الأقباط متحدون - فلسفة العبث عند ألبير كامي
  • ٠٠:٤٤
  • الأحد , ٢٥ فبراير ٢٠١٨
English version

فلسفة العبث عند ألبير كامي

سامح سليمان

مساحة رأي

٣٧: ٠٨ ص +02:00 EET

الأحد ٢٥ فبراير ٢٠١٨

 ألبير كامي
ألبير كامي
( سامح سليمان )
 

 العبث ليس هو السكر و التسكع فى الطرقات كما يعتقد العامة ، فلسفة العبث جذورها قديمة جداً تعود الى التراجيديا الأغريقية _ للقراءة أنصح بكتاب بذور العبث فى التراجيديا الأغريقية للدكتورة سامية البنهاوى مرجع أكثر من هام _ ولكن أشتهرت حديثاً بواسطة الرواية والقصة والمسرح ومن أشهر أعلامها يوجين يونسكو وجورج أداموف و بشنر و الأكثر شهرة الروائى و القاص والمسرحى والصحفى الفرنسى الجزائرى ألبير كامي ( 7 نوفمبر 1913 - 4 يناير 1960 ) كامي كان ثاني أصغر حائز على جائزة نوبل كما أنه أصغر من مات من كل الحائزين على جائزة نوبل .

من أعمالة:السقطة _ الغريب _ الطاعون _ العادلون _ كالبجولا _ الموت السعيد _ الإنسان المتمرد تعريف العبث : العبث (Absurde) الكلمة الفرنسية الأصل تفسر حسب قاموس لاروس بأنها اللامعقول ويرجعها إلى الأصل اللاتيني ( absurdus ) الذي يتكون من المقطعين ab بمعنى كليةً + surdus بمعنى أصم ، كما تفسر أيضا بما هو مناف للعقل .
 
تتلخص فلسفة العبث لدى كامي فى أعادة التوازن الى العالم بخلق معنى للحياة الإنسانية برغم العبث المسيطر على الوجود الإنسانى _ بحسب رؤية تيار أو مدرسة العبث _ لذا فقد كان كامو من المؤيدين لفكرة الخلاص بالفن وضد الإنتحار لأن الأنتحار بحسب رؤية كامو تثبيت ودعم للعبث وسطوة الموت،ورؤية كامو الفلسفية والفنية مستقاة بدرجة كبيرة عند كامو من أسطورة سيزيف التى تتشابة كثيرا مع أسطورة برومثيوس ، وهى تتلخص فى عقوبة الألهة لمن سرق المعرفة او النار المقدسة وأعطاها للبشر فعاقبته الألهة بأن تأكل الطيور كبدة كل يوم ثم ينمو له كبد من جيد فتعود الطيور لتأكلة وهكذا الى ما لا نهاية وفى قصة أخرى يدفع حجراً الى قمة أعلى جبل فى العالم وعندما يصل الى القمة يدفعه الحجر الى القاع من جديد ليعود لممارسة نفس الفعل من جديد .
 
يرى كامو أن الحياة عبثية وبلامعنى لكن على الإنسان أن يخلق لها المعنى والمعنى يكمن عند كامو فى تحقيق قيمة للوجود الإنسانى بالتمرد على العبث
والسعى الجاد لتفعيل الوجود الإنسانى تفعيلاً حقيقياً بأن يصير المرء فاعلاً وخالقاً لذاتة و هويته الفردية حتى وأن أستمرت حالة العبث واللامعنى المسيطرة على الوجود الإنسانى ، فالفردية والذاتية هى لب الفلسفتين الوجودية و العبثية _ وأعتقد أن فلسفة كامو هنا تتشابة كثيراً مع مدرسة العلاج بالمعنى بأرادة المعنى للعالم الشهير فيكتور فرانكل الذى كان أسيراً فى معتقلات النازى ورأى زملائه يتخلصون مع الامهم و عذابهم داخل المعتقل النازى بتسلق السور المكهرب للتخلص من حياتهم ولكن فرانكل أختار أن يخلق معنى ما لحياتة ساعده على التحمل والبقاء حياً ، كما أعتقد بوجود تشابة مع قصة الثلاثمائة أسبرطى الشهيرة من قد أختاروا الأستمرار فى الحرب برغم هزيمتهم المحتومة ولكن المعنى لديهم تجسد فى الصلابة وأستمرارية المقاومة و رفض المذلة والأصرار على رفض كل مغريات الجيش الفارسى وقائدة وعدم الأنبطاح أمامة حتى وان كان ذلك القرار يعنى إنهاء حياتهم . 
 
من أقوال كامو الشهيرة : بالتمرد يولد الوعى ، لذا فالبداية هى بالتمرد ليخلق المرء ذاته ويوجد المعنى الخاص به ، التمرد على الصياغة المجتمعية للفرد وقولبته بأن يصير فرداً ضمن القطيع المتناسل كأحقر الكائنات وأقلها وعياً .
 
و إن اتفقنا على تصنيف العبث كمرادف ل عدم الجديه والأبتعاد عن أحترام الذات ،أعتقد ان العبث لا يكمن فى رد فعل ميرسو بطل رواية الغريب التى حصل بموجبها كامي على جائزة نوبل عام 1958بفارق صوت واحد مع الكاتب اليونانى العظيم نيقوس كزنتزاكس صاحب المسيح يصلب من جديد و زوربا اليونانى ، و لكن العبث يمكن فى العالم الذى تمرد عليه ميرسو ، اللامبالاة هى موقف جاد و شكل من أشكال التمرد على العالم التوتالارى المقولب فى ظاهره و باطنه ، العالم الذى يعتبر الفرد الصائب _ الطبيعى _ هو من يتخذ ردود افعال محدده تجاه الأحداث .
أن يصير المرء ذاتاً متفردة تلك هى المسألة ، ميرسو أختار ان يصنع و يصير فعلاً و ليس رد فعل اتفق المجتمع على صوابه و شرعيته ، أختار ان لا يحزن على موت أمه ، اختار ان لا يدافع عن ذاته أمام القضاء ، أختار الأعدام و لم يرضخ لأصرار المجتمع على اذعانه لأتخاذ رد الفعل المفترض و هو دفاعه عن ذاته للهروب من الحكم بإنهاء حياته .
 
اللامبالاة أو حتى العزلة الكاملة سلوك إيجابى و ليس سلبياً ، السلبيه قد تتمثل و تتجسد بضراوه فى اتخاذ ردود افعال مفترضه و معقوله و منطقيه بحسب التصنيف المتفق عليه مجتمعياً ، الحياه يجب فى الكثير من الأحيان ان تعامل بخفه ، و بالتحرر من الأثقال التى تستنزف حيواتنا كالبعوض _ أنصح بقراءة رواية كائن لا تحمل خفتة للكاتب التشيكى ميلان كونديرا و كذلك رواية حفلة التفاهة لنفس الكاتب فقد عالج تلك الفكرة ببراعة وسرد شائق وتصوير أكثر من ماتع _ و تختزل وجودنا فى الوجود البيولوجى و إشباع الغرائز الأساسيه كما تحيا السوائم .
 
( أن يصير المرء موجوداً معناه أن يمضى نحو الأستثناء ، فليمضى القطيع إلى مصيرة وليصعد الأستثناء جبلة بمشقة وفى الصحراء دائماً عاش الصادقون : فريدريش نيتشة )
 
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد