الأقباط متحدون - لحب الغازى
  • ١١:٥٦
  • الاثنين , ٢٣ يناير ٢٠١٧
English version

لحب الغازى

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٥٦: ٠٤ م +02:00 EET

الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
فرحة استقبال الموت والشوق للرحيل !
قصة لقاء مع سيدة شارفت المائة من عمرها 

الاب أثناسيوس حنين – بيرية – اليونان
عاش معنا الاصدقاء تجربة الحب الغازى فى قصة تحول صديقى المدمن الى انسان صحيح يحب الحياة وتبادله الحياة الحب ’ ونحن نستعد الأن أن نزفه الى سعيدة الحظ التى سترافق تحوله وستكون له بمثابة الحضن الدافئ الذى سيستقبله بعد طول غربة فى الكورة البعيدة بلا حب ولا شركة ولا وجه . ووعدنا الاصدقاء باللقاء فى غزوة جديدة من غزوات الحب . هذه المرة لم أكن أنا البادى بل غزانى الحب وملانى بالحضور ’ حضور الحياة الأتية ’ لنفس شبعت أياما من الحياة الحاضر ة ’ ولما كانت حياتها الحاضرة قد عاشتها فى الرب وللرب وللناس ’ فقد وصلت للشخوخة وهى تشتاق للرحيل بوجه يشع براة وطهارة وحب للحياة الدنيا وللحياة الباقية. لا يبدو عليها أية علامات تنبئ بموت بالمعنى التعيس الذى نعرفه. 
 
القصة من أولها أننى قد ذهبت الى كنيستى الصغيرة لاقامة صلاة "الباركليسى" ونقيمها مرة للسيدة العذراء ومرة للقديس فانور يوس وهى صلاة من أروع النصوص اللاهوتية والانسانية والروحية ويحبها بل يعشقها جميع الناس شباب وشيوخ واطفال . الناس هنا يتعاطون اللاهوت فى نصوص العبادة وموسيقاها الشجية .قمت بفتح الكنيسة وسلمت ’ كالعادة ’ على ايقونات القديسين والقديسات . واذ بتليفون من سيدة تقية تعمل فى جامعة يونانية كبرى ’ تقول لى أن أمها البالغة من العمر المائة عاما ’ تطلب كاهنا يصلى لها صلاة التوبة والحل والبركة ’ انها يجب أن تعترف بخطاياها تحت بدرشيل الكاهن. شعرت من نبرة صوت الابنة أن الأمر لا يحتمل التأجيل .تركت الكنيسة للمرتلين وأخذت بدرشيلى وكتاب الصلاة وصليب المذبح وذهبت مهرولا الى البيت . تخليت سيدة عجوز على سرير المرض والموت تلعن حظها وتشتكى الامها ’ نادت عليها أبنتها ’ كانت فى الحمام تظبط شعرها الاصفر القصير وتغسل وجهها البسيط والذى ينم عن أمرأة جميلة وحية. تسير بشكل طبيعى ’ لا يوجد أى أنحناء فى قامتها الممشوقة . سلمت عليها وقبلت يديها فأستغربت وأصابها الخجل وقبلت يدى . قلت لها "أزيك" باللغة اليونانية ’ قالت " أنا مسافرة "
 
Αναχωρώ
الكلمة كتابية ولاهوتية ونسكية بالدرجة الاولى ومنها "أناخوريتيس " الراهب المتوحد مع الله . أناخوروا أى أسافر فى اعماق البرية ’ الانسان كائن مسافر ! لم تقل "الحقنى يا ابونا ...ها أموت " بل قالت ببشاشة مذهلة " أنا مسافرة" ’ وكأنها تقول مع سمعان الشيخ " الأن أطلق عبدتك بسلام ’ لأن عينى قد أـبصرتا خلاصك " . وهذه هو المعنى اللاهوتى فى أن الكنيسة قد وضعت هذه الصرخة فى صلاة المساء أى فى نهاية اليوم وغروب العمر لكى ينتقل الانسان الى النور الذى لا يعتريه ظلمة المساء ! ’ ويقولها كل مؤمن ومؤمنة مع المتقدم الصلاة . صلينا صلاة شفاء المرضى وعند قولنا "أبأنا ..." وقفت وقالتها معنا . رتلنا فرتلت معنا . أنصرفت ابنتها وخادمتها وتركونا وحدنا لأن "اليايا الجدة " تريد أن تعترف ! ماذا قالت ؟ بأشوف شوية التليفزيون !!!’ لم أسرق ولم أكذب واخلصت لشريك عمرى ’ ممكن أكون زعلت حد أو أزعجت الخادمة التى تعطينى الدواء . هذه السيدة أدخلت الفرح والعزاء الى قلبى ’ لقد عزانى حبها للحياة وسلام الله الذى يفوق كل عقل الظاهر على وجهها الطفولى . هذه النوع من الناس يرى رؤئ ويحلم احلاما ويأخذ من السماء والسماويين شركة وحب وأمان. لا أستغرب أن تكون هذه السيدة قد رأت رؤية تدعوها للرحيل . وقعت عيناى على صورة زوجها ’ فسألتها ’ كيف التقيت زوجك ؟ يا ترى وقف لك على الناصية ؟عملك حركات الشباب ؟ قلتها ضاحكا ’ رفعت يديها الاثنان رافضة الفكرة وقالت ’ بخجل وكأنه يطلب يدها الأن ’ أنه طلبنى من أهلى لأننا كنا جيران . لقد كان زوجى

"كيريوس" سيد راق ومحترم وليس بالطبع سئ السيد . السيدة (ك) من كريت وتذكرنا العلاقات التاريخية القديمة التى ربطت المصريين بالكريتيين . الكريتيون هم صعايدة اليونان. قدمت لى قطعة من الحلوى ’ أكلت معى بشهية . لفتنى الكتب الكثيرة المرصوصة على الارفف فى الصالة ’ سألتها عن الكتب الكثيرة ’ قالت كنا نحب القرأة والثقافة ’ الأنى فهمت السر وراء تجدد شباب الجدة وايضا أن ابنتها هى أمينة المكتبة فى أحد أكبر جامعات اليونان . سيدة وصلت من العمر المائة تتمتع بذاكرة شبابية ونضارة وجه برئ وتقوى مسيحية مستقيمة الرأى ’ تستدعى الكاهن لتقدم له رسالة فى الحب والشوق للانطلاق الى حضن الحبيب ’ تحدث بكم صنع بها الرب وهل للتوبة والاعتراف’ عند الكاملين ’ من معنى أخر ! . أنها غزوة من غزوات الحب ’ بطلة الغزوة سيدة على أعتاب المائة عام ’ سر شبابها الحب الباذل والغازى ’ لقد أحبت الحياة الدنيا ’ فكشف لها الحبيب سر الحياة الباقية ! . قبلت يديها وانصرفت شبعان حياة وهدوء وبركة وسلام (عاوزين أقولكم كل حاجة حطت ايديها فى ايدى لقيت خمسين يوروا ’ نظرت لابنتها قالت لى هامسة اوع ترفض لحسن تزعل !! قبلت العطية فرحا ). علمت أنها بنت كنائس وعالت ايتاما وبذلت حتى الوجع .هذه المرة الحب هو الغازى . بارك الله فى السيدة (ك) ومتعنا بصلاتها . السعادة الحقيقة هى فى الحب الغازى .