الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم..وفاة الكاتب المستنير والمستشار المحترم محمد سعيد العشماوي
  • ١٠:١٠
  • الاربعاء , ٨ نوفمبر ٢٠١٧
English version

فى مثل هذا اليوم..وفاة الكاتب المستنير والمستشار المحترم محمد سعيد العشماوي

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٤٢: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ٨ نوفمبر ٢٠١٧

الكاتب المستنير والمستشار المحترم محمد سعيد العشماوي
الكاتب المستنير والمستشار المحترم محمد سعيد العشماوي

 فى مثل هذا اليوم 8 نوفمبر 2013..م

المستشار محمد سعيد العشماوي ولد سنة 1932م كاتب ومفكر مصري وقانوني عربي من مصر عمل قاضيًا، تولى سابقا منصب رئيس لمحكمة استئناف القاهرة ومحكمة الجنايات ورئيس محكمة أمن الدولة العليا. ..
 
الميلاد: ١٩٣٢
الوفاة: 8 نوفمبر، 2013
التعليم: كلية هارفارد للحقوق، جامعة القاهرة..
 
ولد العشماوي عام 1932 والتحق بالعمل القضائي وبلغ منصب رئيس محكمة استئناف القاهرة ومحكمة الجنايات ورئيس محكمة أمن الدولة العليا، و لم يتوقف فقط على كونه رجل قانون بل كان باحثا و قارئا نهما و كاتبا ، له 30 مؤلفا فى العربية و الانجليزية و الفرنسية ، و فى السطور القادمة نعرض فكره من خلال مؤلفاته و مقالاته التى أثار بعضها جدلا واسعا .
 
العشماوى صاحب مصطلح الإسلام السياسى كانت له خلافات فكرية واسعة مع هذا التيار حول العديد من الأمور منها نظرته للشريعة التى استحسنها توفيق الحكيم و نصحه بنشرها فى كتاب ، و أنه بهذا الأفكار يستطيع أن يؤثر على جيل بأكمله .
 
و فرق العشماوى بين الحكومة المدنية و الحكومة الدينية ، و قال أن الحكومة المدنية هى حكومة الشعب الذى ينتخب حكامه و يراقبهم و يحاسبهم ، أما الحكومة الدينية فهى التى تدعى الحكم بأمر الله لتقصى الناس ولا يستطيع أحد أن يحاسبهم فيستبد الحاكم بالسلطة .
 
و تابع أن الرسول صلى الله عليه و سلم عندما مرض لم يختر له خليفة و علم الصحابة و المسلمين الشورى و البيعة و أن يكون الحكم لهم و بالنظر إلى أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب فولايتهما جاءت من الناس و كان لهم حق رقابتهما وتقويمهما، وعزلهما إن خانا أمانة الولاية.
كما أضاف أن الحكومة المدنية لا يمكن أن تتنكر للدين أو الشريعة ، فكل حكومة في العالم تستند إلى القيم الدينية لشريعة الأغلبية من أبناء شعبها، أو على القيم الدينية عموماً، فيكون الإطار المرجعي للحكومة المدنية في البلاد الإسلامية هو قيم الإسلام وأخلاقياته .
 
و أن التشريع حق الشعب هو الذي يشرع لنفسه من خلال مؤسسات ديمقراطية منتخبة لا تخضع لضغوط السلطة أو إرهاب جماعات، ولا يداخلها تزوير الإدارة .
 
و أضاف أن الأحكام التشريعية في القرآن تقع في ثمانين آية من مجموع 6 الآف آية، وأغلبها من أحكام الزواج والطلاق والمواريث والوصية، وهى مطبقة في مصر ولا يوجد في القرآن إلا أربع حدود مشروطة بألا تطبق إلا بعد وصول المجتمع إلى العدالة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية ، حتى لا تطبق العقوبات الشرعية لأهداف غير شرعية .
 
والتشريع في القرآن تناولَ الكليات وبعض الجزئيات، وترك للأمة حق التشريع في التفصيلات،و من خلال الفقه في كل المسائل المدنية والتجارية.
كما هاجم من يزعمون أن حرية الفكر حرية للكفر ووصفه بالمنطق الفاشى ، فالقرآن الكريم يدعو إلى حرية الفكر و إعمال العقل.
آمن العشماوى أنه لا إصلاح دينى دون الفصل بين الدين و السياسة ، مشيرا أن العمل السياسي ليس عملاً دينياً، لكنه فعل بشرى يحتمل الخطأ والصواب ، و بغير ذلك تتحول الخلافات السياسية إلى حروب دينية.
 
و أن صبغ السياسة بالدين، وتلوين التحزب بالشريعة، ينقل المسائل إلى منطقة حساسة جداً وخطرة ، هي مجال الحلال و الحرام ، فالمعارضة تتهم الحكام بالكفر والإلحاد، ، والحكام يكبحون أي معارضة لهم ، و الاثنان يستندون فى ذلك إلى آيات انتزعوها من السياق القرآني .
اتهم المستشار العشماوى العالم أبو حامد الغزالى الذى وصف بحجة الإسلام ، أنه السبب فى جمود الحركة الفكرية ، و العلوم الدينية ، و أن الحاكم استخدمه ليوطد أفكار الجبرية وطاعة الحكام والتسليم دون إعمال العقل، فى كتابه “إحياء علوم الدين”، الذى ظل دستورا للمسلمين مدة ألف عام .
و قال أن الغزالى أشهر علماء السلطة ، التى استخدمته لتقوية شوكتها و تقويض خصومها و أعدائها ، فتم قمع العقل الإسلامى و تجميد روح الابتكار ، فى حين مدح العشماوى فى إمام الأزهر الشريف أحمد الطيب ووصفه بكونه إماماً طيباً عالماً جريئاً قدم “بيان الأزهر والمثقفين عن منظومة الحريات الأساسية ” .
 
و رأى أنه لا صلاح لذلك إلا إذا بعمل المجتمع كله على استعادة القيم المصرية الأصيلة، والوسطية الدينية، والسلام الاجتماعى .
و دليلا على عظمة مصر تحدث العشماوى عن قول موشى ديان وزير دفاع إسرائيل :” أنا لا أهتم بكمّ ما تحصل عليه مصر من أسلحة، لكنى أنزعج بشدة لو انتظم المرور فى شوارع القاهرة ” ، و بعد معاهدة السلام مع إسرائيل، حضر إلى مصر موشى ديان و زار آثار الأقصر، و عندما عاد للفندق كان صامت تماما ، ولما سئل عن سبب حالته تلك، قال إن الشعب الذى ينشئ حضارة كهذه، يمكنه أن يقيمها مرة أخرى ، و تسائل العشماوى هل يتحقق ما تخوف منه موشى ديان؟
 
و من الأمور التى أثارت الجدل قول العشماوى فى كتابه عن الحجاب أنه ليس فريضة لكنه فضيلة ، و عادة و ليس عبادة، و قال أن هناك خلط شائع بين “الحجاب” وهو ساتر يوضع بين زوجات النبي والمؤمنين اتقاء الفتنة، و”الخِمار” وهو ما يغطي شعر المرأة أو جزءاً منه، و”الجلباب” الذي ترتديه النساء على أجسامهن .
 
تحدث العشماوى أنه أثناء رئاسته لمحكمة أمن الدولة العليا، كان يفرج عن معتقلين الإسلام السياسى ، رغم حرص السلطة على منعه من نظر تظلّماتهم بعدم إحضارهم من محبسهم و رغم ذلك كان يفرج عنهم ، فتحايلت السلطة بعمل دائرة خاصة لنظر التظلمات من أوامر الإعتقال .
 
و روى العشماوى أن فى عام 1994 عُرض عليه وزارة العدل و رفضها لاعتقاده بأن السلطة غير شرعية، وأن الحاكم يعتبر غير شرعي إذا أطلق على الشعب ولو رصاصة واحدة، أو حجب عنه منافع لتستولي عليها بطانته ، أو يستند في عمله إلى القوة ولا يحتكم إلى القانون وحقوق الإنسان ، و اتصل به الرئيس السابق مبارك ليعلم سبب رفضه فأجابه : لي آراء وأفكار لا أريد أن يُحرج النظام، بعملي معه.
 
و قال العشماوى أن كريستوفر وارن وزير خارجية الولايات المتحدة فى رئاسة كلينتون طلب من مبارك ذات يوم أن يتنحى عن الحكم لغيره، ويتفرغ لرعاية أحفاده والراحة من أعباء الحكم ، فقال مبارك إنه جنرال يعرف معنى القوة .
 
كما رفض العشماوى منصب مستشار فى مكتب المعونات الأمريكية ، عندما أبلغته مديرة المكتب إن مبارك طلب منهم عدم صرف المعونة في محو الأمية أو في شئ مماثل.
 
و تحدث العشماوى عن محاولة رفع الحصانة عنه من مجلس القضاء الأعلى ليحقق معه النائب العام بسبب كتاب له ، و رفض استجوابه بسبب التزوير بإدعاء اجماع المجلس رغم رفض رئيسى محكمة استئناف طنطا و اسكندرية ، فتراجع رئيس مجلس القضاء الأعلى .
 
آمن العشماوى أن ثورة 25 يناير هي بشارة بعث جديد لشعب مصر العظيم ، و استنكر اهمال العلم بعد الثورة و الاهتمام فقط بالمشاكل السياسية و الاقتصادية و أن برغم أهميتهم لن ينجح الأمر دون اتجاه قوى لإعادة بناء الأفراد والمجتمع كله على العلم و الأخلاق .
 
و قال العشماوى أن المصريين أصيبوا بالاحباط حينما خيروا بين مرسى و شفيق الوضع الذى غيّب الثورة ، ووضَعهم بين خيارين أحلاهما مرّ ، و قال أن الإسلام السياسي خطف الثورة ليحولها إلى رغباته التي ستُحدث في مصر فتنة كبرى تمتد إلى الشرق الأوسط ثم العالم بأسره.
 
كما حذر مما حدث فى روسيا عندما اندلعت الثورة الماركسية التي كانت تهدف إلى إنصاف قوة العمل، و انحدرت لتصبح دكتاتورية البروليتاريا وركنت إلى الجهاز السري القيصري، واستخدمته بصورة بشعة، فكانت أقسى وأسوء من حكم القياصرة التي ثارت عليهم ، وصار الحكام فيها هم المالِكون للثروة والسلطة، فكانت أسوأ أيديولوجيا، خاصة عندما لجأ إليها حكام دول العالم الثالث، والتحفوا بما تطلقه من إدعاء الديمقراطية، فصاروا بذلك الملاك الوحيدين للثورة والسلطة.
 
و أكد على أهمية عدم جواز إقامة حزب سياسي على أساس ديني فتنحرف بالسياسة من الحرية والتعددية إلى النقيض و تستبدل المقرات الحزبية بالمساجد و”الزوايا”، وهو ما يحوّل العمل السياسي إلى إيديولوجيا دينية سلاحها التكفير والتهديد والإقصاء، فتسيء إلى الدين وتقوض دعائم الوطن وتكون تهديداً للجميع.
 
و قال العشماوى أن الإسلام السياسى لم يتعلم من تجاربه ، و أيد ثورة يوليو 1952، وحرّض وقتها على إلغاء الأحزاب ، ولما اختلفوا مع عبد الناصر انقلب عليهم وساءهم سوء العذاب ، فكانوا بذلك السبب في الحكم الديكتاتوري على مدى الستين عاماً الماضية .
 
و عن فترة الأربعينيات قال المستشار أن الإخوان كانوا يرددون أن الحكومة كافرة وأن من يتبعها كافر، و كانوا يدعوا لتطبيق الشريعة و لو بالقوة ، و عندما امتدحا اسماعيل صدقى رئيس الوزراء ذلك الوقت قال خطيبهم ” واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد” !.
 
و عقب أن دعوة هذا التيار للخلافة الإسلامية يصارع الزمن ويعاند التاريخ ويخاصم الحكومات ويروّع الشعوب ويولج في السياسة، فيعمد إلى تسييس الدين أو تديين السياسة، وهو أمر قد ينجح وقتاً، لكنه لا بد أن ينتهي إلى فشل وخسران.
 
كما تحدث العشماوى عن العهود الإنقلابية والدكتاتورية الذى يطابق فيها الدكتاتور بين شخصه وبين الدولة، فيرى أن كل ما يُوجه إليه من نقد يرمى إلى نقد الدولة وزوالها ، فيعمد إلى إسكات كل معارضة – ولو بالكلمة – والإدعاء بأنها تهدف إلى إسقاط الدولة ، و أكد المستشار أن الدول لا تسقط أبدا بل النظم ...
 
الخلاصة انه كان مفكرا مستنيرا رحل فى هدوء..!!