الأقباط متحدون - الدواء به جهد قاتل
  • ١٠:٣٥
  • الثلاثاء , ٢٣ يناير ٢٠١٨
English version

الدواء به جهد قاتل

مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر

٣٤: ٠٩ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢٣ يناير ٢٠١٨

خالد منتصر
خالد منتصر

 يدور جدل دائم ومزمن فى مصر كلما ظهرت بارقة أمل فى علاج أو دواء ما، وآخرها الجدل حول علاج السرطان بجزيئات الذهب، وتعجل تطبيقه على المصريين برغم أن الـFDA لم يعرض عليها الدواء حتى الآن، وبالتالى لم توافق، ومن أجل حسم هذا الجدل قررت الكتابة عن مراحل اكتشاف أى دواء جديد، وهذا بالطبع ليس كلامى، ولكنه كلام منقول من متخصصين «فارماكولوجى»، وكُتب مراراً وتكراراً، ولكن أحياناً التكرار والإلحاح، و«الزن» يفعل مفعول السحر.

 
بعد اختبارات الدواء على الحيوانات، وفى المعمل تبدأ اختبارات الأدوية على الإنسان لتقويم الفاعلية والأمان وكيفية الاستخدام تتكون من ثلاث مراحل أساسية، وخلال كل تلك المراحل يتم أخذ موافقة موثقة من كل متطوع فى تلك التجارب، تتم اختبارات المرحلة الأولى عادة على صغار فى السن من البالغين فوق سن العشرين، الذين يتمتعون بصحة جيدة، لكن فى حالات معينة يُمكن إجراؤها على الأصحاء ممن عمرهم دون الثمانين، أو ربما مرضى حقيقيون، مثل اختبارات أدوية معالجة السرطان، وغالباً ما تُجرى اختبارات المرحلة الأولى على عدد محدود من الناس، والهدف الرئيسى من هذه المرحلة هو معرفة معلومات أكثر عن كيميائية الدواء الحيوية، وكيفية آليات عمله فى الجسم، وتفاعل الأنظمة الكيميائية الحيوية فى الجسم معها، فى المرحلة الثانية، يتم وضع تصميم دراسة مقارنة صغيرة العدد، بغية التعرف على مدى فاعلية الدواء فى المعالجة، وأيضاً مدى الأمان النسبى لاستخدام البشر له، ولذا فإنها تتم على مرضى يخضعون لمراقبة شديدة للحالة المرضية التى لديهم، كمتابعة مؤشرات وظائف الكبد، وعمله فى الجسم والتقويم السريرى لحالة مجموعة من مرضى الكبد، وذلك عند اختبار دواء لمعالجة الكبد مثلاً، والمهم ألا تشمل مجموعة المتطوعين لتلقى العلاج من لديهم حالة مرضية شديدة، أو أن ثمة احتمالاً كبيراً أن يُؤدى تناول العقار إلى تدهور حالتهم الصحية أو تهديد سلامة حياتهم، كما أنه من المهم أيضاً أن يقوم باحثون متمرسون فى هذه التجارب، بمعالجة الحالات المرضية تلك، والغاية من وراء هذين الأمرين تحقيق أكبر قدر ممكن من أسباب سلامة المتطوعين فى الدراسة، ومن النادر أن يتجاوز عدد المتطوعين فى هذه الدراسات 100 أو 200 شخص ككل، أى ما بين مرضى يتلقون العقار الجديد، ومجموعة المقارنة من مرضى لا يتلقونه، وتُصمم الدراسة بطريقة تُسمى ثنائية عدم المعرفة أو العمى، أى أن لا الطبيب الذى يُقدم الدواء ولا المريض يعلم أنه يأخذ العقار المراد اختباره، أم أنه يأخذ حبوباً مزيفة من السكر أو النشاء أو غيره. وهذه الطريقة تجعل من الصعب حصول احتمالات فى التأثير تلغى قيمة النتائج، أى أن تكون الفائدة أو الضرر من تناول العلاج المُراد اختباره حصلت نتيجة للصدفة أو غيرها، أما فى المرحلة الثالثة، فيتم إجراء دراسة موسعة، وتتم بعد التأكد من فاعلية الدواء وتحديد الحالات التى يُمكن أن يُفيد فيها. والمقصود الرئيسى من تجارب المرحلة الثالثة هو تقويم نتائجها لمعرفة مدى الفاعلية للدواء بشكل أكثر دقة عبر استخدام مجموعة واسعة من الناس أو المرضى له. إضافة إلى معرفة أوسع باحتمالات الآثار الجانبية وأنواعها على أجهزة وأعضاء شتى فى الجسم، ولذا تشمل اختبارات هذه المرحلة بضع مئات إلى بضعة آلاف من الأشخاص، الموافقة النهائية وبعد الفراغ من دراسات التجارب وقناعة الجهة العلمية أو التجارية بجدوى الدواء الجديد فى معالجة أمر معين، فإنه يتم تقديم طلب إلى الهيئات الصحية المشرفة على إعطاء الإذن القانونى باستخدام الأدوية، ويتضمن الطلب كل المعلومات، والنتائج التى توصل إليها الباحثون وكيفية إجرائهم للتجارب والاختبارات تلك، وداخل أروقة تلك الهيئات يتم إعادة تقويم لكل المعلومات وكيفية التوصل إليها من قبل لجان علمية طبية، وبالنتيجة لذلك تُعطى إما الموافقة، أو يُرجأ البت إلى حين استكمال توفير معلومات تُطلب من قبل اللجان للتأكد من جوانب عدة، أو يتم رفض الدواء. متوسط المدة الزمنية، من حين نشوء الفكرة إلى أخذ الموافقة النهائية على استخدام الدواء، للمراحل تلك يتراوح ما بين 8 إلى 10 سنوات، وربما أطول، لكن تظل هناك فى حالات خاصة بعض الطرق الأسرع فى التجارب وإجراءات الموافقة، مثل حين مواجهة الأوبئة أو حالات تتطلب البدء بالمعالجات، وحتى بعد توافر الدواء فى الصيدليات والمستشفيات، والبدء فى استخدامه على نطاق واسع فى العالم، فإن ثمة متابعة من قبل الهيئات الصحية لمفعوله أو آثاره الجانبية أو ظهور أى من الضوابط الجديدة للاستخدام، بل ربما يتم سحب الدواء من الأسواق لأسباب ضرورية.
 
بعد أن نقلنا كلام الخبراء والمتخصصين نقول فى النهاية إن تلك المراحل البحثية الطويلة الحازمة الدقيقة ليست تعنتاً ولا هى من قبيل الغلاسة والرخامة العلمية إنما هى التزام بمنهجية العلم ورصانته للحفاظ على صحة الإنسان.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع