الأقباط متحدون - فليخضع يوسف زيدان لمناظرة تاريخية
  • ٠٢:٠٢
  • الاربعاء , ١٨ اكتوبر ٢٠١٧
English version

فليخضع يوسف زيدان لمناظرة تاريخية

مقالات مختارة | حمدي رزق

٠١: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٨ اكتوبر ٢٠١٧

يوسف زيدان
يوسف زيدان

لا أذهب مذهبه، ولست مؤرخاً ولا مشتغلاً بالتاريخ، وشببت على منهج التاريخ المحفوظ منذ فجر التاريخ، وفى وعيى تشكلت صور ملهمة للزعيم أحمد عرابى وللقائد صلاح الدين الأيوبى، فإذا ما اجتهد الدكتور يوسف زيدان فى إيراد صورة مغايرة، ربما نقيض الصورة المطبوعة فى مخيلتى، لا أجفل أبداً، بل أتشوف لقراءة أخرى لمؤرخين يعيشون بيننا، تناقضها أو تجلى أصل الصورة التى يمزقها الدكتور يوسف زيدان.

أمامكم طريقان، أن تشيحوا بوجوهكم عنه، وتصموا آذانكم عما يقوله، وهذا أضعف الإيمان، أو تناقشوه وتجادلوه تاريخياً، ومصر لا تعدم مؤرخين ثقات، وفى ظهرانينا مشتغلون بالتاريخ ابيضت شعورهم فى مطالعة الأوراق الصفراء.

الهجمة الشرسة على الدكتور «يوسف» لن ترهبه أو تلزمه قعر بيته ولن تثنيه عن حرث التاريخ العربى وتقليب التربة التى استقرت على مرويِّات تاريخية ثبتت فى الأذهان طويلاً، يصدمها بضراوة دون أن يجفل برفض يصل إلى حد التخوين.

الدكتور يوسف ولف على هذه المعارك، بل يسعى إليها، وصار خبيراً فى إيراد النصوص التى تيقن مذهبه وما يسعى إليه قولاً من إعادة النظر فى مسلمات العقل العربى الذى شغلته الخطوب عن مراجعة أيامه الخوالى.

زيدان يلقى بحجر فى بحيرة ساكنة فيخلِّف أمواجاً هائلة، تستأهل التوقف والتبين، أما إلقاء الحجارة على رأسه، وبطحه بالاتهامات الجزافية، ونسب أفكاره إلى مخطط كونى يستهدف تاريخ العرب، ورموز العرب، وأسماء صنعت التاريخ، وصاغت النضال الوطنى ضد المستعمر، هذا لا يستقيم بحال، ولا ينتج أثراً، ولا يخلّف مراجعات ضرورية تأخرت طويلا.

أخشى أن المناخ الذى يمارس فيه الدكتور يوسف زيدان منهجه العصفى ليس صحياً ولا مهيأ لتلقى أفكاره الصادمة، لا اختار لزيدان توقيته، ولكن المناخ لا يؤذن بحوار منتج لفكرة، وكنت أتمناه حواراً يحتضنه محفل علمى ذو تقاليد أكاديمية راسخة. الجمعية المصرية للدراسات التاريخية نموذجاً ومثالاً، هى المؤل لمثل هذه المراجعات التاريخية، تصير مناظرات علمية مؤسسة منهجياً، بالتخصص.

الدكتور يوسف يفضل المنصات الفضائية لقصف التاريخ العربى، وهذا شأنه، ولكن ترك هذه الأفكار تسعى بين الناس دون تعقيبات تاريخية يخلّف بلبلة واضطراباً فى الضمير الجمعى، ما يستلزم خضوع هذه المقولات لمائدة بحثية تاريخية. ليس هكذا تورد الأفكار تاريخياً، هناك طرائق متبعة فى مثل هذه المراجعات ليس بينها الفضائيات.

ولطالما ارتقى المنصة الفضائية لتمرير رواياته التاريخية الصادمة، فلتكن مناظرة فضائية بينه وطائفة من المؤرخين الثقات، أقرب لمناظرة علمية، بكل ما تتسم به هذه المناظرات من تقاليد وقواعد لا تغادر مربع التاريخ إلى ما سواه.

لا نطلبها عركة تمزق فيها الثياب، وتخمش فيها الوجوه، وتسيل فيها دماء أبطال التاريخ، مناظرة تتسم بوقار التاريخ. التاريخ لا ينتهك هكذا، برجاء مراعاة الأصول فى إيراد النصوص التاريخية، رواية التاريخ لها طقوس تربَّى عليها المشتغلون بالتاريخ ليس بينها إهانة الأجداد دون تعقيب.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع