الأقباط متحدون - من البابا للرئيس!
  • ١٩:٥٣
  • الثلاثاء , ٣٠ يناير ٢٠١٨
English version

من البابا للرئيس!

مقالات مختارة | سليمان جودة

٥٠: ٠٧ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠١٨

سليمان جودة
سليمان جودة

فى حواره مع «الأهرام»، قبل أيام، وضع البابا تواضروس الثانى يده على ما لم يسبق أن وضع أحدٌ من رجال التربية فى مصر يده عليه!

قال الرجل إن أهم شخص فى المجتمع، دون استثناء، هو مدرس الابتدائى، وأنه لابد بالتالى أن يحظى بدرجة من الانتباه من جانب الدولة، تتناسب مع أهميته التى لا جدال حولها ولا فصال فيها!

والسؤال هنا سؤالان: لماذا.. وكيف؟!.. لماذا مدرس الابتدائى دون غيره من مدرسى مراحل التعليم المختلفة؟.. وكيف يمكن للدولة أن تمنحه اهتماماً يتوازى مع أهميته فى مجتمعه؟!

أما لماذا.. فليس فى حاجة إلى جهد كبير فى الإجابة؛ فالطفل الذى يجلس أمام المدرس فى هذه المرحلة بالذات يتلقى أول ما يتعلمه فى حياته منه، فإن كان المدرس مُهيَّأً خرج من تحت يده جيل، لا مجرد تلميذ، قادر على أن يشارك فى بناء بلده، وإنْ كان العكس، أصبح التلميذ نفسه أداةً فى تخريب، وهدم، وتحطيم أركان البلد!.. وإذا لم يتعلم فى هذه المرحلة من التعليم تحديداً ما يجب أن يتعلمه، فلا أمل فى شىء إيجابى، أو حقيقى، يأتى منه فيما بعد!

وأما كيف يكون اهتمام الدولة بمدرس يبنيها، وهو يبنى التلميذ الجالس أمامه، فالبابا ينصح بأن يخضع المتقدمون لكليات التربية لاختبار فى القبول لا يختلف فى جديته، ولا فى صرامته، عن الاختبار الذى يخوضه المتقدمون للكليات العسكرية على اختلافها!

هذا كلام وجيه، ومحترم، ومنطقى للغاية، وإذا فات هذا الكلام على الذين يخططون لأمر التعليم فى بلدنا دون أن ينتبهوا إليه، وإلى أن قائله يهمه بجد مستقبل وطنه، فقد فاتهم كل شىء.. كل شىء!

والسؤال الثالث: هل لاتزال كليات التربية تُمِدُّ مدارسنا بحاجتها من المدرسين؟!.. وإذا عمل خريج التربية مدرساً بتكليف من الوزارة، أو بغير تكليف، فهل يجد ما يغريه بالبقاء فى عمله مدرساً؟!

والسؤال الرابع: أين دار المعلمين التى كانت الدراسة تمتد فيها لخمس سنوات بعد الشهادة الإعدادية، وكانت تُمِدُّ مدارسنا الابتدائية بمدرسين على مستوى معقول من الإعداد؟!

هل لاتزال هذه المدارس تعمل؟، وهل هى على جدول اهتمام وزير التربية والتعليم؟، وإذا لم تكن تعمل كما عهدناها من قبل فمن أين يأتى مدرس الابتدائى هذه الأيام؟، وما الذى يتعلمه الصغار بالضبط على يديه؟!

إذا كان الرئيس سوف يبدأ فترة رئاسية جديدة فى ظرف أشهر معدودة على أصابع اليد الواحدة من الآن، وإذا كان سوف يطرح برنامجاً انتخابياً.. ولابد أنه سيفعل ذلك.. فإننى أرجوه أن يلتقط هذه الفكرة من قداسة البابا، وأن يجعلها الفقرة الأهم فى البرنامج!.. وأن تكون صياغتها فى برنامج الرئيس الانتخابى على النحو التالى: مدرس الابتدائى على رأس أولوياتى لأربع سنوات قادمة!

أرجوك يا سيادة الرئيس.. فلا شىء سوف يسند ما تقوم به الآن، فى المستقبل، سوى التعليم.. ولا أحد فى التعليم أهم من مدرس الابتدائى!
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع