الأقباط متحدون - إبراهيم نافع
  • ٠٥:٢٧
  • السبت , ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧
English version

إبراهيم نافع

مقالات مختارة | بقلم د. عماد جاد

٥٢: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

هو عَلَم من أعلام الصحافة المصرية، إدارى من طراز رفيع، دمث الخلق، شغل منصب رئيس تحرير «الأهرام» عدة سنوات، ثم جمع بين منصبَى رئاسة التحرير ورئاسة مجلس الإدارة سنوات أخرى، فى عهده تحولت «الأهرام» إلى مؤسسة إقليمية عملاقة، وتعد سنوات إدارته للمؤسسة هى السنوات الذهبية لـ«الأهرام» بشهادة جميع العاملين فى المؤسسة، كانت «الأهرام» فى عهده قوية ومهابة الجانب، وذات مصداقية عالية عند جميع المصريين، توسّعت المؤسسة فى عهده وباتت أشبه بدولة، فمكاتب «الأهرام» انتشرت فى مختلف عواصم العالم الكبرى، وكان الصحفى بـ«الأهرام» عندما يزور عاصمة من هذه العواصم، يتعامل مع مكتب «الأهرام» باعتباره سفارة ثانية لمصر.

فى عهد الأستاذ إبراهيم نافع افتتحت عدة مكاتب دولية وإقليمية، وفى عهده تعددت مطبوعات «الأهرام» المتخصصة، الرياضة، المرأة، الديكور، التكنولوجيا، والأهرام ويكلى باللغة الإنجليزية، و«الأهرام إبدو» باللغة الفرنسية. وأشهد أن العهد الذهبى لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية كان فى عهد الأستاذ إبراهيم نافع، فقد احترم الرجل خصوصية واستقلالية المركز، لم يتدخل فى شئونه الداخلية، وفر له كل الإمكانات المطلوبة، وقدم المركز تحت إشراف الأستاذ إبراهيم نافع خدمات جليلة لصانع القرار المصرى وللدولة المصرية ككل، وأتذكر أنه فى حرب تحرير الكويت كان المركز، وبإشراف الأستاذ إبراهيم نافع، يقدم لرئاسة الجمهورية تقريراً يومياً عن قضية من قضايا حرب الخليج الثانية، والتقرير كان عبارة عن تقدير موقف «Position Paper» يعالج فى شكل مختصر قضية مثارة ويضع سيناريوهات للتعامل معها والموقف المصرى تجاهها، وأتذكر أن الراحل العظيم السيد يسين، الذى كان يشغل منصب مدير المركز فى ذلك الوقت كلّفنى بورقة عن ردود الفعل المتوقعة من إسرائيل تجاه الصواريخ التى كان يقذفها بها صدام حسين، وهل سترد إسرائيل على هذه الصواريخ؟

وإذا ردّت ما هو شكل الرد المتوقع؟ وماذا تفعل مصر فى هذه الحالة؟ وكان الرجل يعطى كلَّ ذى حق حقَّه، وقد عرفت الرجل عن قرب عند تأسيس المنظمة العربية لمناهضة التمييز عام 2002 عندما رفعت منظمة يهودية دعوى عليه فى فرنسا بسبب مقال نشر لكاتب من خارج الجريدة يتحدث عن خرافة «فطيرة الدم» مردداً مقولات عن قيام اليهود بعمل الفطير من دم الأطفال غير اليهود، وقد جمع الرجل فى مكتبه أربعة من خبراء مركز الدراسات طارحاً سؤال ما العمل؟ فأشرت عليه بتأسيس مركز لرصد ما يرد فى الصحافة العبرية من تجاوزات بحق الآخرين من مسلمين مسيحيين وعرب، بل وأوروبيين، وافق الرجل فوراً وبدأنا عملية تأسيس المنظمة العربية لمناهضة التمييز التى لعبت دوراً مهماً فى كشف وتعرية العنصرية الصهيونية وتجاوزانها بحق الأغيار، وهم كل غير اليهود.

بعد ثورة يناير تمت ملاحقة الرجل، ووجهت له اتهامات أغلبها غير صحيح، ولم تثبت فى حقه تهم محددة، انصرف الجميع من حوله وانهالت عليه الطعنات ممن كان يحسن إليهم ويقدمون له فروض الطاعة بل الولاء التام، اضطر الرجل إلى ترك مصر والاستقرار فى الإمارات، اليوم وقد تجاوز الرجل الثمانين من عمره وأجرى جراحة دقيقة للغاية طلب العودة إلى بلده، وهو طلب اعتبره أُمنية لديه، وأتصور أن خدمات إبراهيم نافع للصحافة المصرية بل وللدولة المصرية ذاتها تجعل من الاستجابة لهذا الطلب أمراً مُلحّاً بل حتمياً، فمصر لا تبيع أبناءها ولا تتنكر لهم.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع