الأقباط متحدون - معارك رجال الدين
  • ١٨:٣٢
  • الثلاثاء , ١٤ نوفمبر ٢٠١٧
English version

معارك رجال الدين

مقالات مختارة | بقلم: د. عماد جاد

٣٨: ٠٩ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 فى أى مجتمع ديمقراطى متحضر يفصل بين الدين والسياسة، ويبعد رجال الدين عن المجال العام، يلعب رجل الدين دوراً محدداً داخل دور العبادة، يبث قيم الدين الراقية، يعزز من المحبة بين البشر، يدعو إلى التعايش بين البشر، ويقدم كل ما هو أخلاقى وحضارى، يحدث ذلك فى المجتمعات التى قطعت شوطاً كبيراً على طريق التطور، ومن ثم بات الدين علاقة بين الإنسان وخالقه، وأمراً يخصه هو شخصياً ويخص حياته، لذلك يكون الإنسان فى تلك المجتمعات غير معنى برأى الآخرين ولا يمارس المظهرية فى التدين، فالإيمان «ما وقر فى القلب وصدقه العمل». طبعاً لا توجد بيئة أخلاقية مثالية، بمعنى أن الأخطاء والخطايا ترتكب فى كل التجمعات والمجتمعات، لكن بفارق نسبى، فهناك مجتمعات تتواطأ فى التغطية على الجرائم والأخطاء والخطايا، وهناك مجتمعات تقف بكل قوة ضد ذلك ليس من أرضية دينية أو أخلاقية، ولكن من أرضية قانونية، فهى مجتمعات استقر اليقين فيها على تطبيق القانون على نحو صارم. هذا بعكس الحال فى مجتمعاتنا، فلدينا خلط متعمد بين الدين والسياسة، ويمارس رجال الدين أدواراً ليست لهم، ويحظون بسطوة على العامة، وبمقدورهم توجيه العامة على النحو الذى يريدون، لذلك يحرص الحاكم فى دول العالم الثالث على الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع رجال الدين، من الأغلبية والأقلية، فهو يحتاج مساندتهم ودعمهم، وفى أمس الحاجة لحشد العامة فى مناسبات مختلفة، لذلك يقف الحاكم فى دول العالم الثالث ضد مطالب فصل الدين عن السياسة، ويحافظ على مكانة متميزة لرجال الدين من الديانة السائدة أو ديانة الغالبية، ويحرص على علاقة من نوع آخر مع رجال الدين من الأقليات لاعتبارات تتعلق بالدعم والحشد والتصويت.

 
ويعلم رجال الدين حسابات الحاكم هذه، فيمارسون السيطرة على البشر والتحكم فيهم، ينتزعون مكانة متميزة فى المجتمع، ويشغلون الناس بقضايا وهمية، يحدثون من خلالها البلبلة المطلوبة لإلهاء الناس عن القضايا الحقيقية، كما يمارسون السيطرة على الأتباع بشكل لا علاقة له بالدين، خذ على سبيل المثال ما ورد على لسان أسقف أسيوط من تعليمات للسيدات والفتيات بالاحتشام وعدم ارتداء نوعيات معينة من الملابس، وصدورها فى شكل تعليمات مكتوبة، وهو أمر أثار غضب واستياء الأسر القبطية فى أسيوط وخارجها، فالفتيات والسيدات بصفة عامة يوقّرن الكنيسة ويحتشمن تماماً أثناء أداء الصلوات، أما فى الأفراح، فهى مناسبات للاحتفال ولا يجوز الخلط بين الصلوات والأفراح. أيضاً خذ المعركة الوهمية التى يخوضها الشيخ خالد الجندى مع د.خالد منتصر حول التماثيل العارية وشبه العارية والرمزية وغيرها والتى خاض فيها الشيخ خالد معركة وهمية كمعارك دون كيشوت مع طواحين الهواء، يتحدث عن أن هذه التماثيل تخدش الحياء وتثير الغرائز والشهوات، وهى أمور وهمية تولد فى الخيالات المريضة ولا مكان لها فى العقول السليمة. المشكلة الحقيقية هى أن الدولة لدينا توجد الأرضية لرجال الدين ليمارسوا سطوتهم على البشر، وتوفر لهم الأساس القانونى لممارسة السطوة والسيطرة، ونشير هنا إلى مادة ازدراء الأديان فى القانون المصرى، وهى الفقرة (و) من المادة 98 من قانون العقوبات التى تستخدم كسوط فى مواجهة الكتّاب، والمفكرين والمبدعـين.
 
إنها مصلحة الساسة التى تتمثل فى خلط الدين بالسياسة وتوظيف رجال الدين لخدمة الحاكم ومصالحه، لقاء ترك العامة فريسة سهلة لهم من ناحية، وتوفير الأساس القانونى لهم لملاحقة كل مخالفيهم.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع