الملك فاروق يروي لحظات الرعب على يد رجال نجيب
أخبار مصرية | الصفحة الرسمية لموقع الملك فاروق الاول - فاروق مصر
الاثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٨
يقول فاروق الأول في حديثه للصحفي نورمان برايس في العام 1953 ( أدركت أن قصر المنتزه أصبح هدفا للطائرات ويتحتم مغادرته على الفور ، إضافة إلى قناعتى بأنه إذا كان قدرى أن أموت بالرصاص فأنا افضل أن يكون ذلك فى الإسكندرية ، فلم أكن أريد أية شائعات بعد موتى بأننى انتحرت . و هكذا قطعنا المسافة بين المنتزة و قصر رأس التين بأقصى سرعة هروبا من الدبابات والعربات المصفحة ، كنت أريد أن يعبر ابنى هذه الشوارع حيا ، وليحدث ما يحدث بعد ذلك ، فجلست و توليت قيادة العربة بنفسى و إلى جانبى طيارى الخاص حسن عاكف مسلحا بمدفع رشاش ، و فى الخلف جلست ناريمان و ابنى و المربية الإنجليزية "ان تشير سايد" و نجحت فى تفادى دورية صادفتنا و انحرفت بالسيارة سريعا و وصلنا قصر رأس التين . كان من الصعب جدا آنذاك استيعاب فكرة استيلاء حفنة من المتمردين على الجيش بأكمله ،
و كان من الصعب على أيضا إعطاء أوامر بإطلاق النار على رجال يرتدون نفس الزى الرسمى الذى أرتديه ، و هكذا وقفت فى الشرفة مترددا ، و بهذا التردد ارتكبت خطأ كاد أن يكون قاتلا لأننى سمحت للمتمردين بالدخول إلى الدائرة الخارجية لدفاعاتنا و التقدم لمسافة مائة و خمسين مترا ، و فجأة و دون تحذير و من الخلف أطلق ضابطان النار من مدفع رشاش صغير ، و من المعلوم عسكريا أن الإنسان لايستطيع رؤية وميض المدفع الرشاش إلا إذا كانت فوهته موجهة إليه مباشرة ، فرأيت هذا الوميض المباغت ، فأمسكت ناريمان من شعرها و جذبتها على الأرض حتى شعرت أن أحجار المبنى تكاد تهوى فوقنا ، و فجأة أطلق أحد حراسى صيحة ألم إثر إصابته بطلقة أدمته و أعجزته ، و ما أن رأيت هذا المشهد حتى أصابنى الرعب و الهلع على بناتي ، فانبطحت أنا و ناريمان أرضا ثم زحفنا إلى الخلف و قد بدت ناريمان شاحبة الوجه شعثاء الشعر من أثر التراب المتساقط فوقها من الحائط المتهالك ، و حمدت الله أن بناتى مازلن أحياء ينطلقن كالأرانب البرية ، لكنهن لم يبكين أو يبدين أى علامة من علامات الخوف إلا بعد انتهاء المعركة و اكتشافهن أن كلابهن و فرس فريال العربى قد قتلوا بواسطة رجال نجيب بلا أدنى مشاعر إنسانية ،
فكان لابد من تبادل النيران ، و قد أظهرت فرقتى السودانية مهارة فائقة لم أشاهدها فى حياتى ، و حانت الفرصة و أصبحت فى وضع يتيح لى تصويب مسدسى نحو رجال نجيب ، فأنا حاصل على الشهادة الدولية لأساتذة الرماية و لكن نفسى لم تطاوعنى بالقتل ، و لكنى أصبت رجلا فى ساقه ، و أحد حاملى المدافع الرشاشة فى كتفه لكنها كانت عملية مقززة لم أسعد بها ، و سرعان ماتطورت الأمور فحاصرتنا قواتهم و قطعت خطوط التليفونات فى سنترال الإسكندرية و لم يعرفوا مثل البريطانيين عندما حاصروا قصرى عام 1942 أننى أحتفظ دائما بخطى تليفون سريين لمثل هذه الطوارىء ، و على الفور بدأت بالاتصال بعلى ماهر رئيس الوزراء و أخبرته بما حدث فأصابته الدهشة و القلق حيث فوجئ بتطور الأحداث ، و خاصة أن رجال نجيب لم يخبروه بنواياهم فى الهجوم على القصر ، و طلبت منه أن يفعل أى شىء إيجابى ، و أسرعت بالاتصال من جانبى بسفير الولايات المتحده "كافرى" و شرحت له الأحداث بصورة موجزة و طلبت منه تكريس كل جهوده و نفوذه لإنقاذ حياتي و حياة عائلتى ، فطمأننى بقوله : أنه سيقيم الدنيا و يقعدها فى سبيل تحقيق طلبى لكنه أضاف : قد يأخذ الأمر بعض الوقت فعليك أن تكافح بنفسك حتى لايباغتك الوقت .
فى تلك اللحظات العصيبة راودتنى أيضا فكرة الاتصال بالإنجليز لكننى أحجمت على الرغم من وعود ويليام سلم بإمكانية الاعتماد على معاونته فى حالة وقوع مشكلات و مخاطر شخصية إضافة إلي أن قواتهم كانت قريبة بصورة تمكنها من التدخل الفورى ، إلا أننى أقلعت عن فكرة الاستعانة بالإنجليز نهائيا ، و لم أجد لدى أى رغبة فى إنقاذ حياتى على أسنة القوات الأجنبية على مرأى من شعبى ، و كان التدخل الدبلوماسى هو الحل الوحيد أمامى . )