الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم.. الامن يقتحم جامعة القاهرة و20 الفا يتجهون الى التحرير
  • ١٩:٥٥
  • الاربعاء , ٢٤ يناير ٢٠١٨
English version

فى مثل هذا اليوم.. الامن يقتحم جامعة القاهرة و20 الفا يتجهون الى "التحرير "

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٤٨: ٠٧ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٤ يناير ٢٠١٨

الامن يقتحم جامعة القاهرة و20 الفا يتجهون الى
الامن يقتحم جامعة القاهرة و20 الفا يتجهون الى "التحرير "

فى مثل هذا اليوم 24 يناير 1972..
القى الرئيس السادات خطابا يوم 13 يناير 1972.. برر السادات عجزه عن الوفاء بوعده في جعل عام 1971 عام الحسم مع إسرائيل باندلاع الحرب الهندية الباكستانية. وادعى أن العالم ليس فيه متسع لاندلاع حربين كبيرتين في آن واحد، وأن الحليف السوفيتي كانت تشغله الحرب الهندية الباكستانية للحد الذي لا يستطيع فيه تقديم مساعدة لمصر، وأن هذه الحالة كالضباب الذي يعيق القدرة على التحرك.

كان طلاب كلية الهندسة بجامعة القاهرة قد نظموا قبيل خطاب الرئيس بأيام قليلة معرضًا لمناصرة الثورة الفلسطينية بمناسبة الاحتفال بذكرى انطلاقها. أما بعد الخطاب والغضب الذي أشعله من حجة “عام الضباب”، فقد قرر الطلاب استمرار معرضهم والدعوى إلى مؤتمر موسع في يوم 15 يناير. وبالفعل تم تنظيم المؤتمر، وشهد تعليق فيض من مجلات الحائط والملصقات الحافلة بالتعليقات الناقدة لخطاب الرئيس وللحكومة.

وفي المساء تحول المؤتمر إلى اعتصام.ومع تصاعد الحركة الاحتجاجية، أوفدت الحكومة أمين الباب بالاتحاد الاشتراكي العربي د. أحمد كمال أبو المجد في محاولة للتهدئة ولكنه فشل في مهمته وفي الرد على أسئلة الطلاب مؤكدًا أن الرئيس وحده هو الذي يستطيع الرد عليها. ومن ثم خرج ممثل الحكومة من المؤتمر وسط صيحات الاستهجان والصفير. وسرعان ما انتشرت حالة الغضب الجماعي بين الطلاب وعقدت العديد من المؤتمرات التي كانت تختتم في الغالب بطبع وتوزيع بيانات وتوصيات. وتزايد إصدار مجلات الحائط والملصقات بصورة كثيفة. وأظهرت كل البيانات الصادرة عن مختلف الكليات عدم قبول الطلاب لتبريرات السادات لعدم خوضه “حرب التحرير” وفي مؤتمر عقد بكلية الاقتصاد دعى إلى مؤتمر أكبر داخل الجامعة يوم الخميس 20 يناير. واقترح أحد الطلبة وهو احمد عبدالله رزة دعوة الرئيس نفسه إلى مؤتمر 20 يناير، “ما دام هو الشخص الوحيد الذي يستطيع الرد على تساؤلات الطلبة”.

وفي 17 يناير نظم مؤتمر طلابي في كلية الهندسة بجامعة القاهرة. في هذا المؤتمر انقسم الطلاب إلى فريقين أولهم اليمينيين من الإسلاميين الذين كانوا متفهمين للرئيس وداعمين لوجهة نظره. أما الفريق الآخر فقد ضم الطلاب اليساريين وغالبية الطلاب العاديين. قد عبر هؤلاء عن غضبهم وحملوا الرئيس مسئولية الأزمة والهوان الذي يعاني منه المجتمع وسرعان ما سادت وجهة نظر هذا الفريق تحت تأثير غضب الطلاب.

أقر مؤتمر 17 يناير اقتراحًا بتشكيل “اللجنة الوطنية العليا للطلاب في جامعة القاهرة” من ممثلين من مختلف الكليات، وطالب بضرورة تسليح الطلاب وتدريبهم عسكريًا، مع وقف كل مبادرات التهدئة (فتح قناة السويس، مبادرة روجرز… ألخ) وأعطى الطلاب الحكومة مهلة مدتها يومان للرد على المطالب الطلابية. وفي ساعة متأخرة من نفس اليوم وضعت مسودة بيان يلخص مطالب الطلاب، ويناشد الرئيس الاستجابة لدعوة الطلاب وحضور المؤتمر المعلن عنه في 20 يناير، وغلا فإن اعتصامًا مستمرًا سينظم داخل الجامعة حتى يستجيب.

أثناء هذه التطورات كان السادات قد بدأ في التحرك باتخاذ إجراءات هدفها التهدئة وامتصاص الغضب. فقد أجرى تغييرات في الحكومة وعين وزير الصناعة عزيز صدقي رئيسًا للوزراء ليرأس ما سمي بـ”وزارة المواجهة الشاملة”. كما عين سيد مرعي (الذي لقبه الطلاب بالإقطاعي لكونه من كبار ملاك الأراضي الزراعية) أمينًا للاتحاد الاشتراكي العربي.

لم تفعل الحكومة الجديدة شيئًا يذكر.فقط أعلنت عن تنفيذ إثنى عشر إجراءًا “حاسمًا” بهدف إعداد اقتصاد البلاد “للمعركة القادمة”! وأعلنت أن الرئيس قرر تنظيم ترشيد للاستهلاك، خاصة فيما يتعلق بمنع استيراد السلع الاستهلاكية وأعلنت أيضًا أن الرئيس قرر العفو عن 12 ألف شخص غالبيتهم من التيار الاسلامى.. كانوا قد حرموا من حقوقهم السياسية في عام 1961 أيام قرارات التأميم أما وزير الدفاع فقد أعلن عن فتح باب التطوع للجيش أمام الطلاب، بينما رفضت الحكومة بالطبع فكرة تسليح الطلاب والجماهير لخوفها من العواقب الوخيمة لذلك على طبقتها.

لم يكن مستغربًا أن يعتبر الطلاب إجراءات الحكومة والرئيس محض دجل سياسي لا معنى له. وبالرغم من تجاهل الرئيس للطلاب، تم عقد المؤتمر لمنتظر وحضره حوالي 20 ألف طالب. وكان بعض الطلاب قبلها قد ظلوا محتلين الجامعة طوال الليل. وفي المؤتمر قرر الطلاب إرسال ممثلين لهم لرئاسة الجمهورية لمطالبة الرئيس بالحضور إلى الجامعة للرد على أسئلة الطلاب. وفي بداية المؤتمر تم الإعلان عن تشكيل اللجنة الوطنية العليا للطلاب، تم توسيع اللجنة بتمثيل باقي الكليات التي بدأت كل منها في تشكيل لجنتها الوطنية الخاصة كبديل للاتحادات الطلابية الموالية للحكومة. واختار المؤتمر لجنة لصياغة وثيقة طلابية تضم التوصيات والمطالب التي طرحت في مختلف كليات الجامعة. وبعد أن علم الطلاب أن اجتماعات طلابية أخرى مماثلة تم تنظيمها في بعض جامعات الجمهورية بدءًا بجامعة الأزهر وعين شمس والإسكندرية، أعلنوا عن تقديرهم وشكرهم لنشاط طلاب الجامعات الأخرى التي بدأت في التفاعل مع حركتهم ومطالبها.

وفي المؤتمر أيضًا تم تشكيل وفد طلابي لتوصيل الوثيقة إلى الرئيس في منزله مع دعوته للحضور إلى الجامعة للإجابة على تساؤلات الطلاب. ولكن الوفد لم يتلق أي إجابة شافية من سكرتارية الرئيس، فاستمر الاعتصام لليوم التالي.

في صبيحة اليوم التالي تواصل انعقاد المؤتمر الطلابي بحضور عشرة آلاف طالب. وأرسل وفد جديد إلى رئيس الجمهورية عاد صفر اليدين كسابقه. كما تم إصدار منشور بإسم الطلاب ليوجه لعمال مصر، وذهب وفد طلابي إلى حلوان لتسليم المنشور.

استمرت الاعتصامات والمؤتمرات الطلابية على نفس الوتيرة والحماسة على مدى أربعة أيام متوالية.وكانت تتسم بوجود سيل من البيانات والمنشورات ومجلات الحائط والنقاشات. وفي ضوء استمرار الحركة لم تجد الدولة مخرجًا إلا الكذب واختلاق بيان بإسم طلاب جامعة الإسكندرية يؤيدها ويعلن تأييده لإغلاق جامعة الإسكندرية.كما لجأت الدولة أيضًا بالطبع لزبانيتها خدام ترويج أيديولوجيتها. فبدأت الصحف في ترويج أكاذيبها. ومثال ذلك ما أعلنته الأهرام من أن الرئيس وافق على مقابلة طلاب القاهرة والإسكندرية بناء على دعوة اتحاداتهم الطلابية. كما نشرت الأهرام صورة بالصفحة الأولى لياسر عرفات زعيم منظمة التحرير الفلسطينية يتبادل الحديث مع الطلاب بمقر الاتحاد الاشتراكي العربي. كل هذا بينما تجاهلت الصحف أي إشارة للوثيقة الطلابية، وتجاهلت أيضًا أحداث جامعتي القاهرة وعين شمس، والانتفاضة الجنينية بجامعة الإسكندرية.

بعد أن فشل الطلاب في حث الرئيس على مقابلتهم، وافقوا على صيغة تسوية اقترحا وزير الداخلية ممدوح سالم تشتمل على حضور وفد طلابي كبير إلى مجلس الشعب لتقديم مطالبهم وإنهاء الاعتصام. وبعد أن وافقت اللجنة الطلابية على الاقتراح حضر ثلاثة أعضاء بمجلس الشعب إلى الجامعة وأبلغوا القرار للطلاب وعادوا إلى المجلس للإعداد لاستقبال الطلاب. وخصص وزير الداخلية عددًا من السيارات لنقل وفد الطلاب الذي يمثل كل الكليات والذي بلع عدده 200 طالب.

وفي الاجتماع مع أعضاء المجلس عرض رئيس اللجنة الوطنيةالعليا للطلاب موقف الطلاب. ولكن أعضاء المجلس كشفوا عن همومهم الطبقية الحقيقية. إذ تركزت معظم تعليقاتهم على تملق الطلاب والتهكم عليهم، بينما رفضوا نشر الوثيقة الطلابية بالصحف بحجة السرية في وقت الحرب. وفي نهاية الجلسة تم التوصل إلى اتفاق هو إدخال عدد من التعديلات على الوثيقة حتى تنشر في صحف اليوم التالي في مقابل إنهاء الاعتصام المستمر منذ أربعة أيام.

لم يكن ذلك بالقطع ثمنًا كافيًا لإنهاء الاعتصام. ولكن حركة الطلاب ـ بسبب عدم قدرتها على التوسع في الأوساط العمالية والجماهيرية، وفي سياق عدم وجود قيادة سياسية منظمة ومدربة وموحدة ـ كانت غير قادرة على مواجهة ألاعيب الطبقة الحاكمة. ففي تكنيك تاريخي تستخدمه الطبقات الحاكمة في كل زمان ومكان، تم الاتفاق مع الطلاب على عودتهم للجامعة تاركين اثنين من الطلاب للقيام بالتعديلات بالاشتراك مع الدكتور جمال العطيفي عضو المجلس. وبعد ساعات من المساومات تم الاتفاق على نشر الوثيقة المعدلة. ولكن قبل انصراف الطالبين بدقائق أبلغهم الدكتور العطيفي أنه لن يتم نشر أي شيء، وأن السادات سوف يعقد اجتماعًا مع كل القوى الشعبية ومنهم الطلاب لمناقشة الوضع في غضون يومين تقريبًا! كما أبلغهم ـ في لعبة معروفة تتكرر كل يوم ـ أنه قد وصل وفدًا ثانيًا من الطلاب للمجلس يتبع اتحاد الطلاب حاملاً معه وجهة نظر مختلفة تمامًا!

الانتفاضة تخرج إلى الشارع..
لعبت خديعة أعضاء مجلس الشعب دورًا مفجرًا في مسيرة حركة الطلاب. فقد استقبل الطلاب في الجامعة إهانات جمال العطيفي بصيحات هستيرية ضد المجلس الذي أسموه “مجلس المنافقين”. وطرحت دعوة لتنظيم مسيرة إلى وسط القاهرة صباح اليوم التالي. وبالرغم من رفض سلطات الأمن منح الطلاب تصريحًا بالخروج في المسيرة، إلا أن تصاعد الأحداث واشتعال غضب الطلاب فتحا أبواب الجامعة لتنطلق جموع الطلاب إلى ميدان التحرير.

كانت سلطة القمع سابقة قبل الخروج للمسيرة. ففي الساعة السادسة صباح مثل هذا اليوم يوم الاثنين 24 يناير اقتحم البوليس بوابات جامعة القاهرة ليقبض على 1500 طالب وطالبة. كما ضرب الطلاب بالعصى المطاطية والهراوات والقنابل المسيلة للدموع. وأغلق الجامعة مانعًا أي أحد من الدخول. كان الاقتحام في كل من جامعتي القاهرة وعين شمس. وبينما استسلمت قيادات الاعتصام في جامعة القاهرة بهدوء، حدثت بعض الصدامات في جامعة عين شمس.

وبرغم قرار إدارات الجامعتين بإغلاقهما وبدء عطلة نصف السنة الدراسية، إلا أن الطلاب تدفقوا في صباح اليوم ليكتشفوا أن زملائهم تم القبض عليهم. فانطلق نحو عشرين ألفًا من الغاضبين إلى وسط القاهرة حتى وصلوا إلى ميدان التحرير. لم يحتج قرار الطلاب بالخروج ـ بمثل هذا العدد ـ إلى نقاش طويل، ولم يحتج أيضًا إلى تصريح. وفي الميدان التحم الطلاب بالمواطنين وعقدوا مؤتمرًا ضخمًا حضره الألوف حول قاعدة التمثال غير الموجود في وسط الميدان واستمر المؤتمر والهتافات طوال اليوم، وتوقف المرور حتى تدخل البوليس مرة أخرى وبدأ في ضرب الطلاب لتملأ دمائهم الميدان. وبدأت في ذات الوقت معركة من نوع آخر، هي معركة تدافع الناس لحماية الطلاب والتضامن معهم. حيث حمل المواطنون الطلاب على أكتافهم وبسياراتهم لإسعافهم.

لم تقنع هذه النهاية الحزينة الطلاب فاندفع آلاف آخرين لميدان التحرير، وأصبح مطلب الديمقراطية والإفراج عن الطلاب والعمال المعتقلين أول مطالبهم. وفي المساء حدث اعتصام آخر بالميدان، وشكلت لجنة مؤقتة لتنظيم الاعتصام، وجذب المشهد الفريد سكان القاهرة الذين حاولوا مساعدة بكل ما في استطاعتهم بدءًا من تقديم الطعام لهم إلى مدهم بالأغطية والبطاطين في برد يناير.

وفي ساعة متأخرة من الليل وجه قائد قوات الأمن المركزي أمرًا بالتفرق إلى الطلاب الذين كانوا ينشدون الأناشيد الوطنية. ثم فرقهم الأمن بالقوة فجرًا بعد رفضهم التفرق وتجمعوا ثانية في مجموعات أصغر بالمنطقة التجارية في وسط القاهرة وهم يهتفون “إصحي يا مصر” واستمرت المظاهرات حتى ظهر اليوم التالي 25 يناير، بينما كان الرئيس يعقد اجتماعًا على مقربة منها في قاعة عبد الناصر بجامعة القاهرة. وفي نفس اليوم ـ وبصفاقة ووقاحة لا مثيل لها ـ أعلن بيان وزارة الداخلية عن الأحداث أن سلطات الأمن قد “حرصت بتوجيه من القيادة السياسية على عدم التدخل تقديرًا للدوافع الوطنية للطلاب، فضلاً عن أن ما ينادون به أجمعت عليه أمتنا قيادة وشعبًا”!

كان احمد عبد اللة رزة متحدثا باسم الجنة الوطنية للطلاب باعتباره ممثلا لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ..بجامعة القاهرة وقادت هذه اللجنة وقائع الانتفاضة ..داخل الجامعة ..

وفي نفس اليوم كانت هناك أنباء من حلوان بحدوث بعض التذمرات بمصنع الحديد والصلب. كما جاءت بعض الرسائل من نفس المنطقة لدعم الحركة. وبحلول المساء كشفت الطبقة الحاكمة عن وجهها الحقيقي القبيح فاعتقلت كل قيادات الحركة بالإضافة إلى القيادات العمالية التي بعثت رسائل التضامن. وفي صباح 26 يناير تم القبض على حوالي 200 طالب من قلب الجامعة وطالبت الحكومة التي لا تفهم سوى خدمة طبقتها كل رؤساء الجامعات بإمدادها بأسماء الطلاب الذين لهم دورًا في قيادة الحركة.!!

المصادر..
كتاب "الطلبة والسياسة فى مصر" احمد عبد اللة رزة ..ترجمة اكرام يوسف ..دار سيناء للنشر..

كتاب "الثورة المضادة فى مصر "..الهيئة العامة لقفصور الثقافة ..القاهرة