الأقباط متحدون - التضييق على الصلاة
  • ١٧:٢٨
  • الجمعة , ٣ نوفمبر ٢٠١٧
English version

التضييق على الصلاة

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الجمعة ٣ نوفمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

نظراً للصعوبات والعراقيل الشديدة المتعمدة التى تواجه عمليات بناء وترميم وإصلاح الكنائس ومقاومة إعادة بناء ما يتهدم منها لأسباب تتعلق بفتاوى كنا نحسبها خاصة بالمتشددين وأنصار الجماعة، ثم أدركنا أنها منتشرة بين العامة وهناك فى السلطة وداخل مؤسسات الدولة المصرية من يؤمن بها، فقد اضطر الأقباط فى بعض القرى والنجوع والأرياف إلى اختيار منزل من المنازل لأداء الصلوات والطقوس داخله، ولأن الطقوس المسيحية تستلزم تجهيزات خاصة (مذبح، هيكل، معمودية) لإجراء طقوس الصلاة والتناول والعماد والزواج والصلاة على الموتى، فكان لا بد من الإعداد والتجهيز فضلاً عن وجود كاهن يقود الصلاة. وهو حل وسط لجأ إليه أقباط بعض القرى والنجوع والكفور الذين فشلوا فى بناء كنيسة نظراً لتعنت المسئولين، لاسيما أن أقرب كنيسة لهم قد تقع على بعد ما يزيد على عشرة كيلومترات، ولذلك كان اللجوء من جانبهم إلى اختيار منزل للصلاة فيه وممارسة الطقوس بدلاً من عذاب السير عشرة كيلومترات من أجل الصلاة أو الصلاة على من يموت. فجأة بدأت المسيرات تخرج محتجة على قيام أقباط القرية أو النجع بالصلاة فى منزل من منازلهم، وينادى فى الشوارع أن هبوا لمنع «النصارى» من الصلاة فى منزل لأنه غير مرخص ويخشى أن يحولوه إلى كنيسة. ويجرى الاعتداء على المصلين بالطوب والحجارة وربما إشعال النار غضباً واحتجاجاً على قيام الأقباط بالصلاة فى منزل من منازلهم لعدم وجود كنيسة. المشهد المتكرر والمحفوظ تأتى الشرطة وتتعهد للمهاجمين بعدم السماح لهم بالصلاة وتقوم بعد ذلك بغلق المنزل وتأخذ تعهداً على الأقباط بعدم استخدام المنزل فى الصلاة مرة ثانية، وأن مهمتها تنفيذ القانون ولا دخل لها بالصلاة. وإذا ترتب على غارة الجهاد خسائر فى ممتلكات المسيحيين أو وقعت بينهم إصابات تقوم الشرطة ومن خلال كبار وجوه القرية ومستعينة بـ«بيت العائلة» بعقد جلسة صلح عرفى ينتهى بتنحية القانون وإغلاق الملف.

وإذا اشتكى الأقباط من منعهم من الصلاة وإغلاق المنزل الذى كانوا يستخدمونه للصلاة يصدر بيان من المسئول التنفيذى يقول فيه إن الدولة تطبق القانون وإنها تواجه المتطرفين من الجانبين ولن ترضخ للمتشددين المسيحيين، ويتدخل ضابط الأمن الوطنى المسئول عن النشاط الدينى فى المنطقة ويساعد المسئول التنفيذى فى كتابة بيان للرأى العام ينتهى باتهام الأقباط بالخروج على القانون.

اعتدنا على ذلك فى عهد السادات ثم مبارك، بدأت هذه الظاهرة على يد السادات فى منطقة الخانكة عام 1972 واستمرت السياسة نفسها طوال العقود الثلاثة التى قضاها مبارك فى السلطة، وكنا نظن أنها سوف تتراجع فى عهد السيسى لاسيما بعد صدور قانون بناء الكنائس العام الماضى، لكن ما حدث هو أن القانون الجديد كان بمثابة فخ شديد الإحكام جرى تفصيله ليزيد من تعقيد عملية البناء والإصلاح والترميم، يكفى أن نقول إنه رغم مرور عام على صدور القانون فإن لائحته التنفيذية التى تفصل وتفسر كيفية تطبيقه لم تصدر بعد من قبل الحكومة.

السؤال هنا: لماذا التضييق على الأقباط فى الصلاة؟ هل صلاة الأقباط إلى ربهم جريمة؟ ما الفائدة التى تعود على من يقوم بمنع الأقباط من الصلاة؟

بالمناسبة، جزء من صلاة الأقباط للبشر ككل، للأرملة والغريب والضيف دون تحديد ديانة أو جنسية، جزء من الصلاة للحاكم والحكومة أن يرشدهم الله ويوفقهم، جزء من الصلاة للنيل والزرع فى مصر، لا يذكر الأقباط فى صلواتهم أى إنسان بسوء، لا يهاجمون عقيدة ولا ديناً آخر ولا يطلبون من الخالق صب اللعنات على أى إنسان، صلاة محبة ودعاء لمصر وللعالم أن يحفظ الرب البلاد والعباد من كل سوء، فلماذا التضييق ومنع الأقباط من الصلاة؟ لو كان الأمر يتم لاعتقاد البعض فى اعتبارات شرعية كما يقول السلفيون والإخوان والمتشددون بصفة عامة فمعنى ذلك أننا فى دولة دينية ومن ثم لا مجال للحديث عن دولة مدنية حديثة، ومن حق الأقباط أن يتدبروا الأمر بحثاً عن حقوق مواطنة غير منقوصة دون استجداء من أحد مهما كان موقعه.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع