الأقباط متحدون - الخطيب ومشروع الفنكوش.. وثمن رئاسة الأهلى الشرفية
  • ٠٢:١٨
  • الخميس , ٤ يناير ٢٠١٨
English version

الخطيب ومشروع الفنكوش.. وثمن رئاسة الأهلى الشرفية

مقالات مختارة | بقلم : أسامة خليل

٢٣: ١١ ص +02:00 EET

الخميس ٤ يناير ٢٠١٨

أسامة خليل
أسامة خليل

واحد من أرفع الأوسمة والنياشين للدولة المصرية هى: قلادة النيل الذهبية، وهو وسام يمنح للأشخاص الذين قدموا إنجازًا فائق التميز للدولة، وأثروا بإنجازهم حياة المصريين، ورفعوا اسم البلاد عاليًا فى المحافل العالمية، أو هؤلاء الذين قدموا لمصر خدمات جليلة من غير المصريين. ومن حصلوا عليه طوال تاريخ بلادنا الطويل مجموعة تعد على أصابع اليد الواحدة أبرزهم الأديب الكبير: نجيب محفوظ، والعالم أحمد زويل ود.محمد البرادعى والسيدة أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب وعميد الأدب العربى طه حسين والمناضل نيلسون مانديلا.

وإذا كانت قلادة النيل الذهبية هى أرفع أوسمة الدولة ففى النادى الأهلى رئاسة النادى الشرفية هى لقب ووسام شرف رفيع المستوى يُمنح لمن قدموا للأهلى خدمات جليلة وعظيمة وأسهموا فى رفع اسمه بأفعال ومواقف فارقة وأظهروا مدى حبهم وانتمائهم للأهلى على مدار سنوات طويلة. ومن حصلوا على هذا اللقب طوال تاريخ الأهلى الطويل والعظيم أسماء معدودة وكلها من الشخصيات البارزة فى المجتمع؛ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والرئيس محمد أنور السادات، ومحمد طاهر باشا وفكرى أباظة وكمال حافظ والدكتور نورالدين طراف ومراد فهمى مؤسس الاتحاد الإفريقى لكرة القدم. 

ومن ضمن الأسماء التى تزين هذه القائمة: الأمير عبد الله الفيصل رحمه الله والذى من فرط حبه للأهلى أنشأ صالة مغطاة كانت فى وقتها صالة ألعاب عالمية، ومن فرط خوفه على مستقبل النادى تنازل عن حصته فى أسهم ملكية فندق رمسيس هيلتون وحصته فى شركتى «أمينى ومتينى»، وكانت تقدر وقتها بملايين الدولارت وذلك حتى يضمن الأهلى من عائدها موردًا ماليا ثابتًا. 

هذه المقدمة التاريخية تداعت إلى ذاكرتى وأنا أتابع كابتن محمود الخطيب رئيس النادى الأهلى يعقد مؤتمرًا صحفيا فى أحد الفنادق الفاخرة (وليس النادى الأهلى) الأسبوع الماضى وليعلن منح السيد تركى آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة فى دولة السعودية الشقيقة الرئاسة الشرفية للنادى الأهلى. وجاء فى تبريره لمنحه هذا اللقب العظيم والشرف الكبير الذى نادرًا ما تجرّأ مجلس إدارة طوال تاريخ الأهلى أن يمنحه لأحد إلا بعد مناقشات ومداولات، أن السبب هو (سعْى) السيد تركى آل الشيخ لجلب مستثمرين سعوديين وإماراتيين ومصريين لتمويل بناء استاد الأهلى أو «مشروع القرن» كما أطلق عليه فى مؤتمر (الفور سيزونس)، وهو الأمر الذى اعتبره مجلس إدارة الأهلى من الأعمال الجليلة التى تستحق أن يمنح من أجلها هذا اللقب الجليل!

وأنا هنا لن أشكك فيما إذا كان هذا العمل جليلًا أو غير ذلك ولكن السؤال الذى أطرحه: هل يستحق مثل ذلك العمل هذا اللقب؟ وهل هناك عمل تم «بالفعل» واستاد بُنى «بالفعل» ومستثمرون دفعوا بالفعل حتى نقدر (الأفعال لا الأقوال) ونقول عنه جليلًا؟! وهنا أريد أن أضع أمامكم بعض النقاط ربما تساعد فى الإجابة عن السؤال المشروع لجماهير الأهلى وأعضائه: 

هل أعمل مجلس الإدارة والخطيب قيم ومبادئ النادى وتاريخه وأصوله وقواعده الراسخة عندما قرر أن يمنح تركى آل الشيخ الرئاسة الشرفية؟ 

أولًا: كان السيد تركى آل الشيخ صريحًا إلى أبعد الحدود عندما أعلن أمرين؛ الأول: من خلال حسابه الشخصى على "تويتر" ردًّا على الانتقاد الذى تعرض له من الجماهير السعودية الشقيقة على مواقع التواصل الاجتماعى والتى ظنت أن استاد الأهلى ستموله الحكومة السعودية وقال ما نصه: «دورى كرئيس للاتحاد العربى إيجاد مستثمرين للرياضة العربية، وهذا ما حصل مع الأهلى المصرى»، مضيفًا: لم يتم دفع أى مبالغ من الجهات الحكومية السعودية، المشروع هو استثمار قطاع خاص «سعودى إماراتى مصرى». 

وزيادة فى الصراحة وتأكيدًا أن الهدف استثمارى بحت وفى حواره التليفزيونى مع إعلامى رياضى يعف قلمى عن كتابة اسمه، لأنه شخص لا ينطق إلا عن هوى قال السيد تركى:

(الأهلى فرصة استثمارية ٨٠ مليون مشجع، نادى بطولات، نادى القرن فى إفريقيا.. استثمار ناجح بالنسبة لنا، إحنا اللى كسبانين مش انتوا).

وأضاف أن هذه المجموعة الاستثمارية السعودية الإماراتية المصرية تبحث إقامة استثمارات فى تونس والمغرب، وهو ما يعنى أن الرجل لم يقل إنه يقدم شيئًا خاصا للأهلى كما فعل الأمير عبدالله الفيصل، فالأهلى بالنسبة له مثل باقى الأندية العربية باعتباره رئيسًا للاتحاد العربى.

والسؤال: لماذا اعتبر الخطيب ومجلسه هذا (العمل الذى لم يشرع فيه بعد) جليلًا ويستحق منحه الرئاسة الشرفية، والأمر لا يعدو أكثر من مجموعة مستثمرين تطمح فى العمل بمصر ولهذا السبب التقى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى لبحث إنشاء مدينة رياضية وهذا ما تم إعلانه رسميا من قبل رئاسة الجمهورية. 

ثانيًا: ما أعلنه الخطيب فى المؤتمر الصحفى كان صادمًا ومحبطًا ومنتقصًا من قدره كرئيس نادٍ لا يعلم شيئًا عن مشروع أطلق عليه مجازًا «مشروع القرن»، وأولى الصدمات أنه جار البحث عن أرض لإقامة الاستاد عليه، متجاهلًا أن الأهلى لديه أرض بالفعل فى الشيخ زايد وأنه خلال حملته الانتخابية ادعى أن لديه رسومات للاستاد، وجاء بشركة إنجليزية عرضت المشروع، ومتناسيًا أن مجلس إدارة الأهلى السابق ترك له دراسات اقتصادية ورسومات وافية أجرتها شركتان؛ إنجليزية وألمانية، لبناء الاستاد على أرض النادى، مما يعنى أن المستثمرين المحتملين يرفضون بناء الاستاد على أرض الأهلى وأنه أقرب إلى أن يقام داخل العاصمة الإدارية الجديدة أو على حدودها وهى تقريبًا نفس المنطقة التى سيقام عليها مشروع المدينة الرياضية الاستثمارية.

ثالثا: كشف المؤتمر الصحفى عن جهل تام لرئيس النادى بأسماء المستثمرين والكارثة الأكبر أنه لم يعلن عن تكلفة المشروع المبدئية وطبيعة الاتفاق مع هؤلاء المستثمرين وشروط تعاقد النادى معهم وهل المشروع بنظام المشاركة فى الأرباح أم نظام Bot وبمقتضاه يقوم المستثمر بالبناء والتشييد والحصول على عائد المشروع لسنوات محددة لتعود بعدها الملكية للنادى الأهلى؟

أما أن المستثمرين سيؤجرون من الأهلى الاسم والشعار فقط مقابل مبلغ من المال ولفترة محددة ووقتها لن يكون استاد الأهلى بل استاد مَن بناه؟! 

كل هذه الأسئلة الساذجة والبسيطة لم نجد لها إجابة فى المؤتمر الصحفى، وكيف لنادٍ بحجم الأهلى أن يعلن عن مشروع القرن وهو لا يعلم عنه شيئًا؟ «شاهد ماشفش حاجة»، وعن نفسى لا أجد له وصفًا سوى أنه «مشروع الفنكوش» وليس مشروع القرن.

رابعا: الحقيقة الوحيدة أو المعلومة الأكيدة التى يمكن أن نخرج بها من «المؤتمر الفنكوشى» هو إعلان السيد تركى آل الشيخ رئيسًا شرفيا للأهلى وبالمناسبة هذا الخبر كنت قد كتبته فى مقالى الأسبوع الماضى تحت عنوان (الخطيب ومدرب كيس الجوافة والكفيل السعودى) وقلت: (إن ما يقوم به الخطيب مع السيد تركى آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية شخصى بحت ومجاملة لمساندته له فى انتخابات الأهلى الأخيرة. وللرجل قصة مع إدارة الأهلى السابقة سأحكيها عندما يحين وقتها ويقلده الخطيب الرئاسة الشرفية). 

وللحق لم أكن أظن أن الخطيب سيسدد الفاتورة الانتخابية للوزير السعودى بهذه السرعة المذهلة، ولم يأت على بالى أن الخطيب مستعد، لأن يهدر قيم ومبادئ الأهلى وتقاليده ويمنح الرئاسة الشرفية بهذه السهولة التى تورطه وتدينه أمام الرأى العام الأهلاوى فالرجل -مع كامل احترامنا لشخصه- لم يقدم شيئًا للأهلى حتى الآن. 

أما وإن الخطيب قد فعلها فإننى لا أملك إلا أن أفى بما وعدت به وأصرح لكم بأن السيد تركى آل الشيخ سبق وطلب من إدارة الأهلى السابقة عن طريق السيد راكان الحارثى رئيس شركة صلة والذى جلس إلى جوار الخطيب فى المؤتمر الصحفى متحدثًا باسم المستثمرين المجهولين، ولكن إدارة محمود طاهر التى اتهمت بإهدار المبادئ وتدمير قيم الأهلى رفضت طلبه، نظرًا لأن الشروط الصارمة لهذا المنصب الشرفى لا تنطبق عليه. 

خامسا: أعلن السيد تركى رئيس النادى الأهلى المصرى بعد تقلده المنصب بساعات وخلال لقائه التليفزيونى رغبته فى تعيين الإعلامى الذى يعف قلمى عن كتابة اسمه رئيسا لقناة الأهلى وقال: إن القناة الحالية لا تليق باسم الأهلى وإنه سيناقش ذلك مع مجلس إدارة النادى وإن لديه مستثمرين جاهزين ليحلوا محل شركة بريزنتيشن التى من الواضح أنه يتم التجهيز للإجهاز على صاحبها السيد محمد كامل وأن المستثمرين يرغبون فى هذا الإعلامى، متجاهلًا أن المستثمر ليس من حقه أن يحدد رئيس القناة أو يتدخل فى سياستها كما تفعل "بريزنتيشن" الآن، اللهم إلا إذا كان يتعامل باعتباره رئيسًا فعليا وليس شرفيا.

ولـ"بريزنتيشن" مع إدارة الأهلى الحالية قصة أخرى سأحكيها فى حينها.

بالمناسبة وعلى سبيل المعلومة العابرة فإن غياب الخطيب عن حضور مباراة أتليتيكو مدريد -وهو الغياب الذى أثار علامات الاستعجاب أن يغيب صاحب البيت عن الاستقبال والترحيب بضيوفه وعلى رأسهم وزير رياضة بلده- لم يكن لظرف طارئ ولكن للقاء طارئ دُعى إليه وعجز عن الاعتذار عنه للقاء رئيس شرف النادى.
نقلا عن التحرير

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع