الأقباط متحدون - مزارعون عن فساد 500 فدان طماطم: التقاوي مضروبة
  • ٠٨:٤٦
  • الأحد , ٩ سبتمبر ٢٠١٨
English version

مزارعون عن فساد 500 فدان طماطم: "التقاوي مضروبة"

أخبار مصرية | الوطن

٣٣: ٠٩ م +02:00 EET

الأحد ٩ سبتمبر ٢٠١٨

أرشيفية
أرشيفية

 بالتزامن مع جني العُروة الأساسية لمحصول الطماطم، والذي بدأ في شهر أغسطس الماضي، انتشر فيروس "تجعد أوراق الطماطم واصفرارها" المعروف علميًا باسم  "TYLCV"، متسببًا في إصابة مئات الأفدنة من المحصول في محافظات "كفر الشيخ، البحيرة، الدقهلية، الفيوم، المنيا"، خاصة التي استخدمت بذورًا من صنف "023"، والتي طُورت وهجنت وجرى استيرادها خصيصًا كي تقاوم هذا الفيروس، إلا أن ما حدث خيب آمال المزارعين ويهدد بشكل مباشر سوق الطماطم التي لا يستغنى عنها أي بيت مصري، في ظل انتشار التقاوي المغشوشة والمُقلَدة، وفقًا لنقيب الفلاحين حسين أبو صدام.

 
الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، أكد في تصريحات لبرنامج "مساء دي إم سي"، عبر فضائية "دي إم سي"، إصابة النبات بمرض "تجعد الأوراق"، واضفًا إياه بمرض فيروسي ليس له علاج، مشيرا إلى أن التقاوي جرى شرائها من إحدى شركات القطاع الخاص، والفلاحون لهم الحق في طلب تعويضات منها.
 
"الوطن" يرصد في السطور التالية آراء بعض مزارعي الطماطم الذين استخدموا صنف "023" في محافظات مختلفة..
 
المهندس السيد حتاتة، 43 عامًا، ورث زراعة الطماطم عن عائلته التي تمتلك 30 فدانًا في محافظة كفر الشيخ، بدأ تجربته مع صنف "023" المقاوم لفيروس تجعد الأوراق واصفرارها " TYLCV"، وكانت تجربة يصفها حتاتة بالمُثمِرة حتى وصل إنتاجها 100%، ليعاود الزراعة مرة أخرى هذا العام، ويشتري نفس الصنف من نفس الشركة المُنتِجة ويزرعها للزراعة في العُروة الصيفية التي تستمر من يونيو حتى أغسطس وهي فترة صعبة مناخيًا، حيث يكون النبات عُرضة للأمراض ما يتطلب احتياطات مُعينة، دعمه في اختياره حملة دعائية قوية أعلنت فيها شركة قطاع خاص عن صنف عالي الجودة ذو صلابة عالية وعقد حراري ومُبكرة أي يتم جمع ثمارها بعد 56 يومًا فقط من الزراعة، هذا بالإضافة إلى التركيز في غلاف المنتج على فكرة أن البذرة مقاومة لفيروس "TYLCV".
 
جاء وقت الحصاد ليتفاجأ حتاتة، أن أرضه لم تأت بمحصول يضاهي حتى البذرة العادية بعد أن تكلف الفدان الواحد من 40 إلى 50 ألف جنيه، بعد أن كبرت أشجار الطماطم تجعد الورق ولم تتفتح الأزهار وبعض الحقول لم تنتج سوى 10% من إنتاجها الطبيعي.
 
بذور مخزنة
 
في البداية لم يشكو حتاتة، لأنه ظن المشكلة فردية إلى أن لاحظ أن الشكوى جماعية، وحاول التواصل مع الشركة التي استشهدت بحقول قليلة العدد على مستوى الجمهورية كان إنتاجها جيدًا وبعد تواصله معهم تبين أن البذور التي استخدموها في الزراعة هي بذور مُخزَّنة لدى المزارعين منذ العام الماضي، لتنحصر المشكلة فيما استوردته الشركة للعام الحالي.
 
وتقدم ما يزيد عن 400 متضرر بتحرير أكثر من 400 محضر رسمي ضد الشركة في واقعة يراها حتاتة غير مسبوقة في العقد الأخير أن يتقدم هذا العدد من البلاغات ضد شخص أو هيئة واحدة، والتي تبين أن شحنة بذور هذا العام التي استوردتها الشركة كانت مختلفة المصدر سواء من الصين وتايلاند والبرازيل بخلاف السنوات السابقة التي كانت بذور يابانية، ما أدخل الشك في نفوس المزارعين.
 
ويتابع حتاتة أن أحد المزارعين كان قد زرع 105 أفدنة من صنف "023" في حين زرع 5 أفدنة بصنف "85" ومرَّ الصنفان بنفس الظروف البيئية والمناخية لأنهما متجاورتان وقدم لهما نفس الرعاية، ليأتي وقت جمع المحصول ليُنتج صنف "85" العادي إنتاجية طبيعية خالية من الفيروس، بينما الصنف المتطور جينيا كي يقاوم فيروس هذا الوقت من العام كان مُصابًا بالفيروس بشكل كامل.
 
ويطالب المهندس السيد حتاتة بضرورة التدخل حيث أنها تُعد من وجهة نظره بمثابة قضية أمن قومي، ستظهر نتائجها بعد أن يمر الوقت الفاصل بين تداول ثمار العروة البدرية والعروة الصيفية التي ستجد وقتها الأسواق بلا طماطم بعد أن خسر 90% من مزارعي الطماطم محصولهم بعد أن تعرضوا لغش تجاري، على حد قوله.
 
أما محمد بركات الذي يزرع الطماطم منذ أن أنهى دراسته في عام 1996، وراثًا قطعة أرض تبلغ مساحتها 35 فدانًا في وادي النطرون، كان من أوائل من استخدموا صنف "023" منذ 5 سنوات عندما أهدته الشركة عينات على سبيل التجربة، وقد كانت تجربة ناجحة قام على إثرها بزيادة المساحة من 20 فدانًا إلى 35 فدانًا هي كل ما ورث عن والده ليزرعها بنفس الصنف هذا العام.
 
بدأت زراعته لهذا العام بتقسيم الأرض في أوقات مختلفة هي 10 و 16 و 20 يونيو كان من المفترض أن يبدأ جني محصوله الأسبوع الماضي على التوالي، وحتى الآن لم يجد بركات ثمرة واحدة كي يجمعها في الـ35 فدانًا بسبب إصابتها بفيروس تجعد واصفرار أوراق الطماطم.
 
"في الصنف العادي كنت بضطر أرش الأرض يوم ويوم علشان الفيروس ومع 023 اللي زرعتها السنين اللي فاتت كان الرش بيبقى كل أسبوع مرة ولكن السنة دي في الأول كنت برش كل يوم بس بعد كدة بقيت أرش في اليوم مرتين".. هكذا يحكي بركات آملًا في أن تأتي الأرض ببعض من محصولها كي تغطي تكلفة الإنتاج العالية، أما بعد أن تأكد أن الوضع عام فأصبح لا يقوم بشيء سوى بعض الأعمال الزراعية مثل رَي الأرض حتى يبقي المحصول فيها حتى تأتيه المعاينة التي سيثبت بها حقه عندما تحكم له المحكمة بالتعويض، حيث حرر محضرا منذ أسبوعين في قسم وادي النطرون ووكل محاميين ضمن فريق إدارة الأزمة من بعض المتطوعين من أهالي المتضررين.
 
"زاد الطين بَله" هكذا وصف بركات منفعلا ما فعله مالك الشركة عندما نشر على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك منشورا يعرض طريقة تقترح وضع بعض مكونات قد تساعد في علاج المرض ولكن بعد تجربتها لم يصل بركات إلى شيء سوى أنها تكاليف إضافية، ليضيع حلم مرور عربات تحميل طماطم التصدير التي كانت تختار بعض من محصول أرضه كي يسافر لخارج مصر.
 
يزرع المهندس الزراعي واستشاري زراعة الخُضر، إبراهيم الوكيل الطماطم في السادات في ظروف مناخية تتصف بارتفاع درجة الحرارة ووجود الذبابة البيضاء التي تنقل الفيروس مما جعله يستخدم البذور المستوردة من الخارج كي تتناسب مع عُروة الطريق الصحراوي، وبناءً على تجاربه السابقة وبناءً على ما نشره مالك شركة التي استوردوا منها البذور في أبريل الماضي عن وجود بذور فاسدة في السوق، فاختار الوكيل أن يتعامل مع الشركة التي أدخلت صنف "023" إلى السوق وأثبت جودته الأعوام السابقة، ليجد بعد تجربة الصنف حدوث تغيرات في الصفات الوراثية أدت إلى انحداره فلم يعد مُقاومًا للحرارة ولا للفيروس.
 
وتابع الوكيل أن ما حدث هذا العام، ينقل صنف "023" من دائرة صنف مقاوم وثابت وراثيا تعرض للإجهاد الحراري ومسببات الأمراض وأعطى محصول إنتاجي يصل إلى 95%، إلى صنف غير مقاوم وغير ثابت وراثيا تعرض للإجهاد فلم يكمل دورة حياته ولم يعطِ أي إنتاج.
 
أما أحمد فريد عمارة الذي يزرع طماطم مع عائلته منذ كان طفلًا، كان أول من حرر شكوى في قسم البساتين والمحاصيل الزراعية بوزارة الزراعة يوم 24 يوليو، لتزوره لجنة مشكلة من الوزارة أول أغسطس ولتعطي تقريرها في 6 أغسطس الذي يؤكد إصابة الطماطم بالفيروس.
 
لم يكن حتاتة وبركات والوكيل وعمارة فقط من زرعوا هذا الصنف المستحدث، فقد شاركهم مزارعون لحوالي 500 فدان تم فحصهم بصفة مبدأية، وفقا لتقرير مركز البحوث الزراعية الذي حصلت عليه "الوطن" من خلال نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، ويوضح التقرير إصابة العينات التي جرى فحصها بالكامل بالفيروس، مما يعني خسارة ما يزيد عن 20 ألف طن طماطم حتى الآن وفقا لأحد المزارعين الذي ذكر أن متوسط إنتاج الفدان 40 طنًا، حيث أن أعداد المتقدمين ببلاغات في ازدياد يوميًا.
 
"الوطن" تواصلت مع الدكتور السيد السيد وجيه، أستاذ الفيرولوجي والبيتكنولوجي بأمراض النبات جامعة الإسكندرية، ليشرح أن مرض تجعد أوراق الطماطم واصفرارها هو مرض مستوطن في مصر منذ عشرات السنين ينتقل من النبات المريض ومن حقل إلى آخر من خلال حشرة "المَن Aphids"، وقد تكون العدوى من الخارج إذا كانت إجراءات الحجر الصحي غير منضبطة.
 
ويضيف: تتغذى الحشرة الناقلة على عصارة النبات ومن ثم تتجعد الأوراق وتبدا في الاصفرار بعد أن تتكسر صبغة الكلوروفيل الخضراء وهي العنصر الأساسي لإتمام عملية التمثيل الضوئي فتقل كمية الغذاء لينتهي النبات وتنتقل لنبات آخر سليم وتبدا عملية هجوم جديدة بإخراج لعابها الملوث بالفيروس وتحكم سيطرتها على النبات وينتهي الحقل والحقول المجاورة.
 
"الإصابة إذا كانت متوَزعة في الحقل في شكل بؤر عشوائية يكون السبب هو البذرة أما إذا كانت منتشرة في اتجاه الرياح من أطراف الحقل إلى داخله فإن الإصابة تكون بسبب الحشرة من حقول مجاورة".. هكذا أكد وجيه مُرجِحًا فكرة أن البذور قد تكون هي مسبب المرض في الموسم الحالي بنسبة كبيرة وخصوصًا بعد أن نما إلى علمه صدور تقرير عن مركز البحوث الزراعية يفيد إصابة النبات بالفيروس بعد فحص 500 فدان من أماكن متفرقة.
 
وتابع وجيه أن إصابة البذرة يصل إلى نسبة 10 بذور من كل 1000 بذرة، وعلى الرغم أنها نسبة ضعيفة إلا أنها خطيرة تتسبب في نقل المرض للحقل كله والحقول المجاورة في أسابيع قليلة، فلا ينتج الحقل ثماره.


تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.