الأقباط متحدون - في مثل هذا اليوم...الجيش المصرى بقيادة ابراهيم باشا يدخل مدينة عكا بعد حصار دام 6اشهر
  • ١٦:٣٣
  • الأحد , ٢٧ مايو ٢٠١٨
English version

في مثل هذا اليوم...الجيش المصرى بقيادة ابراهيم باشا يدخل مدينة عكا بعد حصار دام 6اشهر

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٥٦: ٠٨ ص +02:00 EET

الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٨

ابراهيم باشا يدخل مدينة عكا بعد حصار دام 6اشهر
ابراهيم باشا يدخل مدينة عكا بعد حصار دام 6اشهر

 فى مثل هذا اليوم 27 مايو 1832م..

سامح جميل
معركة دارت بين الجيش المصري والحامية العسكرية لمدينة عكا والتي كان قوامها حوالي 6000 مقاتل بقيادة ضباط أوروبيين، ورغم حصار المصريين لها إلا أن أسوارها المنيعة جعلتها تقاوم مقاومة عظيمة فقام الجيش المصري بإمطارها بعدد كبير من القذائف بلغ عددها حوالي 50 ألف قنبلة وحوالي 203.000 قذيفة ليقتحم بعدها المصريون الأسوار وتدور معركة ضارية بين الطرفين انتصر فيها المصريون وأسروا فيها والي عكا وتكبد الطرفان في هذه المعركة خسائر فادحة حيث فقد الجيش المصري 4500 قتيل وخسرت حامية عكا 5600 قتيل.
 
لم يكن الاستيلاء على عكا بالأمر اليسير ، فهي التي وقفت صامدة أمام عبقرية نابليون وعزيمته ، وهي التي يدافع عنها الآن عبدالله وهو رجل صارم القلب ثابت الجنان . فقد مرت أشهر أمام شجعان إبراهيم باشا ولم تسقط في أيديهم . ولم تكن منعتها هي الصعوبة التي قاومت قائدها فحسب بل كانت للخطة التي انتهجها الباب العالي مانعا . فقد كان السلطان يصب على إبراهيم اللعنات ، ويسلط عليه سيلا من فتاوي شيخ الإسلام . فمن ذلك أنه أصدر خطا شريفا يرمي فيه مصر بالمروق ثم تبعه في مايو 1832 بفرمان شاهاني بتجريد محمد علي وإبراهيم وإباحة دمائهما . وهذا – ولامرية – له أثره على الروح المعنوية للمدافعين . وكان السلطان قد أعلن الحرب رسميا على محمد علي في 23 إبريل .
 
عاد إبراهيم باشا بعد أن اطمأن للموقف العسكري في الشمال إلى عكا في 27 مايو 1832 ، وحمل علهيا حملة صادقة أشرف عليها بنفسه – وكان إذا حمى وطيس القتال في مكان طالعته فيه يخوض غماره . وكان يتطلب من ضباطه أن يكونوا مثله صناديد يرهبون الموت . وطالت المعركة واشتد سعيرها .

فلما أذنت الشمس بالمغيب ، حمل إبراهيم على المدينة حملته الأخيرة . ولكن أبدى المهاجمون لدى مغيب الشمس من ضروب الجسارة والإقدام مثلما أبدوه في أول النهار ، ودافع عبدالله
 
وقد وصف مستر سنت جون استيلاء إبراهيم باشا على عكاء وصفا مسهبا تلخصه فيما يلي : في صباح يوم 26 مايو عام 1832 ، دعا إبراهيم باشا إلى خيمته كبار ضباط القوات المهاجمة ، من قادة وأميرالايات وقادة كتائب ، وأصدر إليهم أوامره تتضمن الآتي : اللواء أحمد المنكلي يتوجه بلوائه ومعه الكتائب الأولى من الآلاي الثاني المشاه للهجوم على برج (قبو برجي – قلعة الباب) . الكتيبة الثانية المشاة تهجم الثغرة المقابلة للنبي صالح . الكتيبة الثالثة المشاة بقيادة عمر بك تهاجم الثغرة المعروفة بالزاوية . وعينت قوة احتياطية من الكتيبة الرابعة (الآلاي الثاني) تحت الثغرة الأولى لمساعدة إحدى القوات السابقة المهاجمة عند الحاجة . وصدر الأمر إلى كتيبة من الآلاي العاشر بقيادة أميرالاي للوقوف تحت الثغرة الثالثة للغرض المتقدم . وصدر الأمر إلى كتيبة أخرى بنقل السلالم ، قبيل الساعة الأولى بعد منتصف الليل إلى الخندق الواقع بجانب قبو – يرجى ، وبأن تكون هناك على استعداد للهجوم . وزود القائد العام – فيما عدا ذلك – كل قائد بالتعليمات الخاصة به .
 
ومن تحصيل الحاصل القول بأن استيلاء إبراهيم باشا على عكا قد وضع حدا نهائيا للجفوة الناشبة بين محمد علي وعبدالله . كما أثار موجة من الاغتباط في وادي النيل ، حيث أقيمت الزينات ثلاثة أيام متواليات .
 
واشتغل المهندسون العسكريون بحفر الخنادق المتعرجة وإقامة متاريس قريبة من الأسوار ونصب المدافع ، وأتموا جل هذه الأعمال في غمار الظلام ، بينما كانت نيران المدفعية تنصب باستمرار على المدينة .
 
وفي فجر 27 مايو ، عقب شروق الشمس ، صدر أمر القائد العام بالهجوم ، واستمر القتال كما ذكرنا طيلة اليوم . وفي المساء سقطت عكا في قبضة المصريين .
 
ومن ثم جاء أعيان عكاء يلتمسون الرحمة – ولما كان دائما من شيمة الشجاع تعظيم الشجعان – فرأى إبراهيم باشا في فلول الجيش المنهزم أعداء له يفخر بمحاربتهم – فلم يسعه إلا أنه يؤمنهم على أنفسهم وأموالهم ، وبلغ منه ان سمح لهم بأن يحتفظوا بأسلحتهم .
 
أما عبد الله نفسه فلم يعد بأكثر من تأمينه على حياته لكنه تلقاه بما هو خليق بمقامه كوزير من وزراء الدولة من الحفاوة .
 
وكان طبيعا أن يعمل الجند النهب في عكا ، مثلما يفعل زملاؤهم في الشرق والغرب ، قديما وحديثا ، رغم ما أصدره إبراهيم باشا من الأوامر . انطلق الجنود في المدينة ينهبون محتوياتها ، بيد أن النظام لم يلبث أن أعيد في صباح اليوم التالى . وبذل القائد الكبير كما ما في وسعه ليكفر عن خروج الجند عن النظام ، وكان مما فعله أن أذاع بين الناس أن كل من فقد متاعه سيرد إليه إذا وجد ، وأمره جنوده أن يعيدوا كل ما كان في حوزتهم من الأسلاب .
 
ومكث ابراهيم باشا في بعلبك يرقب حركات الجيش العثماني مخافة ان يعاود كرة الهجوم، لكنه ما لبث ان علم ان عثمان باشا انفذ يطلب المدد من الاستانة، وهذا دليل على ضعف مركزه، ولما كان المدد لا يمكن ان يصل الا بعد شهرين اذا اعجله الباب العالي، فقد اطمأن ابراهيم باشا من هذه الناحية، وعاد الى عكا وشدد الحصار عليها من البر والبحر، وساعده في ذلك العرب والدروز والموارنة الذين أتوه طائعين.
 
حمل ابراهيم باشا على المدينة واخذ يرمي سورها بالمدافع القوية، وما زال الضرب مستمرا حتى تصدع السور وفتحت فيه ثغرتان كبيرتان واخرى صغيرة، وعندئذ صمم ابراهيم باشا على مهاجمة المدينة بجيشه وحدد للهجوم يوم 27 مايو سنة 1832.
 
ففي صباح ذلك اليوم حملت الجنود المصرية على الثغرات الثلاثة، فاستولوا على اثنتين منها، وتردد الجنود الذين قصدوا الاستيلاء على الثغرة الثالثة ولقوا مقاومة شديدة، فارتدوا الى الوراء، فلما ابصر ابراهيم باشا ارتدادهم بادر الى نجدتهم بجزء من الاحتياطي وتقدم هو الجنود شاهرا سيفه، فدبت الحمية في نفوسهم وعادوا الى الثغرة فاقتحموها، ودار قتال استمر حتى المساء، ودافعت الحامية دفاعا مجيدا، وابدى الفريقان شجاعة كبيرة الى ان عظمت خسارئ الحامية، وكلت عن مواصلة الحرب، فطلب عبد الله باشا التسليم وسلم المدينة في مساء ذلك اليوم.
 
وبذلك انتهى حصار عكا بتسليمها للجيش المصري بعد ان استمر ستة أشهر، وقد وقعت بالفريقين خسائر فادحة، فبلغت خسائر الجيش المصري اربعة آلاف وخمسمائة قتيل، وخسرت الحامية 140 قتيل، وهي خسارة تدل على شدة ما احتمله الفريقان، فلا غرو ان كان لفتح عكا دوي عظيم تجاوب في الخافقين، فان عكا هي التي امتنعت على نابليون منذ نيف وثلاثين سنة وعجز عن فتحها وارتد عنها خائبا، فانتصار ابراهيم باشا في فتحها هو صفحة مجد وفخار للجيش المصري.
 
ومن الواجب تقديرا للحقيقة ان ننوه بان العقابت التي اعترضت نابليون في حصار عكا كانت اشد وابلغ مما اعترض الجيش المصري، فان نابليون حاصر عكا من البر، وكان الاسطول الانجليزي يدافع عنها من البحر ويمنع مواصلات الجيش الفرنسي من هذه الناحية، ولم يجد نابليون امامه سوى طريق الصحراء الشاق، فانقطع عنه المدد، بينما كان الجزار يتلقى المدد والمؤونة والذخيرة بحرا، أما الجيش المصري فقد عاودته العمارة المصرية من البحر، فكانت المدينة في حصار محكم برا وبحرا، ففضلا ان ان ابراهيم باشا كان على اتصال مستمر بثغور مصر وساحلها بواسطة العمارة المصرية، واستطاع ان يتابع الحصار ستة أشهر كاملة، فابراهيم باشا كان من هذه الوجهة اكثر توفيقا من نابليون، على أنه لا يغرب عن البال ان ما ابداه الجنود المصريون، من الجلد والصبر على مكاره القتال، وما امتازت به قيادتهم من الدربة والكفاية، كل ذلك كان له الفضل الاكبر في ذلك الفتح المبين.
 
وقد كان لسقوط عكا تاثير ابتهاج عظيم في مصر فاقيمت الزينات في القاهرة ثلاثة أيام متواليات.
 
اما عبد الله باشا والي عكا بعد ان سلم نفسه تلقاه ابراهيم باشا بالحفاوة والاجلال، وارسله الى الاسكنردية حيث احسن محمد علي مثواه واسكنه في قصر خصص له ، وحقه بالرعاية والاكرام.
أما خسائر المصريين في معارك حصار عكا فهي :
الجرحى القتلى 1 قائمقام 1 قائمقام 1 بكباشي 2 قائد أورطة 2 قائد أورطة 3 صاغ 3 صاغ 8 يوزباشي 3 يوزباشي 47 ضابط 15 ضابط 1368 جندي 489 جندي المجموع1430 ..
 
وكان هذا النصر أحد أعظم الانتصارات التي حققها الجيش المصري لأن عكا استعصى فتحها على أعظم القادة العسكريين في التاريخ وهو نابليون بونابرت في وقت سابق...!!