الأقباط متحدون - الإيرانيون يتوقون إلى الثقافة الأوروبية
  • ٠٦:٠٩
  • الاثنين , ٢ يوليو ٢٠١٨
English version

"الإيرانيون يتوقون إلى الثقافة الأوروبية"

١٨: ٠١ م +02:00 EET

الاثنين ٢ يوليو ٢٠١٨

فليب فالتي، ظل سفيرا لسويسرا في طهران لفترة طويلة.
فليب فالتي، ظل سفيرا لسويسرا في طهران لفترة طويلة.

في الوقت الذي يؤدي فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني زيارة رسمية إلى سويسرا يومي 2 و3 يوليو الجاري، يوضح سفيرٌ سويسري سابق في طهران العلاقة المُعَقَّدة بين إيران والغرب، وكيفية تغيير الإتفاق النووي الدولي الذي وقعته الدول الكبرى مع إيران الحياة اليومية للجمهورية الإسلامية - وسبب إعتبار رئاسة دونالد ترامب كارثية على المنطقة.

كان فيليبَّ فالتيرابط خارجي سفير سويسرا في إيران في الفترة من 2004 وحتى 2008. وفي مقابلة أجرتها معه مجلة "شفايتسَر إلوستريرته" Schweizer Illustrierte السويسرية الأسبوعية (الصادرة بالألمانية في زيورخ)، يتذكر الرئيس الحالي لغرفة الاقتصاد السويسري ـ الإيراني، محاولات سويسرا نَزع فتيل الصراع في إيران، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة ما قبل ولاية أوباما تسعى إلى العكس.

 سيد فيلتي، متى كنت في إيران آخر مرّة؟
فيليبَّ فالتي: كان ذلك في شهر فبراير الماضي، بصفتي رئيساً لغرفة التجارة السويسرية الإيرانية، في الاجتماع الأول للُجنة المُشتركة. وقد كان هذا الإجتماع جيداً جداً.

 حَول ماذا دار هذا الإجتماع؟
فيليبَّ فالتي: كان يتعلَّق بتنفيذ اتفاقية التجارة مع سويسرا - التي شارَكتُ في تأسيسها. وهذا يذكرني بحادثة مضحكة! فعندما كنت أمارس رياضة التزلج في سويسرا في عام 2005 - وكنت حينئذٍ سفيراً لبلادي في طهران - تلقيتُ مكالمة هاتفية من بَرن، طُلِبَ مني فيها الإتصال بـ جوزيف دايس، وزير الاقتصاد آنذاك. وبهذه المناسبة، أوَدُّ أن أشير إلى أن وسائل الإعلام لم تُقَدِّر هذا الرجل حَقّ قدره على الدوام! وكان الأمر يتعلَّق بالإتفاق المذكور مع إيران. وقد سألني دايس حينها ما إذا كان ينبغي عليه توقيع هذا الإتفاق أم لا.

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدّث إلى وسائل الإعلام في طهران يوم 21 مايو 2018.

وبالرغم من وجود اعتراضات داخلية على توقيع سويسرا للإتفاقية، لكني نَصَحتُ دايس بالتوقيع، وهو ما كان يَدور في خَلِده هو الآخر على ما يبدو. لكن، وبِسَبَب العقوبات التي فُرِضَت ضد إيران، اختفى هذا الإتفاق في أحد الأدراج. وعَقِبَ رَفع العقوبات الإقتصادية الأميركية على إيران في عام 2016، تم التصديق على الإتفاق أخيراً. والشيء الواضح أن إيران مُهتمة بالتجارة مع سويسرا.

الآن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فَرض العقوبات على النظام الإيراني. ما الذي يعنيه ذلك؟
فيليبَّ فالتي: هذا القرار يَحظر المشاريع التجارية مع إيران ويُعاقب من يقوم بإبرامها. وهو مُوَجَّه للعالم بأسره - ولكنه يَخُصّ في المقام الأول الدول الأوروبية المُوَقِّعة على الاتفاقية: بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا والاتحاد الأوروبي.

ما يُريده ترامب من قراره هذا، هو إثبات بأن من يَحكُم العالم هو الولايات المتحدة. أن هدفه من وراء هذه العقوبات هو عَزْل إيران اقتصادياً. ومن لا يُشارك في ذلك، سوف يُعاقَب. هذه مُمارسة وَقِحة للسلطة لا مثيل لها! وكان مِثل هذا الإستفزاز قبل 150 عاماً سيكون بِمَثابة إعلان حرب.

يَدَّعي ترامب أن إيران تَعمل على بناء قنبلة نووية في السر.
فيليبَّ فالتي: هذا مع أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكَّدَ على تجميد إيران لبرنامجها النووي. هذا دَرسٌ لكيم جونغ أون: إذا كانت لديك القنبلة النووية، فقد لا تحظى بشعبية، لكن بَلَدَك لن يَتَعَرَّض للهجوم. لذا لَنْ يقوم زعيم كوريا الشمالية بِنَزع السلاح النووي في بلاده أبداً.

 كُنتَ سفيراً لسويسرا في إيران من عام 2004 وحتى عام 2008. ما هي ذكرياتك حول هذا البلد؟
فيليبَّ فالتي: ذكرياتي هناك جيدة جداً! لقد عِشتُ في منزلٍ جميلٍ جداً في طهران، وهو لَمْ يعُد قائماً اليوم للأسف. لقد أثَّرَت العقوبات سلباً على الوضع الإقتصادي في إيران وجعلته يسير من سيء إلى أسوأ. وقد شَعَر الإيرانيون بأنهم يتعَرَّضون للإستبعاد، فهم - وعلى عكس كوريا الشمالية - يعرفون العالَم.

عندما إنتُخِب الرئيس روحاني لأول مرّة في عام 2013، أدرَكَ بأن عليه أن يَعمَل من أجل تحسين وضع شعبه، وبأنه لن يكون قادراً على تحقيق ذلك دون رَفع العقوبات؛ وهذا لن يحدث إلا من خلال تقديم تنازُلات في المجال النووي. وهذا ما كان عليه الاتفاق.

 هل تعاونتَ في أتمام هذا الإتفاق النووي التاريخي؟
فيليبَّ فالتي: في البداية، قُمتُ بتَرتيب ومُواكبة المُحادثات التي جَرَت بين مايكل أمبول - كاتب الدولة في وزارة الخارجية السويسرية آنذاك، بتكليف من وزيرة الخارجية ميشلين كالمي رَي - والوَفد الإيراني التفاوضي.

لقد كان دور سويسرا مُميزاً دائماً، وهذا بسبب المصالح الأمريكية - وليس البرنامج النووي! لقد كّنا نعمل واضعين في ذهننا التالي: هناك تهديد بنشوب صراع، ونحن نريد المساعدة في نَزع فتيل الأزمة. لكن الأمريكيين كانوا يريدون هذا الصراع، ويَرغَبون بِفَرض المَزيد والمزيد من العقوبات.

محتجون في سوق بطهران ينددون بتدهور الحياة المعيشية في إيران.

 حتى جاء أوباما، وتم التوصلإلى الاتفاقية النووية، وتخفيف العقوبات بالتالي في عام 2015!
فيليبَّ فالتي: نعم، لكن ذلك حَدَث بعد إنتهاء مَهامي كسفير لسويسرا في طهران!

 كيف غَيَّرَت الاتفاقية النووية إيران؟
فيليبَّ فالتي: لا شك أنها أحدثت إنفراجاً في الوضع. على صعيد الشارع مثلاً، خَفَّفت النساء من إلتزامهن بقوانين اللباس الرسمي، كما تغيرت مشاعر الناس أيضاً. وقد قال العديد من أصدقائي: سوف تصبح الأمور أسهل الآن.

 لماذا تناصر بلداً يَعتَقل فيه نظام الملالي مُنتقديه ويَقمَع أي نوع من الحرّية على شبكة الإنترنت؟
فيليبَّ فالتي: أنا أدافع عن شعب من 80 مليون نسمة لديهم حضارة تمتد إلى 2500 سنة. وهو شعب لطيف جداً وقريب منا عقلياً وثقافياً.

 في أي مجال هو قريب منّا؟
فيليبَّ فالتي: الإيرانيون شعب هِنْدِيّ-أُورُوبِيّ في بيئة ليست هِندِيّة - أُورُوبِيّة. وهذا واضح من لغتهم الفارسية. إنهم يتعاملون مع جذور ولواحق الأفعال والكلمات الهندية - الأوروبية. الإيرانيون يحبّون أوروبا ويفكرون بالطريقة الأوروبية. لكنهم - ولسوء الحظ - يُحَبّون أمريكا أيضاً.

 على الرغم من تعامل الولايات المتحدة معهم بهذا الشكل؟
فيليبَّ فالتي: هذا هو الغريب في الموضوع. فمن جهة، لديك شعب يحلم بأمريكا ليلاً ونهاراً. ومن جهة أخرى، لديك حكومة تُمارس خطاباً مُناهضاً للولايات المتحدة. في بقية أنحاء الشرق، نجد أن الولايات المتحدة مكروهة من قبل الشعوب، لكن الأنظمة هي من يَتَحالف معها.

 هل يؤدي قرار ترامب إلى تعَزيز نظام الملالي في إيران؟
فيليبَّ فالتي: المساجد في إيران شُبه فارغة. وقد أصبح الناس في ظِلِّ حكم الملالي، أكثر علْمانية من أي وقت مضى.

 ماذا يقول رجال الأعمال السويسريون الناشطون في إيران؟
فيليبَّ فالتي: إذا كانوا يريدون حماية شركاتهم في الولايات المتحدة من ترامب، فسوف يتعين عليهم وقَف أعمالهم التجارية في إيران.

في ضوء ذلك، ألَم يَعُد بالإمكان إذن تَسليم القطارات الـ 120 لشركة "شتادلر ريل" السويسرية العائدة للسياسي ورجل الأعمال بيتَر شبوهلَر إلى طهران؟
فيليبَّ فالتي: لا أعلم ما يفعله بيتَر شبوهلَر. بإمكانه أن يتخلى عن العمل مع الولايات المتحدة. لكنه قام بإنشاء مصنع هناك أيضاً. لذا فإن وَقع هذا القرار يؤثِر عليه بشكل خاص. في الواقع، فإن الشركات الوحيدة التي تمتلك فرصة، هي تلك التي لا يتعين عليها الاختيار بين السوق الأمريكية والإيرانية. وهذه ليست كثيرة في بلادنا.

 ألا يتعين أن يقوم وزير الاقتصاد يوهان شنايدر-آمان ووزير الخارجية ايناتسيو كاسيس بالتدخل مع ترامب الآن؟
فيليبَّ فالتي: في الوقت الحالي، لا تتمتع صناعة التصدير السويسرية بِحُرية التنفيذ. وتبقى الأنظار مُسَلَّطة على الخطوات التالية التي ستتخذها الحكومات الأوروبية والاتحاد الأوروبي. لكن سيكون من الخطأ أن لا يفعل المجلس الفدرالي شيئا، ويتوقف عن رعاية العلاقات الثنائية مع إيران.

 هل تستطيع سويسرا من الناحية الثقافية على الأقل، أن تترك أثراً في إيران؟
فيليبَّ فالتي: إن إيران تتوق إلى الثقافة الأوروبية. وبإمكان سويسرا أن تُقَدِّم الكثير من الإلهام من الناحية الثقافية. إن القيام بمبادرات ثقافية بوصفك سفيراً في إيران هو شيء جميل، وقد إستَطَعتُ فِعل الكثير. حينما كنتُ أنظِّم حدثاً في إيران، كان الجميع يحضرون ويأتون معهم بأبن عمهم أو خالتهم. ومع أن الجميع كان يأتي مُتأخراً عن الموعد بساعة، لكنهم كانوا يأتون في النهاية.

 في هذه الحالة، ينبغي أن يذهب وزير الثقافة آلان بيرسيه إلى إيران!
فيليبَّ فالتي: باستطاعته على الأقل تشجيع القطّاع الثقافي للقيام بشيء ما. وهذا َنطَبِق على المجال العلمي كذلك. فهنا أيضاً توجد لدينا روابط عديدة مع إيران. لكن حتى هذا التعاون الثقافي إنتهي مرّة ثانية، مع قيام شركة "آي بي أم" (IBM) بِمَنع الطلاب الإيرانيين في سويسرا من استخدام مختبراتها للتكنولوجيا المتقدمة. وكل هذه الإجراءات تحت الموقف الذهاني الذي يرى بأن كل طالب إيراني يدخا إلى هذا المختبر سوف يخرج ويبني سلاحاً نووياً.

إيران، إسرائيل، المملكة العربية السعودية: الشرق الأوسط عبارة عن برميل بارود. هذا يُخيف الناس، حتى في سويسرا.
فيليبَّ فالتي: لقد أدى قرار ترامب [بالإنسحاب من الإتفاق النووي] إلى تفاقم الوضع في الشرق الأوسط بشدّة. وهو بتصرفه هذا، يُبقي على مخزون إرهابي ناشط في المنطقة. يجب أن يخاف الجميع، بما فيهم الأمريكان. على المدى القصير، سوف تتضرر جميع الأطراف المُتأثرة بهذه العقوبات. وعلى المدى الطويل، تدفع أمريكا الثمن.

 ما هو هذا الثمن؟
فيليبَّ فالتي: لا يوجد هناك يوجد بلد لا يُخلِص للإتفاقيات التي يَعقدُها مثل الولايات المتحدة، وليس هناك شريك تحالف لا يُمكن الاعتماد عليه مثل الولايات المتحدة. هذا دَرسٌ للعالم. وسوف يكتشف كيم جونغ أون ذلك أيضاً. لهذا السَبَب يتعين على الأوروبيين أن يجددوا طريقة تفكيرهم الاستراتيجي.

 ما هي السُمعة التي تتمتع بها سويسرا في إيران؟
فيليبَّ فالتي: إنها تتمتع بسمعة رائعة! لدينا ألطف الناس، وأفضل الآلات، وأفضل العلوم، ونحن الشعب الأكثر سخاءً. نحن أرض الأحلام!

 هذا على الرغم من أننا نمثل مصالح الولايات المتحدة منذ عام 1980 في إيران؟
فيليبَّ فالتي: نعم، والحكومة الإيرانية سعيدة للغاية لقيام سويسرا بتمثيل هذه المصالح!

إلا يمكن أن يدفع هذا الدور بترامب لأن يَغُض الطرف عن سويسرا بعض الشيء؟
فيليبَّ فالتي: لا، لا أعتقد ذلك.

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.