الأقباط متحدون - تاسوني ڤيرينا الثمرة الطيبة
  • ١١:٥٦
  • الخميس , ٩ اغسطس ٢٠١٨
English version

تاسوني ڤيرينا الثمرة الطيبة

أندرو اشعياء

مساحة رأي

٢٣: ١٢ م +02:00 EET

الخميس ٩ اغسطس ٢٠١٨

 تاسوني ڤيرينا الثمرة الطيبة
تاسوني ڤيرينا الثمرة الطيبة
بقلم: أندرو أشعياء
على شاطئ الحب توجد نيران تُلهب وتلتهب.. تُلهب مَن ذابوا عشقًا وتلتهب مِن صدق مشاعر حامليها .. على نفس الشاطئ وقفنا بالأمس نودع جمرة من شذرات الحب التي بُعثت بعطف داخلنا؛ نودع إنشودة الأمانه.. إنشودة من حملوا الفقر (الإختياري) والآلم والمرض والتجارب في صدورهم بعزةٍ دون انكسار، وكان رجائهم غير مخزي. نودع البهجة اللطيفه المسكينة الراقية. نودع اجزاءًا منا معهم .. 
 
بالأمس حلمت أن أحدًا يُبلغني خبر إنتقالها، وكنت أتساءل بسذاجة "يعني ايه؟ يعني خلاص؟ طيب والمركز الإعلامي؟ وخدمتها؟ و... "، وأرى صورتها تذهب وتجئ في هذا الحلم الغريب، ثم إستيقظت منزعج وأنا أحاول أن أقنع نفسي أن هذا الخبر مجرد فأل سئ! 
 
إعتدلت وجلست على سريري، وقلت لنفسي أن الحلم صار حقيقة بالفعل!، وعلى عقلي الباطن أن يكف عن تلك الألعاب المؤلمة، كمن يعبث بجرح مفتوح بأصابعه فما يزيده إلا وجعًا وهو يظن أنه يداويه ..
 
بالحق يا أمي لقد كانت نفسكِ مُكرسة ببتولية كاملة للعريس السماوي، التي جَعَلت وجهكِ يشِّع بضياء الطهارة الأخَّاذ، فكانت تنبعث منكِ إشعاعات الحب التي تثير فضول السائلين لمعرفة سر ذاك الجمال الذي يفوق ليس جمال الوجوه بل يفوق ضي الشمس في لمعانه.
 
وجهكِ الباسم كان يلمع بلمعان وجه شمس البر، عيونك لا تُرى إلا ّمنحنية كالتي تَرى ما لايُرى، وكأنها فريدة في ما تنظر، عميقة في ما تبصر كعمق البحر وكصفاء السماء، وكسكينة ضوء الشمعة في قلب مغارة الصحراء.
 
ليتك يارب تعطينا من خزائنك الفائضه عمق وبساطة من سبوقنا؛ إذ كيف وسط الآتون شاركتهم ولم يكن عزائهم إلا فيك.. ليتك يارب تهبنا أن نرتشف ولو قليلًا من إخلاصهم وعزوفهم عن كل ما هو لا يرضي صلاحك، وعاشوا مكروبين مُذلين وسط آلامهم ولكنك رفعتهم بعدما إحتملوا بفيض شكر؛ فمن يرفع البائس ويُجلسه مع رؤساء شعبه إلا أنت .. هم لم يضجوا الشوارع والأروقه وقاعات الالحان بعذوبة أصواتهم، لم يهزوا أعتاب الكنائس من قوة وعمق واستنارة كلماتهم وخدمتهم، ولم يصنعوا آيات وعجائب بل كانوا أعجوبة وسطنا! عاشوا في قناعة ورضى وسَروا بكل ما نالوه من محن وتجارب؛ بل كانوا كصخرةً لنا في بحر وكمظلة لنا وشجرة نستظل تحتها.. هم يارب بالأحرى كانوا كطيف النسيم الذي يدخل في خفيةٍ ليخرج سريعًا أيضًا في خفيةٍ ولا يترك إلا عبقًا ورائحة زكية .. 
 
مثلهم مثل من صدّوا طياشة وشهوانية العالم، وعاشوا حياة إنجيلية مثل كواكب تردّ كثيرين إلى البر، وأشعّوا قداسة ومحبة وأدبًا وفرحًا وسط قبح ظلمة واكتئاب مرارة هذا العالم... شاهدين لروح التعزية والصبر الإنجيلي، مِلْحًا للأرض ونورًا للعالم، وإن كانوا فقراء ومعوزين، لكنهم امتلكوا الكنوز وربحوا ملكوتًا لا يتزعزع؛ فالطوبَى لهم لأن روح الله والمجد حل عليهم ..
 
ليتك يارب تحفظ آنين كل البشر ولتصبغه بنبرات شكر فيصعد إليك كتعبير حب، لتحفظه كما حفظت دموع عبدتك في زق عندك حتى إخترتها وقبلتها لتسكن في ديارك 
 
حقا يارب أبنائك هم من يضعون أفكارهم فيما هو فوق ويتأملون في العلويات مزدرين بالأمور السفلية. يرسلون كنوزهم إلي حيث لا يوجد مخاطر ولا سوس أو لصوص. ينتظرون انتقالهم من هذا العالم إلي المدينة (السمائية) مدينة الأبرار. يتعبون أنفسهم في أرض رحيلهم دون أن يرتبكوا أو ينهمكوا (بالقلق) في بيت حبسهم. ترتفع وجوهم يومًا فيوم إلي حيث قد أستودع آباؤهم. وإذ هم في العالم كمحبوسين وكرهائن (للرب) محفوظين لذلك ليس لهم راحة إلي النهاية في هذا العالم ورجاؤهم ليس هاهنا .. 
 
لقد صارت له هذه الأم أنية كرامة تحمل حضوره في صمت الحب الذي لا يتكلم كثيراً، لكنه يشفي، يحب، يضمد، يداوي، يعصب ينحني ويغسل ويحضن. لقد ملأتي الغربة بألاسرار، ومخدعكِ بغموض يكسوه راحه!
 
حتمًا إنها ثمرة تفاعلها مع الله والوصية .. استريحي أيتها البشوشة الطاهرة فهذا هو دأب الأطهار يباركون الأرض ثم يعودون سريعًا ...
 
الكلمات المتعلقة
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد