الأقباط متحدون - الحل.. مصرى
  • ٢٢:٢٣
  • الاربعاء , ١٣ ديسمبر ٢٠١٧
English version

الحل.. مصرى

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٧

 د. عماد جاد
د. عماد جاد

 كان لقاء الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر وقداسة البابا تواضروس الثانى على رأس اللقاءات التى طلبها نائب الرئيس الأمريكى مايكل بنس خلال زيارته إلى القاهرة. ومعروف عن الرجل أنه إنجيلى متدين، وقد جرى الترويج بكثافة أن الرجل آتٍ لبحث أوضاع المسيحيين فى مصر. وإذا كان رفض الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر للقاء بنس منطقياً بعد قرار الرئيس الأمريكى الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل والبدء فى إجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فإن البعض تساءل: ولماذا يلغى قداسة البابا اللقاء مع الرجل الذى أعلن أنه جاء ليبحث حقوق المسيحيين. وحدث جدل بين الشباب المسيحى على مواقع التواصل حول هذا القرار، هل كان من الأفضل أن يحدث اللقاء ويجرى تبادل الحديث فى قضايا مختلفة، ومنها قضية القدس الشرقية، أم أن مقاطعة نائب الرئيس الأمريكى فى هذا التوقيت هى الخطوة المثلى؟

 
فى تقديرى أن قرار قداسة البابا برفض لقاء نائب الرئيس الأمريكى فى هذا التوقيت هو خطوة حكيمة للغاية لاعتبارات عديدة، أولها أن الإدارة الأمريكية تبحث باستمرار، مثلها مثل أى إدارة أو حكومة فى العالم، عن مصالحها المباشرة، وأنها لا تتورع عن استخدام عناوين وقضايا إنسانية فى سبيل تحقيق مصالحها، فالولايات المتحدة هى التى وضعت بذرة تنظيم القاعدة بتشكيل جماعات المجاهدين بالاشتراك مع الرئيس المصرى أنور السادات والباكستانى ضياء الحق ومدير المخابرات السعودية كمال أدهم، ورفعت شعار مقاومة غزو دولة ملحدة لشعب مؤمن، واستمرت فى ذلك إلى أن خرج السوفييت، فتركت أفغانستان تسقط فى براثن تناحر فصائل المجاهدين. ومنذ ذلك الوقت وأفغانستان غارقة فى دوامة الدم والعنف. أيادى الأمريكان ملطخة بدماء أهل أمريكا اللاتينية، وآسيا، وفى العالم العربى دمروا العراق وقتلوا مليوناً من أبنائه بدم بارد. ومنذ احتلالهم العراق بحجة علاقة صدام بالقاعدة ووجود أسلحة دمار شامل فى العراق، وهذا الشعب لم يخرج من دوامة العنف والدم.
 
وعندما وضعت الإدارة الأمريكية مخطط الفوضى الخلاقة الذى اعتمد على نشر الفوضى أولاً، ومن رحم الفوضى تولد الديمقراطية والحرية، كانت النتيجة ما سُمى بالربيع العربى، وفى رحم هذا الربيع وُلد تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، ذلك التنظيم الدموى الذى ارتكب جرائم يندى لها جبين البشرية، تفننوا فى استحداث أساليب قتل مثل الذبح، التفجير، تفخيخ الرأس، الإغراق فى المياه داخل قفص حديدى، الحرق.. كما دمروا الكنائس وهجّروا المسيحيين خارج العراق وسوريا، نكّلوا بالأسر المسيحية والأيزيدية وكافة الطوائف غير المسلمة، كما لم ينجُ المسلمون من بطشهم وإرهابهم أيضاً. وخلال هذه الفترة التى شهدت تنكيلاً بالمسيحيين فى سوريا والعراق وسنة حكم المرشد التى شهدت اعتداءات طائفية: الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية، المقر البابوى، لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث، ثم حرق الكنائس وتدمير الأديرة التاريخية بعد فض رابعة، لم تحرك واشنطن ساكناً، بل إن سفيرة واشنطن فى ذلك الوقت «آن باترسون» كانت تدعم الإخوان بكل قوة ووقفت ضد ثورة 30 يونيو، وقابلت البابا تواضروس الثانى لتطلب منه أن يدعو الأقباط لعدم المشاركة فى ثورة 30 يونيو.
 
ما نود التأكيد عليه هنا هو أن الولايات المتحدة لا يهمها سوى مصالحها المباشرة ولو على جثث الشعوب بصرف النظر عن دياناتها وطوائفها، المهم تحقيق مصالح واشنطن، وما الحديث عن حقوق الإنسان والحريات وحقوق الجماعات العرقية والدينية إلا أدوات تُستخدم.
 
كلمة أخيرة: مشكلة مصر لن تُحل إلا على أرضية وطنية. نعم، الوضع صعب والطريق طويل، لكنه الطريق الوحيد للحفاظ على بلدنا ولمواصلة العيش المشترك الذى، رغم كل صعوباته، بات نموذجاً فى المنطقة، وقابلاً للتطوير وتسوية ما يعتريه من مشاكل وعقبات أيضاً مهما كانت صعوبتها. الخلاصة: مشاكل مصر لا حل لها إلا داخل مصر وبين المصريين، واهمٌ من يتصور أنه يمكن أن يكون لأجنبى، وأمريكى تحديداً، أى دور إيجابى فى هذه القضية.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع