهم قبل النطق بالحكم عليهم إعلان توبتهم ونطقهم بالشهادتين، وهنا يلزم القاضي الحكم ببراءتهم؛ لأن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، ولا أظن أيضًا أن المطالبين بتكفيرهم يريدون أو يقبلون إفلات هؤلاء المجرمين من العقاب بهذه الحيلة!

وحدد وكيل الأزهر التوصيف الشرعي اللائق بهؤلاء الإرهابيين والذي لا ينبغي أن يوصفوا بغيره، هو أنهم محاربون لله ورسوله، أو مفسدون في الأرض، أو قطاع طريق. وإنما كان وصف الإرهابيين بالمحاربين لله ورسوله المفسدين في الأرض هو الوصف المناسب لهم؛ لأنه الوصف الذي يمكِّن من التعامل مع هؤلاء الإرهابيين بما يتناسب وهول الجرائم التي يرتكبونها، ويفوِّت عليهم فرصة الإفلات من العقاب بأي حيلة كانت؛ لأن مجرد اجتماع المفسدين وعزمهم تنفيذ جرائم ضد الآمنين يجيز البدء في التعامل معهم كمجرمين وإن لم يرتكبوا جرائم بالفعل، وإذا ما ثبت لهم وصف الإفساد في الأرض، يحق للقاضي عندئذ أن يُنزل بهم أشد عقوبة وردت في شريعة الإسلام دون نظر لنوع الجرائم التي ارتكبوها.

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.