الأقباط متحدون - زيارة الكنيسة والأوبرا حلال بمرسوم ملكى
  • ١٨:٠٨
  • السبت , ١٠ مارس ٢٠١٨
English version

زيارة الكنيسة والأوبرا حلال بمرسوم ملكى

مقالات مختارة | بقلم عادل نعمان

٢٦: ١٢ م +02:00 EET

السبت ١٠ مارس ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

ما قول إخواننا من السلفيين فى مصر، السائرين على العهد والنهج الوهابى، فى زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وهى بيت من بيوت الشرك، وجب إهانتها وبغضها لأنها تعظيم للباطل، ومن المقدسات الباطلة، هكذا يقول شيخكم ابن تيمية وإمامكم ابن عبدالوهاب؟

وما قولكم لا دام فضلكم وانقطع وصلكم، فى زيارته إلى دار الأوبرا المصرية، لمشاهدة عرض مسرحى يشخص فيه المشخصاتية الضالون، ويتشبه فيه الممثلون بالكفر والكافرين، ويتخلل العرض المسرحى معازف المردة والشياطين، هكذا سمعنا منكم عن الفنون والغناء والرسم والتصوير؟ وماذا عن لقاء المودة بين الأمير الشاب والبابا تواضروس؟

وماذا عن السلام والكلام والتحية والاحترام، ومشاعر المحبة والإخاء، والتهنئة بالأعياد، ودعاء كل منهما للآخر بطول العمر وموفور الصحة، وهى صورة من صور المودة والمحبة والموالاة، وكلها من الممنوعات والمحرمات فى قاموسكم السلفى، الذى يوجب ويلزم المسلم بمعاداة غير المسلم وإن أعطاه وأحسن إليه، ويلزم ويوجب على المسلم موالاة المسلم من دينه وإن ظلمه واعتدى عليه؟.. فلم يُضيّق الأمير محمد بن سلمان الطريق على البابا فى لقائهما حتى يسلك البابا أضيقه، كما نقلتم هذا عن الرسول، بل سارا معاً متصافحين ومبتسمين، ويفسح كل منهما سعة الطريق للآخر، ويظهر كل منهما المودة للآخر، ولسان حالهما يقول موتوا جميعاً بغيظكم، فوالله إن السماحة والمحبة غالبة لا محالة على الظلم والقهر والتطرف والغلو، وهى لغة الله وإرادته، وإنه غالب لأمره، رغم أنف السلفيين والوهابيين.

فلا عجب من سكوتهم وخرسهم، فلن يطول، فهم جميعاً أدوات السياسة والحكم منذ قرون، تسير فى ركاب الحاكم خصوصاً ركاب الأمراء، يحرمون لهم ما يريدون تحريمه ثم يعودون عنه إذا أجازوه، ويحللون ما يريدون تحليله ثم يعودون عنه إذا حرموه، فإذا أجازوا جاءونا بما يجيز من قول ونص وحديث، وإذا حرَّموا جاءونا بما يحرِّم من قول ونص وحديث، فجميع ما يطلبه الأمراء والخلفاء موجود وجاهز ومتاح ورهن الإشارة والطلب.

والعجب كل العجب من هذه السرعة المذهلة فى الدخول إلى الأول وسرعة الخروج منه إلى الثانى. فسيخرجون غداً علينا دون تأخير ودون خجل يؤيدون ويباركون، وينسبون سماحة الأمير إلى سماحة النبى، وكيف مات وسيفه مرهون عند يهودى، وكيف سامح النبى يهودياً كان يؤذيه صباح مساء، فلما تخلف عن أذاه يوماً سأل عنه فعلم بمرضه فعاده حتى أسلم، هذه سماحة نبى وتلك سماحة أمير، وهذا من نسل ذاك، وما أكثر الأكاذيب فى تاريخنا، سواء فى سماحتها أو فى قسوتها، ولا أعرف كيف تجتمع الفضائل مع نقيضها فى تاريخنا، هذه للسماحة والأصالة والرحمة، وهذه للغلظة والإثخان والقتل، تخرج علينا قصص اليهوديين حين يجبرهما حاكم على مودة الغير، وإذا أجبرهما حاكم على القتل والسبى والأسر، يتغنون بما فعله الرسول فى بنى قريظة، وما فعله ابن الوليد فى المرتدين وكيف كانت درعه وخوذته تصدآن من الدماء، فنحن نجود عليهم بالكرم إذا رغبوا، ونجود عليهم بالدم إذا شاءوا، جاهزون على كل الألوان الأخضر والأحمر، الزهرة والسيف. كيف والله واحد والدين واحد، والرحمة لا تتجزأ ولا تتبعض؟

(ماذا ستقولون عن زيارة الأمير الشاب المحب للفن والفنون بصحبة الرئيس إلى دار الأوبرا المصرية، بيت الفن والنحت والغناء والرقص، وهى عندكم بيوت الضالين، ومعازف الشياطين، وإثم الآثمين، التى تطرد الملائكة من ديار المسلمين، وتذهب بالبركة إلى ديار الكافرين، وكلها من ذرائع الشرك والمشركين؟)، ومحرم من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية بالمملكة، مشاهدة الأفلام والتمثيليات والمسلسلات، حتى لو كانت من باب الدعوة إلى الإسلام، أو من باب الحرص على الصلاة والصيام، أو من باب الحض على الحج والزكاة وصلة الأرحام، لأن الحق لا يُنشر بالحرام، والإسلام لا يُنشر بالكفر، والدعوة لا تُنشر بالباطل؟ أين ذهبت الشياطين ليلة الاحتفالية فى الأوبرا، والتى تزيد من إثم المشاهدين وتشغلهم الأغانى عن ذكر الله، وتلهى القلب كالخمر والحرير، كما قال أسلافكم؟

هل ستتنازلون عن تاريخكم، وتراثكم وأصنامكم، وتلحقون بالفن والطرب والموسيقى والشعر، كما أُجبر الوهابيون وأذعنوا واستسلموا ورضخوا واستجابوا، ولبوا نداء الأمير وطلبه؟ وهل ستنتظرون معهم فى مدرجات الاستاد تتصايحون مع الشباب السعودى قريباً فى حفل المغنى صاحب اللحية تامر حسنى؟ مع العلم فهو لا يغنى إلا للحب والمحبوب والهجر والوجد والعشق والغرام وكلها من المحرمات؟ هل ستشاهدون مباريات كرة القدم التى حرمتها الوهابية من قبل واعتبرت شورت اللاعب كاشفاً لعورة الرجل، والتصفيق من المحرمات لأنه تَشبُّه بالكافرين، ومن مظاهر الجاهلية، فهل ستعودون فيما عادوا إليه، وتعتبرون كرة القدم كالرماية وركوب الخيل، والهدف فى المرمى كالسهم الثاقب، وحارس المرمى كالمدافع عن دين الله؟

هاتوا لنا برهانكم إن كنتم تعلمون.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع