الأقباط متحدون - في مثل هذا اليوم...اغتيال السير لى ستاك سردار الجيش المصرى وحاكم السودان العام
  • ١٨:٥٩
  • الأحد , ١٩ نوفمبر ٢٠١٧
English version

في مثل هذا اليوم...اغتيال السير لى ستاك سردار الجيش المصرى وحاكم السودان العام

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٥٩: ٠٩ ص +02:00 EET

الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠١٧

اغتيال السير لى ستاك سردار الجيش المصرى وحاكم السودان العام
اغتيال السير لى ستاك سردار الجيش المصرى وحاكم السودان العام

 في مثل هذا اليوم 19 نوفمبر 1924 م ..

 
سامح جميل
هاجم مجموعة من شباب مصر سردار الجيش المصرى وحاكم السودان السير لى ستاك وأطلقوا عليه عدة رصاصات أردته قتيلا أثناء عودته من وزارة الحربية إلى منزله بالزمالك.
 
تم القبض على الجناة بعد أكثر من خمسين يوما من الحادث وتمت محاكمتهم .. وصدرت الأحكام في أغسطس 1925 بإعدام جميع المتهمين عدا المتهم عبد الفتاح عنايت الذي حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة.
 
السير لي ستاك هو اللواء لي أوليفير فيتزماورس ستاك (1868-1924)
سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام إبان الاحتلال البريطاني المصري للسودان أو ما يعرف بـالحكم الثنائي.
 
أحد موظفي الدفاع البريطانيين الكبار، أنضم إلى قوات الحدود عام 1888، نُقل إلى قيادة الجيش المصري عام 1899، ثم عين قائدا لقوة السودان عام 1902، ثم أصبح وكيل السودان ومدير المخابرات العسكرية عام 1908، تقاعد عام 1910 وأصبح سكرتيرا مدنيا لحكومة السودان في الفترة من 1913 حتى 1916 ثم عين حاكما عاما للسودان وسردارا (قائد) للجيش المصري من 1917 إلى 1924.
 
كان مسيطرا بشكل تام على الجيش المصري بأسلحته القديمة المعطلة وحالته الهزيلة الضعيفة التي لا يستطيع بها الدفاع حتى عن نفسه فلقد كانت هذه مهمته الأساسية، إضعاف الجيش، وإبقائه في حالة يستطيع معها الإنجليز
هاجم مجموعة من شباب مصر سردار الجيش المصرى وحاكم السودان السير لى ستاك وأطلقوا عليه عدة رصاصات أردته قتيلا أثناء عودته من وزارة الحربية إلى منزله بالزمالك.
 
تم القبض على الجناة بعد أكثر من خمسين يوما من الحادث وتمت محاكمتهم .. وصدرت الأحكام في أغسطس 1925 بإعدام جميع المتهمين عدا المتهم عبد الفتاح عنايت الذي حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة.، وعقب مقتله أعلنت حكومة سعد زغلول أسفها عن الحادث ووعدت بعقاب المسئولين عنه.أما بريطانيا فقد انتهزت الحادث وطالبت الحكومة المصرية بالاعتذار عن هذه الجريمة، وتقديم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة، و تقديم تعويضاً مقداره نصف مليون جنيه استرليني للحكومة البريطانية، وأن تسحب القوات المصرية من السودان، و أن تقوم بزيادة مساحة الأراضي المزروعة مقطناً في السودان .
 
حادث اغتيال.. وعدة رصاصات حولت مقتل السير البريطاني «لي ستاك» إلي أزمة سياسية دفع ثمنها سعد زغلول وجرت علي مصر والسودان الكثير من الخراب، واتخذتها الحكومة البريطانية ذريعة لاغتيال استقلال مصر و«دس» السم في العلاقات المصرية السودانية.
 
بدأت الأحداث في الساعة الثانية بعد ظهر الأربعاء ١٩ نوفمبر عام ١٩٢٤، خرج سردار الجيش المصري «وحاكم السودان في ذات الوقت السير «لي استاك باشا» من مكتبه بوزارة الحربية قاصداً بيته بالزمالك بعد انتهاء عمله اليومي، فأطلق الرصاص عليه ٥ أشخاص كانوا متربصين به في شارع الطرقة الغربية «سمي فيما بعد إسماعيل باشا أباظة» فأصيب إصابات خطرة أفضت إلي موته منتصف الليل التالي، وفر الجناة فيما قبض علي السيارة وسائقها الذي كان ينتظر الجناة» وكان هذا هو طرف الخيط، الذي أدي إلي القبض علي الجناة بعد أن أعلنت الحكومة مكافأة قدرها ١٠ آلاف جنيه لمن يساعد في القبض علي الفاعلين.
 
وأحست مصر بهول ما سيقع ولكن ما وقع فاق كل تصور حيث كان الجنرال السير لي استاك باشا سردار الجيش المصري والحاكم العام للسوادن لمدة ٨ سنوات، وكان لاغتياله الأثر العميق علي المستقبل السياسي لمصر داخلياً وبالنسبة لعلاقتها بالسودان الذي كان موقفها حاضراً دائماً بقوة في المناقشات والمناظرات المصرية البريطانية خلال العشرينات من القرن الماضي.
 
وكان الاستياء المصري والإصرار البريطاني علي الاحتفاظ بسيطرتهم علي السودان «كما تذكر مجلة مصر المحروسة في الجزء الرابع عشر - نوفمبر ١٩٢٤» هو الذي أدي إلي تصاعد الجو المسموم بين الدولتين مما أدي إلي اغتيال استاك باشا وأدت المظاهرات المتكررة في السودان في ذلك الوقت إلي تصاعد الشعور الوطني العام في مصر تجاه المسألة وبعد الاغتيال مباشرة وألقي القبض علي شاب مصري ثم مجموعة من الشباب تم تقديم ٩ منهم للمحاكمة في مايو ١٩٢٥،
 
وتم إعدام وحبس أحدهم سنتين مع الشغل، ثم تابعت الاعتقالات لتشمل اثنين من قادة حزب الوفد هما: أحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي اللذان أفرج عنهما بعد محاكمة مثيرة للجدل وكان لمقتل استاك رد فعل شعبي عنيف في بريطانيا مما أدي إلي فرض المندوب الستامي «النبي» عقوبات صارمة علي مصر، وشيعت الجنازة صباح السبت ٢٢ نوفمبر،
 
وكانت جنازة رسمية كبري بناء علي طلب الإنجليز وتعتبر واحدة من أهم الجنازات الرسمية التي شُيعت بالقاهرة في تاريخها الحديث حيث سار جميع المشيعين بملابس التشريفة الكبري وبعد انتهاء الجنازة وفي الخامسة بعد الظهر قصد اللورد اللنبي في مظاهرة عسكرية كبري تتألف من ٥٠٠ خيال إنجليزي من حملة مقر مجلس الوزراء حيث خاطب سعد زغلول بمنتهي الخشونة وسلمه إنذارين،
 
وقيل وقتها إن الإنذارين كتبا تحت تأثير الانفعال الذي نجم عن الحادث ولكن الطلبات الإنجليزية الواردة في الإنذارين تقطع بأنها كانت مدروسة من قبل وكانت تتحين الفرصة لتنفيذها فلما قتل السردار بهذا الأسلوب وأت إنجلترا فرصتها في إزهاق استقلال مصر، وإطلاق يدها في السودان وجاء في الإنذار الأول «الموجه من المندوب السامي بالقاهرة في ٢٢ نوفمبر سنة ١٩٢٤» «إلي حضرة صاحب الدولة سعد زغلول باشا رئيس مجلس الوزراء يا صاحب الدولة أقدم لدولتكم من قبل حكومة حضرة صاحب الجلالة البريطانية البلاغ التالي: الحاكم العام للسودان،
 
وسردار الجيش المصري الذي كان أيضاً ضابطاً ممتازاً في الجيش البريطاني قتل فظيعاً في القاهرة فحكومة حضرة صاحب الجلالة تعد هذا القتل الذي يعرض مصر كما هي محكومة الآن لازدراء الشعوب المتمدينة نتيجة طبيعية لحملة عدائية ضد حقوق بريطانيا العظمي وضد الرعايا البريطانيين في مصر والسودان.. وبناء علي ذلك تطلب حكومة حضرة صاحب الجلالة من الحكومة المصرية أن تقدم اعتذاراً كافياً عن الجناة، وأن تتابع بأعظم نشاط ودون مراعاة للأشخاص البحث عن الجناة وزن تنزل بالمجرمين أياً كانوا أشد العقوبات، وأن تمنع من الآن فصاعداً وتقمع بشدة كل مظاهرة شعبية سياسية،
 
وأن تدفع الحال إلي حكومة حضرة صاحب الجلالة غرامة قدرها نصف مليون جنيه، وأن تصدر في خلال ٢٤ ساعة الأوامر بإرجاعع جميع الضباط المصريين ووحدات الجيش المصري من السودان مع ما ينشأ عن ذلك من تعديلات ستعين فيما بعد، وأن تبلغ المصلحة المختصة أن حكومة السودان ستزيد مساحة الأطيان التي تزرع في الجزيرة من ٣٠٠ ألف فدان إلي مقدار غير محدود تبعاً لما تقتضيه الحاجة..
 
وأن تلبي هذه المطالب في الحال تتخذ حكومة حضرة صاحب الجلالة علي الفور التدابير المناسبة لصيانة مصالح بريطانيا في مصر والسودان وإني أغتنم هذه الفرصة لأجدد لدولتكم عظيم احترامي».
 
الإمضاء اللنبي «فيلد مرشال» المندوب السامي.
 
وأعقب ذلك إنذار آخر طلبت فيه الحكومة البريطانية أن تكون القواعد والشروط الخاصة بخدمة الموظفين الأجانب الذين لا يزالون في خدمة الحكومة المصرية وكذلك الشروط المالية لتسوية معاشات الموظفين الأجانب الذين لايزالون في خدمة الحكومة المصرية وكذلك الشروط المالية لتسوية معاشات الموظفين الأجانب الذين اعتزلوا الخدمة التي يجب أن يعاد النظر فيها طبقاً لرغبات حكومة حضرة صاحب الجلالة.
 
وحول موقف سعد زغلول إزاء الإنذارين.. يقول أحمد حسين في موسوعته «تاريخ مصر» إن سعد استجاب لما رأي إمكانية قبوله، أما باقي المطالب التي تنطوي علي مساس بسيادة مصر وحقوقها في السودان فقد رفضها بكل عزة وكرامة وكان رد سعد: «رياسة مجلس الوزراء القاهرة في ٢٣ نوفمبر سنة ١٩٢٤» إلي حضرة صاحب الفخامة المندوب السامي البريطاني: «يا صاحب الفخامة رداً علي المذكرتين اللتين تم تسليمهما إلينهار أمس من فخامتكم باسم حكومة حضرة صاحب الجلالة البريطانية،
 
أتشرف بأن أرجو فخامتكم أولاً أن تتكرموا فتعربوا لحكومتكم مرة أخري من قبل الحكومة المصرية عما خالج هذه الحكومة والأمة بأجمعها من شعور بالألم والاستفظاع بسبب الاعتداء لشنيع الذي وقع علي حياة المأسوف عليه السيرلي استاك باشا سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام، وبالرغم من قبول الحكومة المصرية برئاسة سعد باشا زغلول بعض المطالب الواردة في الإنذارين مثل محاكمة قتلة استاك ومنع المظاهرات السياسية ودفع تعويض قدره نصف مليون جنيه،
 
بالرغم من ذلك رفضت كل ما تعلق بالسودان وعقب إرسال هذا الرد، فاتح سعد زغلول الملك بعزمه علي الاستقالة وقدم استقالته رسمياً في يوم ٢٣ نوفمبر، ويبدو أن التنسيق كان كاملاً بين الملك والمندوب السامي البريطاني، ولما كان لايزال في جعبة اللورد اللنبي إجراء يكيد به سعد زغلول ومصر كلها من ورائه، فقد أصدر أوامر للجيش بالبريطاني باحتلال الجمارك في الإسكندرية فعاد سعد زغلول يطلب من الملك قبول استقالته، وهنا فقط قبل الاستقالة في ٢٤ نوفمبر سنة ١٩٢٤،
 
وفي نفس الوقت الذي تم فيه قبول استقالة سعد زغلول، كانت وزارة جديدة تتألف برئاسة أحمد باشا زيور رئيس مجلس الشيوخ وبعد الاغتيال ولعدة سنوات عارض الإنجليز اشتراك الوفد في أي حكومة مصرية، متهمين الحزب بالتورط المباشر أو غير المباشر في الجريمة، كما وضع الإنجليز خطة للري، رفعت من نصيب السودان من المياه دون الرجوع لمصر.!!