الأقباط متحدون - حرب المصاحف إحياءً لحرب المساجد
  • ١٣:٢١
  • الثلاثاء , ٥ ديسمبر ٢٠١٧
English version

حرب المصاحف إحياءً لحرب المساجد

مقالات مختارة | د. مجدى علام

٥٢: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٥ ديسمبر ٢٠١٧

د. مجدى علام
د. مجدى علام

 فى تعبير تلقائى من إمام مسجد الروضة الذى نجا من المذبحة قال الرجل فى وصف بليغ: «مش عارفين من الذى قال الله أكبر القاتل أو المقتول؟ ولذلك أرجو الحذر الأمنى فى احتفالات الطرق الصوفية بالمولد النبوى الشريف فى عموم مصر»، وصدق من قال إنه قبل سبعة قرون قام ابن تيمية فى فتاواه يكفر الصوفية ويوجب قتلهم، وبعدها بأربعة قرون، محمد بن عبدالوهاب يلتقط فتوى قتل الصوفية ويجعلها أداة للتوسع فى جزيرة العرب، وبعدها بقرنين يتبناها عبدالعزيز بن باز فى فتاواه ويجعلها مادة للإرشاد فى كتبه، وبعدها بخمسين سنة يبثها الفوزان وبن جبرين فى كتبهما على أنها من بديهيات الإسلام وأركانه فيلتقطها طلبة العلوم الدينية فى المدارس على أنها تعاليم الإسلام الخالص من الشرك والبدع.

 
إن انتشار العناصر الرئيسية لفكر التكفير فى وعظ وخطب عدة خطباء هو العامل الرئيسى وراء انتشار هذا الفكر بين شخصيات ذات ثراء مثل أسامة بن لادن، وشخصيات فقيرة مثل إرهابى ليبيا الذى يمثل نموذج فقراء الإرهابيين، مقابل اعتبار الإرهابيين الأغنى مثل الوافدين من أوروبا أو أمراء بيع البترول المسروق أو تهريب البشر أو المافيا التى توحدت مع «داعش» بمساعدة أجهزة استخبارات أمريكية وأوروبية، وليس أدل على التورط الأمريكى فى صناعة «وهم داعش» هو اختفاء 30 ألف داعشى مرة واحدة وتقرير روسى عن طائرات أمريكية تحمل عدة عناصر لتهريبهم لجهة ما، وقد تردد أن هذه الجهة هى أفغانستان الذى يريد «ترامب» اختيارها كخنجر فى ظهر الصين والاتحاد السوفيتى، ومانع للوجود الروسى على بحر المياه الدافئة فى المحيط الهندى، وأهم من أسباب اختفاء «داعش» من سوريا والعراق وظهورها على حدود مصر الشرقية والغربية وجود محورين مهمين:
 
المحور الأول هو فكر «داعش» الذى انتشر بسرعة الهشيم بين الشباب ويشمل البنود الرئيسية لفكر الكفر التالية:
 
1- البراء: «بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسِيحُوا فِى الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِى الْكَافِرِينَ، وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِىءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ»، مطلع سورة التوبة، كما تبرأ سيدنا نوح من ابنه، وقتل سيدنا الخضر الغلام لأنه فتنة لأبويه بالكفر، وهكذا جاءت البراءة من المشركين أياً كان تصنيفهم فى عدة آيات بالقرآن الكريم.
 
2- الولاء: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»، ثم آيات عديدة تتحدث عن الولاء للمؤمنين فقط وليس لليهود والنصارى أو المشركين أو الكفار، والتفسير السطحى للآيات هو مقاطعة الأصناف الأربعة، ومن يواليهم من المسلمين واعتبار من يواليهم من المسلمين كافراً، ويحرم جوارهم وأكلهم وشرابهم، وهو تفسير زائف وغير صحيح لفكرة الولاء كما فسرها المفسرون الوسطيون.
 
3- الحاكمية: وهى الآيات الواردة فى سورة المائدة، وتحدثت عن من لم يحكم بالتوراة: أولئك هم الظالمون، وهم الكافرون، وهذا يخص اليهود، ومن لم يحكم بالإنجيل: أولئك هم الفاسقون، وهم الأقباط، ومن لم يحكم بالقرآن الذى نزل على محمد، صلى الله عليه وسلم، فقالت الآيات: «وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ»، ولم تكفر المسلمين مطلقاً لاستبعاد الكفر عن من أسلم قلبه للإسلام.
 
4- التكفير: لقد توسع بعض الفقهاء مثل ابن تيمية وابن حزم، عكس العز بن عبدالسلام، فى مفهوم التكفير، حتى إن بعض العادات أو الأدعية التى يقوم بها أو يفعلها الصوفيون واعتبروهما كافرين، وهذا ما حدث فى مسجد الروضة، ولم يفطنوا إلى باقى تفسيرات ابن تيمية عن الكفر البين والكفر الباطن، أو إعلان الخروج من ملة الإسلام بعد المراجعة وبحكم ولى الأمر.
 
5- الإمارة والبيعة: اعتبار الشعب المسلم بلا أمير أو خليفة شعباً ناقصاً من أركان الإسلام استناداً لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: «إن كنتم ثلاثة فأمّروا أحدكم»، وهكذا أصبح كل سباك أو نجار حفظ بعض آيات وأحاديث يقول لمن يتبعه، وإن كانوا 3 أفراد، أنا الأمير، وأطاعوه وبايعوه فقد تحقق لهم ركن الإمارة الذى ورد فى حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: «من مات بلا بيعة..».
 
6- السمع والطاعة العمياء: من بايع الأمير وجب عليه السمع والطاعة مختاراً أو مجبراً، وإن خرج عن السمع والطاعة وجب قتله، كما قتل يزيد بن معاوية من عصاه، وقتل صلاح الدين الأيوبى من خرج عليه، لأنه خارج على طاعة الأمير الممكن المستقر تمكينه، وهنا كان فقهاء بنى أمية من فرضوا هذا الفقه، وتبعهم الخوارج بكل أصنافهم.
 
إن كل أهل مصر يحبون أهل البيت، مسلمو وأقباط مصر مجتمعون على محبة أهل البيت إلا السلفية والوهابية والإخوان فهم يبغضون أهل البيت ولا يعظمون جدهم صلى الله عليه وسلم فهم لا يسيدونه ولا يتوسلون به ولا يزورون قبره ولا يعتقدون شفاعته ولذلك فهم يبغضون الصوفية ويريدون خلق فتنة، لكن الحكومة المصرية على وعى كامل وسوف يكون التطهير جذرياً وفورياً.
 
وختاماً: إن الادعاء بأن الرسول قتل أعمامه بترخيص قتل الأب والأم والعم والخال ادعاء كاذب، فقد كانت معركة بين وثنيين يعبدون أصناماً ومسلمين يعبدون الله، وكان معسكر الإسلام واضحاً لكل من آمن وأسلم فقد أمن دمه وماله وعرضه، والوثنيون أشركوا بالله أصناماً بعد عدة محاولات دعاهم فيها رسول الله نفسه للإيمان، ثم هم قاتلوه وأخرجوه من داره فانطبق عليهم حكم الآية: «لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ»، وقد فعل هؤلاء العكس، فقاتلهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، فبأى ذنب قتلت أنفس مسجد الروضة العابدة الموحدة الساجدة الخاشعة؟!
 
وختاماً حما الله مصر وشعبها وجيشها.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع