الأقباط متحدون - حديث آخر الشهر
  • ٠٦:٢٥
  • السبت , ٣٠ سبتمبر ٢٠١٧
English version

حديث آخر الشهر

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٤٧: ٠٣ م +02:00 EET

السبت ٣٠ سبتمبر ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د. مينا ملاك عازر
اسمح لي عزيزي القارئ، أن أصطحبك في رحلة كعادتنا في هذا المقال الذي أحاول الحفاظ على انتظامه الشهري في رحلة بعيدة كل البعد عن السياسة والاقتصاد ومواجعهم، وأقص عليك تلك القصة الممتعة.

أصدر أحد الملوك قرارا يمنع فيه النساء من لبس الذهب والحلي والزينة، فكان لهذا القرار ردة فعل كبيرة، وامتنعت النساء فيها عن الطاعة وبدأ التذمر والسخط على هذا القرار، وضجت المدينة، وتعالت أصوات الاحتجاجات، وبالغت النساء في لبس الزينة والذهب وأنواع الحلي، فاضطرب الملك واحتار، ماذا سيفعل؟ فأمر بعقد اجتماع طارئ لمستشاريه، فحضر المستشارون وبدأ النقاش، فقال أحدهم أقترح التراجع عن القرار للمصلحة العامة، ثم قال آخر كلا إن التراجع مؤشر ضعف ودليل خوف، ويجب أن نظهر لهم قوتنا، وانقسم المستشارون إلى مؤيد ومعارض، فقال الملك : مهلاً مهلاً ... احضروا لي حكيم المدينة، فلما حضر الحكيم وطرح عليه المشكلة، قال له أيها الملك لن يطيعك الناس إذا كنت تفكر فيما تريد أنت لا فيما يريدون هم، فقال له الملك وما العمل؟ أأتراجع إذن؟ قال لا ولكن اصدر قرارا بمنع لبس الذهب والحلي والزينة لأن الجميلات لا حاجة لهن إلى التجمل، ثم أصدر استثناءً يسمح للنساء القبيحات وكبيرات السن بلبس الزينة والذهب لحاجتهن إلى ستر قبحهن ودمامة وجوههن،  فأصدر الملك القرار وما هي إلا سويعات حتى خلعت النساء الزينة، وأخذت كل واحدة منهن تنظر لنفسها على أنها جميلة لا تحتاج إلى الزينة والحلي، فقال الحكيم للملك الآن فقط يطيعك الناس عندما تفكر بعقولهم وتدرك اهتماماتهم، وتطل من نوافذ شعورهم.

إذن عزيزي القارئ، المأساة لدى الكثير من الشعوب أنهم لا يجدوا من يشعر بهم ومن يطل من نوافذ أفكارهم وهكذا، لذا حكامهم فقط ينظرون لأنفسهم في المرآة ويبحثون عن أمجاد تخلد اسمائهم بمدن وعواصم وقرارات اقتصادية دون الاهتمام بمأساة شعوبهم والكارثة لدى هؤلاء الحكام أن الملك في قصتنا وجد الحكيم الذي نصحه بما يجعله ينفذ حلمه الديكتاتوري بكياسة سياسية، ولكن الحكام في الدول المتخلفة لا يجدوا هؤلاء الحكماء، وإن وجدوهم ينكلون بهم، ويكتفون بمن يطبلون لقراراتهم وفشلهم ونهمهم لبناء صروح تخلد أحلامهم على دماء الفقراء والمستضعفين في هذه الشعوب، لا يجد هؤلاء الحكام إلا من يبرر لهم قراراتهم ويدفعهم للضغط على الشعوب أكثر وأكثر واثقاً في بطش الجهات الأمنية الكفيلة بتلفيق التهم والقضاء على المعارضين سياسياً أو قضائياً أو غيره، ربنا يحمينا من هذه البلاد ويرحم هذه الشعوب، ويقضي على هؤلاء الحكام والمطبلاتية، ويرزق كل حاكم بحكيم يقرب بينه وبين شعبه.

المختصر المفيد أرجو ألا تربط المقال من قريب أو من بعيد باحتمالية رفع أسعار الوقود مرة أخرى بحسب ضغوط صندوق النقد وقرضه.