الأقباط متحدون - في مثل هذا اليوم .. سراى عابدين تستقبل وفود المصريين لتأييد «عباس الثانى» فى مواجهة الاحتلال
  • ٠٠:٢١
  • الخميس , ١٨ يناير ٢٠١٨
English version

في مثل هذا اليوم .. سراى عابدين تستقبل وفود المصريين لتأييد «عباس الثانى» فى مواجهة الاحتلال

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٥٥: ٠٢ م +02:00 EET

الخميس ١٨ يناير ٢٠١٨

عباس الثانى
عباس الثانى

 ذات يوم 18 يناير 1893م..

توافد الناس على سراى عابدين لتقديم التحية والتأييد للخديو عباس حلمى الثانى لموقفه فى قضية قراره بإقالة مصطفى فهمى باشا رئيس النظار «الوزراء»، وتعيين حسين فخرى باشا، ففيما رفضها اللورد كرومر مندوب الاحتلال البريطانى فى مصر، صمم الخديو على موقفه، وانتهت الأزمة بتسوية قام بها وسطاء بين الخديو واللورد، قرر الخديو على أثرها تعيين رياض باشا رئيسا للحكومة إرضاء لكرومر الذى رفض تعيين «فخرى باشا»، وإرضاء للخديو الذى صمم على إقالة «فهمى باشا» (راجع ذات يوم 15 و 16 و 17 يناير 2018).
 
فى هذه القصة التى دارت وقائعها بعد 11 عاما من الاحتلال البريطانى لمصر «عام 1882» تأكد فيها تعطش المصريين إلى الحرية والاستقلال، ورفضهم للاحتلال، وبالرغم من أن الخديو عباس لم ينفذ إرادته كاملة بالإبقاء على رئيس الحكومة الذى اختاره وهو «حسين فخرى باشا»، إلا أنه فى نفس الوقت صمم على إقالة «مصطفى فهمى باشا»، وعلى أثر ذلك شهد يوم 18 يناير «مثل هذا اليوم» عام 1893 والأيام التالية تفاعلات للمصريين فى تأييد الخديو، ويذكر محمد فريد فى مذكراته، تحقيق: رؤوف عباس، الصادرة عن «دار نهضة الشرق - القاهرة»: «فى 18 يناير كان يوم أربع وهو يوم المقابلات الخديوية، فوفد الناس زمرا على سراى عابدين يبدون تشكراتهم للخديو لقيامه بالواجب عليه، وكان هو يشرح ما حصل لكل فئة، وأتى للتهنئة كثير من أعيان الشرقية والمنوفية والقليوبية والجيزة، وورد عدة تلغرافات لسموه من أغلب البنادر وبالاختصار فإنه كان يوم تظاهر وطنى عظيم»، ويشير فريد إلى أن السبب فى ذلك هو ما يعتبره «انتصار الخديو فى مقاومته الأمر الذى لم يره الإنجليز مدة الخديو المرحوم توفيق باشا، الذى كان رحمه الله السبب فى تطاول الإنجليز إلى الوظائف بتساهله معهم فى كل الأمور، كما كان السبب فى دخولهم مصر».
 
وعن نفس الحالة يذكر أحمد شفيق باشا، فى الجزء الثانى من مذكراته، عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة»: «ما كاد يشرق صباح يوم 18 يناير، حتى أقبلت الوفود على السراى من جميع الطبقات، يتقدمها البرنسات ورجال الأديان وأعضاء مجلس شورى القوانين ووفود المديريات، وألقيت الخطب الدالة على إعجاب الشعب جميعه بشجاعة أميره وتأييده التام لموقفه الحازم، ثم قدم إلى السراى عدد كبير من رجال المحاكم الأهلية، فتشرفوا بمقابلة الخديو لشكره على موقفه المشرف، فرد عليهم سموه بأنه إنما يدافع عن الحقوق الشرعية للبلاد لا غيرة لشخصه، وعندئذ تعالى الهتاف والدعاء بحياته، وظلت الوفود تتقاطر على السراى وتموج بهم ساحتها حتى عصر ذلك اليوم، ووردت على الخديو مئات البرقيات من مختلف أنحاء القطر بالتهنئة والتأييد».
 
ازداد حماس المصريين فى الأيام التالية، ويذكر محمد فريد: «فى يوم الجمعة 20 يناير صلى الخديو بجامع الحسين، وكان بانتظاره بداخل المسجد وخارجه على حافتى الطريق ألوف الألوف من الناس، وتظاهروا عند مروره تظاهرا لم يسبق له مثيل فى مصر، واشترك الأجانب غير الإنجليز مع المواطنين فى هذا الاحتفال التظاهرى، ورغب بعض الشبان حل خيول عربة الخديو وجرها بأنفسهم تعظيما لمقامه السامى، فأبى ذلك وبعد مروره توجهت زمرة من الشباب إلى إدارة جريدة المقطم الإنجليزية وتظاهروا أمامها، وصاحوا: «ليسقط المقطم» ولولا تدارك البوليس المسألة لحصلت مظاهرات أشد من ذلك، وقبض على ثلاثة من المتظاهرين ضد المقطم وهم من تلامذة الطب».
 
ويؤكد عبد الرحمن الرافعى فى كتابه «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية» عن «دار المعارف –القاهرة»، أن المظاهرة الوطنية التى قام بها طلاب المدارس العليا، وفى مقدمتهم طلبة الحقوق تأييدا للخديو، كان مصطفى كامل فى طليعتها، وكان يبلغ من العمر 19 عاما «مواليد 14 أغسطس 1874»، ويرى فتحى رضوان فى كتابه «مصطفى كامل» عن «دار المعارف – القاهرة»، أن هذه المظاهرة كانت بمثابة مولد كامل «كزعيم مؤثر فى الجماهير، ويقول: «كانت هذه المظاهرة ظاهرة جديدة وغير مسبوقة فى حياة المصريين العامة والسياسية، وهى فى حياة مصطفى ذات ثلاث دلالات، الأولى: أن التعبير عن الرأى عند مصطفى خرج من نطاق الكتابة التى تتم فى عزلة بعيدا عن الناس، إلى الرأى المنطوق الموجه إلى الجماهير، الثانية: أن التعبير عن الرأى تجاوز مجرد الإلقاء بالرأى، وتركه يفعل فعله فى الناس، إلى تجميع الناس وإثارتهم وتوجيههم، الثالثة: أنه خرج من نطاق مساهمة الجندى إلى قيادة الزعيم»...!!