الأقباط متحدون - «كاميليا» ليست أختك
  • ١٤:١٥
  • الجمعة , ٢٠ ابريل ٢٠١٨
English version

«كاميليا» ليست أختك

مقالات مختارة | عادل نعمان

٣٣: ١٠ م +02:00 EET

الجمعة ٢٠ ابريل ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

قال أحدهم يوماً إن أخوة الدين أقوى من أخوة الدم، وأخوة العقيدة أشد وأبقى، وتسبق أخوة الأصلاب والأرحام، وأن المسلم فى إندونيسيا أقرب إلى المسلم المصرى من جاره المسيحى، وأن بيته فى أقصى الكرة الأرضية أدنى وآمَن وأبرك من بيت غير المسلم فى بلده، حتى لو كانا فى بناء واحد، والجدار مشترك فيما بينهما، وإذا تصدع أو مال شردهما، وإذا هُدم كشف سترهما وسرهما وحياءهما معاً، وأصبحا نهباً ومشاعاً للآخرين، على اعتبار أن هذا المسلم الإندونيسى فى آخر الكرة الأرضية سوف يجيره وينقذه قبل أن يجيره وينقذه ابن البلد من غير دينه، ويلحقه ويدركه من الأذى ومن الضرر إذا ألما به، ويطوله فى لحظة البرق بيديه الطويلتين المقبلتين على صاروخ، أو على ظهر أحد من الجن قبل أن يرتد إلى المسلم طرفه، فيصله ويبلغه قبل أن تصل يد الجار المسيحى، حتى لو كان الباب على مسافة اليد الواحدة إذا طرقه، وعلى مسافة السمع إذا نادى عليه.

بل لقد وصل الأمر بهم إلى أن أجازوا لهذا المسلم أن يصبح رئيساً أو وزيراً فى دولة الإسلام عن المسيحى المتعلم الخبير ابن البلد، فهو أحق بهذا المنصب وأجدر منه، فالولاء والمحبة والتكريم للمسلم وليس لغيره، والبراء والعداوة والخلاص والهجر لغير المسلم، وهذا هو تفسيرهم لـ«الولاء والبراء»، وكان هذا بداية الانشقاق بين أبناء الوطن الواحد، جار ورفيق وابن البلد وأصلها ومستقرها، لا يستحق الأخوة وعزيزة عليه وهو الأولى والأحق، وغريب يحل محله فى المحبة والأخوة ميسرة له لا نراه ولا نألفه، فأصبح الاثنان أغراباً فى وطن واحد، تفصلهما أميال وفراسخ وهما بين جدارين، أو متلاصقان فى الجامعة أو العمل، يأكلان من طعام واحد ويشربان من مياه واحدة، ويسلكان طريقاً واحداً، ويتشابكان فى الموت دفاعاً عن الوطن.

ووقعنا فريسة أكذوبة ورثناها من الجهلاء، وورّثها الجهلاء إلى الأجهل منهم، لا تفصل بين أبناء البلد الواحد والدم الواحد والعرق الواحد فقط، بل تؤصل للعداوة والبغضاء والكره، وتبنى جدران المقاطعة والغربة بينهم، وتفتح أبواب الثأر بين طرفين، كان الآباء والأجداد إلى عهد قريب متحابين ودودين أشقاء لم يشهد شاهد بينهم بخصومة أو نزاع، حتى وصلت المصيبة إلى حد تحريم السلام والكلام، أو التهنئة بالأعياد، و منعهم من أداء صلواتهم، حتى كانت كارثة الكوارث ومحنة المحن، وغريبة الغرائب، وهى هذه الأخوة البديلة التى تتفوق على أخوة الدم والأصلاب والأرحام، وهى كما قلت من أكاذيب التراث، فكانت حكاية «أختى كاميليا»، ولا أنسى أننى ضحكت فيها ضحكاً كالبكاء، وحسبتها وغيرى نكتة، أو قلة عقل، أو تفاهة، ولم أكن أتخيل أنها متأصلة وثابتة فى عقول خربة، حين وقف أحدهم بلحيته أمام باب الكنيسة، مكتوب على جلبابه القصير وصدره المنفوخ «عاوز أختى كاميليا» وهى لا تعرفه ولا يعرفها، «ولا أعرف عاوزها ليه»، «وأخته منين»، وهى لو رأت صورتها على كرشه الوارم هذا، لفرت منه كما تفر الغزال من الثعلب.

من هؤلاء الذين ينسبون لأنفسهم أمومة بلا حمل أو ولادة أو رضاعة أو سهر، أو ينسبون لأنفسهم أبوة بلا حضن أو رباط أو عناق أو تربية أو أمان أو حنان أو عز، أو ظهر يحمل صغيره على أربع؟ أو ينسبون لأنفسهم أخوة بلا لعب أو طريق أو رفيق أو تراحم أو تفاهم أو أسرار لا تكشف ولا تسر.. أيظنونه سبياً وملك يمين وإماء وجوارى؟ هل خبلوا؟ أو أصابهم الهطل والخرف؟ حتى يكذبوا ويدلسوا، فلا أمومة سوى أمومة الأم، ولا أبوة أسمى من أبوة الأب، ولا أخوة أرقى من أخوة الشقيق، أما غير ذلك فهو نفاق ورياء وسهوكة وتفسير خاطئ، ومخالفة واضحة للفطرة والخلق، فليست الأخوة فى الدين تسبق أخوة الدم وتتفوق عليها، هذا طريق وذاك آخر، ولا أتصور أن رجلاً شاباً أو كبيراً، أو فتاة غيرت دينها وعقيدتها تغير أمها وأباها وأختها، ولو كان الأمر كذلك ما أقدم أحد منهم على هذا الأمر، أو ضحى بأمه وأبيه وأخيه، أو يبيع واحداً منهم بدينه، جديداً كان أو قديماً، وإلا فقد وجب أن يتنازل مَن ترك الإسلام عن أبويه وأشقائه لأصحاب دينه الجديد، ويصبح من ترك الأديان كلها لا أب له ولا أم، ويشتريهما من جديد.أيتها الدولة الغافلة عن الحق، الساكتة على الظلم، التائهة فى دروب السلفية.. الأمر أصبح جد خطير، ولم يعد بعد هذا التجاوز وهذا الظلم تجاوز أصعب أو ظلم أقسى منه، فلو كنا ضربنا على يد من تجرأ على الناس، وهدم وحرق الكنائس، ومنع الناس من أداء صلواتهم وشعائرهم، ما تجرأ هؤلاء على سلب الأب والأم والأخ حقوقهم، إن هذا التخاذل والسكوت عن كل هذه التجاوزات فى حقوق الناس، كارثة ومصيبة سوف ترتد إلى صدر الوطن، الحقوا الناس من هذا العك وهذا الخبل، وأوقفوا مهزلة اختفاء البنات المسيحيات أو التحريض أو المساعدة على ذلك فوراً، وأن تعود إلى أهلها حتى بلوغها سن الرشد، ويحترم الجميع تعليمات دينها فى هذا الشأن، مهما كانت الضغوط والمغريات، وإلا سنجد أنفسنا يوماً فى براثن هذه الجماعات تبيع فينا وتشترى، وتقف أمام غرف الولادة تكتب المولود مسلماً..
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع