الأقباط متحدون - للرد على الإرهاب
  • ٠٣:٠٩
  • الأحد , ٢٦ نوفمبر ٢٠١٧
English version

للرد على الإرهاب

مقالات مختارة | بقلم :عمرو هاشم ربيع

٥٤: ٠٩ م +02:00 EET

الأحد ٢٦ نوفمبر ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 لم يعد مجدياً وصف العمليات الإرهابية، التى تتعرض لها مصر بالخسيسة أو الجبانة أو اللاإنسانية، ولم يعد من بُدٍّ استدرار عطف العالم الخارجى مع مصر فى مواجهة هكذا عمليات، كما لم يعد من المفيد الهجوم على الأزهر أو مولانا أو الدعوة لتجديد الخطاب الدينى، الذى لا ناقة له ولا جمل فى تلك الأحداث. كل ما سبق لم يعد هناك أى داع له. عندما ينطلق الرصاص فى صدور الأبرياء والمدنيين، يجب الرد الفورى المركز واللاعشوائى على كل من يتهم بالقتل والترويع، نكالاً من الشعب والوطن فى مواجهة من يسعى لتفكيكه.

 
العملية الأخيرة ربما تفيد رغم كل مثالبها، فى أنها وحّدت الشعب المصرى بكافة أركانه، لم يعد هناك فرق بين مسلم ومسيحى، ما كان يحسبه البعض أنه فقط استهداف للكنائس رد عليه الإرهاب أنه للمساجد والكنائس على السواء. الأمر الآخر أنها قلبت- مع عمليات سابقة- وحرضت الشعب على كراهية الإرهاب والإرهابيين وكافة التبريرات التى يسوقونها لأعمالهم الإجرامية. كما برهنت تلك العمليات على أهمية عدم وجود أية حواضن أو ملاذات آمنة للإرهاب، لاسيما وقد استهدفت السياحة ومشايخ القبائل وكلها أهداف تتخطى وتتجاوز مؤسسات الدولة الرسمية المدافعة عن كيان الدولة المصرية كالجيش والشرطة والقضاء وغيرها من مؤسسات الدولة، بل تمس الأرزاق والقيم والتقاليد.
 
ورغم أننا أمام عدو وهمى غير مرئى، ما يجعل هناك صعوبة فى المواجهة القاسية والشديدة. إلا أن هذا العدو يزعج مارداً كبيراً هو الدولة، وعن أى دولة نتحدث.
 
وبما أنه أصبح من الثابت نتيجة التقنية العالية التى تملكها تلك الجماعات الإرهابية، بسبب ما تحوزه من أدوات رصد ومتابعة وتداول معلومات ومعدات وأجهزة فائقة الجودة وسيارات ذات قدرات خاصة، فإننا بلا شك أمام دول تمول هذه الأعمال. هذه الدول لا يشترط بالضرورة أن تناصب مصر العداء جهارا نهارا (تركيا وقطر) بل لا يشترط أنها دول معروف عنها أنها تضمر العداء لمصر والمصريين تاريخيا (إسرائيل)، بل من الممكن أن تكون دول صديقة، لذلك من المهم توسيع دوائر الاشتباه.
 
المطلوب من مصر فى المرحلة المقبلة عدم التركيز فقط على محاربة أفراد أو حتى تنظيمات، بل الولوج للممولين مباشرة، وستكون الحرب هنا مفتوحة وبذات الوسائل. بعبارة أخرى، لا يجب التعامل مع الجماعات الإرهابية كما لو كانت جماعات منبتة الصلة عن جذورها ومموليها، بل الخروج لأبعد من ذلك. الإرهاب أصبح لاعبا دوليا مثله مثل الدول والمنظمات الدولية والكنيسة فى روما والأحلاف.. إلخ.
 
اللعبة جد قذرة، لكن إدارة الأمور من خلال القيم والمثل، والاكتفاء بضرب الفاعلين المباشرين، وهى الطريقة التى اعتدنا عليها، لن يجدى نفعا على المدى البعيد. تضييق الخناق على الدواعش وأذنابهم فى العراق وسوريا، سيجعل هؤلاء آليا يتجهون لبيئات تجدها بعض الدول الممولة لهم أهدافا جديدة للنيل من أمن واستقرار تلك الدول. المؤكد أن مصر فى مقدمة تلك البلدان المستهدفة، لما ثبت لبعض الممولين أنها دولة عصية على الاختراق. صحيح أن بعض البلدان التى تضمر العداء لمصر تعتبر أن النيل منها مستحيل، لكنها بالتأكيد تسعى إلى إضعافها أو إنهاكها وليس بالضرورة تدميرها. لذلك كله يجب الذهاب لتلك البلدان فى عقر دارها، مجرد إشعار تلك البلدان بالقدرة على الرد سيردعها. لكن مقابل كل ذلك يتحتم التأنى قبل أن تطلق طلقة واحدة على صدر مواطن مصرى برىء، فننال من حقوق الإنسان، ونوسع دائرة الكراهية ونخرق السلم الاجتماعى، وهو ربما يكون غرض الطرف القائم بأعمال عنف وإرهاب.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع