الأقباط متحدون - ماذا فعلت بهم ؟!
  • ١٠:١٣
  • الاربعاء , ١٣ ديسمبر ٢٠١٧
English version

ماذا فعلت بهم ؟!

أندرو اشعياء

مساحة رأي

٢٣: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٧

الكتاب المقدس
الكتاب المقدس

 بقلم/ أندرو أشعياء

 
خَرجَت ذات يوم في فجر مُشرق من رحم أمها الُمفعمة بطقسها الروحاني الجميل وكتابها المقدس الغني بأسرار الملكوت .. ترتدي حلتها البهيه وثيابها النقية تُفتش عن حبيبها علي أطراف المدينة فلم تجدهُ .. فأسرعت هائمة علي وجهها في الجبال والبراري والقفار وشقوق الأرض لعل تجده .. تأئهه كانت ..حائرة وُجدت لكن مفعمة بالأمل ولا يعرف اليأس طريقه إليها .... تصرخ في أعماقها ولسان حالها ينادي .. أين أنت .. أين أنت .. لقد طار النوم من عيني .. النعاس الهادي فارق أجفاني .. أين أنت يا من تحبه نفسي .. أين ترعى .. أين تربض .. أين أنت يا من سبيت علقي .

يا من أخذت روحي مني .

 
وسُمع صوت صراخها يدوي في أعماقها متهللًا أني مريضه حبًا .. أحترقُ شوقًا .. أذوب فرحًا للقائي بك ... وأخذت تقرض الشعر فيه بين الوديان والقفار قائله أُحبك حبًا يملاء كياني ........... يثور في قلبي ويشعل وجدانــــــي حُبك مرسوم بخيالـــي ........... ولا أدري كيـــــــف ســـــــــباني حُبك في القلب عجيب ........... ينسكب في أحشائي كالسـكيـــــب حُبك فيا أمره غريب ........... يُشعل في داخلي نار اللهـــــيـــــب بحبك بيتُ غريـــــب ........... عن كـــــونً فيـــه أنا ولــــــــــــيد نار حُــــبك لا أطيق ........... ولا طـــــاقة لي عـــلي التـــطليـــق بين ليلة وضحاها وهي نائمة وقلبها مُستيقظ ينبض بالحب والحنان .... رأته بعيونه الصافية هناك ينتظرها فاتحًا ذراعيه ليحتضنها.... فهو الأب الراعي .... فأمسكتهُ ولم ترخِه. فظلت في وكرها الجديد بين يديه الحانيتين تنسج وتحيك معالم الروحانية الصافية متخطية عالم المادة بكل صوره .. وهناك رسمت وحددت معالم موطن الملائكة الأرضيين والبشر السمائيين.. وبَنت بين يديه أبراجاً عالية الارتفاع فاقت كل المقايس المادية .. يعلوها برج الاعتدال الذي للعظيم أنطونيوس المزين بالروحانية المعتدله الصافية الهادئة ..

التي لم تجرد الطبيعة البشريه من طبعها وخواصها بل هذبتها بفكر السمائيين .. أبراجًا لها سحرها الخلاب مثل برج الطاعة الذي للقصير يوحنا الذي كان الإسقيط مُعلق بطرف أصبعه وبرج الحكمة المتلألأ الذي للعظيم أرسانيوس وبرج الاتضاع للطوباوي مكاريوس .. هناك برج غريب لناظريه يتربع عرشه بولا البسيط تلميذ الطوباوي أنطونيوس يدعي البساطة .. بعيونها الصافية وعقلها المستنير بروح الله رأت الكون في جلاله والطبيعة في ثوبها السامي.. ففاح عطر ناردينها وتنسم الكل روحانية أريجها النقي .. فجذبت الكثيرين إلي أحضانها من كل حدب وصوب وبنت لنفسها أبراجًا في الشرق والغرب في كل المعمورة بطولها وعرضها ولكن لا برج يعلو فوق برج أنطونيوس المؤسس المحبوب من السمائيين والارضيين.. بسموها الروحاني علي مر العصور جذبت ومازالت تجذب الشباب والعذاري دون تفرقه في جنس أو لون.... وبحب عريسها هم مغمورين ودعوا سكاري الحب الإلهي .

يوما ما أمسكتُ بها وسألتها ما هذا الذي فعلتيه بهم وغيرتي حال جنسهم ... فضحكت وإرتسم علي وجهها الملائكي براءة الاطفال فتهلل قلبي وإنشرح فؤادي الصغير وأملتُ سمعي لها فقالت: ألا تعرف أني أنا لستُ إلا طريق صافي هادي .. وما فعل بهم هذا هو الحب.. نعم هو الحب الإلهي .. من سكنوا الجبال ما هم إلا سكاري الحب الالهي فما ذنبي أنا ؟! ألم تسمع يوماً ما قول الشيح الروحاني: أولئك يا رب الذين أشرقت عليهم بشعاع من حبك.. لم يحتملوا السكنى بين الناس، بل ألقوا عنهم كل حب جسدانى وتغربوا عن كل شئ فى طلب الحبيب.. نزعوا كل أفراحهم وذهبوا يلتمسون طريق الحبيب بدموع، بكوا لما وجدوا أنفسهم فى الطريق غير مستأهلين لجمال المحبوب.. ساعة أن أدركوا شهوة حب الوحيد ما صبروا أن يبقوا فى أفراح العالم لحظة، ولما لم يجدوا عندهم شيئاً يليق بتقديمه إليك.. قدموا ذواتهم بالحب على مذبحك واسلموا أجسادهم حتى الموت.. فرحين إذ وجدوا شيئاً يقدمونه إليك.. آه منك أيها الحبيب.. لقد سلبت منهم كل شئ.. لقد رموا عنهم الجنس والقبيلة وجعلوا أنفسهم غرباء عن الكل لكي يدركوا حُبك القدوس ونزعوا عنهم الراحة ولبسوا الاحزان، أبغضوا التمتع باللذات وأحبوا الضيقات .. ألم يقل الشيخ الروحاني أيضا محبة المسيح غربتني عن البشر والبشريات .. إبتسمت في وجهها الذي جذبني منذ نعومة أظافري وقلت لها حقًا يا ساكنة الجبال ما أنت إلا طريق لكن محبوب ومرغوب جدًا لكل سكاري الحب الالهي .... محبوب مثل رواده أنطونيوس ومكاريوس وباخوميوس أعمدة الترهب النيرة ، ولكن لا تُنقصي من شأنك هكذا فأنتِ للبعض دعوة مقدسة ... ولأخرين طريق للتوبة . ثم طفق لساني يلهج .
 
آه .. آه أيها الحب الإلهي ماذا فعلت بهم .. أكتب هذا في عيد رهبنة أبينا الطوباوي الأنبا مكاريوس الاسقف العام .. حقًا لو لم يكن اسقفًا لصار أبًا عظيماً مختبرًا من أباء الرهبنة العظام .. ابًا على غرار القديس العظيم أنطونيوس ومكاربوس .. هنيئًا لك يا ابي لقد وسقت مركبتك بخيرات ملوكية وصارت سيرتك عطره في كل مكان .. لازلت راهبًا بالحق ذاهدًا كل مجد يحمله العالم لك .. كطيور السماء وكأحد وحوش البرية تعيش فى سكينة بلا هم ولم تهتم قط ببيت ولا طعام ولا ملبساً او كتابًا بـــل حرًا حتى من الالام الجسدانية راكبًا فوق قوة الايمان صائرًا بالرجاء مثل اسير الأمور المنتظرة .. ولازال ثوب الرهبنة المفتخر بك المتسربل به يشهد لك بأنه قد أرتوى بعرقك ودموعك وسجودك ومطانواتك وصلواتك وكلماتك وعبق روحك المخلصة لله .. فالبرغم من سكينتك البادية على صوتك ومَحياك، إلا أنك ناريًا دؤوبًا غيورًا على مجد الله .. ولعلني اقول عن رؤيته، فمن يرى طلعته البهيه يلمس طوباويته وقداسته في الثالوث القدوس، بنمو لا نهائي في الصلاة .. منظر ترى من خلاله شخص عشق المذبح وتعلم معرفة اللاهوت من الكتاب المقدس، وتقوا بالسجود والأدب الروحي ... لسنين كثيرة يا سيد (لحن تو مكاريو) كل عام ونيافتكم بكل خير .. 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد