الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم.. استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية عاصمة الوهابيين في إقليم نجد
  • ٢٣:٥٨
  • الاربعاء , ٤ اكتوبر ٢٠١٧
English version

فى مثل هذا اليوم.. استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية عاصمة الوهابيين في إقليم نجد

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

٥٩: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٤ اكتوبر ٢٠١٧

 إبراهيم باشا
إبراهيم باشا

 فى مثل هذا اليوم 4 اكتوبر 1818..

سامح جميل

في العام 1744 تأسست الدولة السعودية الأولى على يد محمد بن سعود بعد سلسلة من الحروب الأهلية و الإغارات و النهب و السلب بقلب الجزيرة العربية الخارجة عن سيطرة الدولة العثمانية تماماً ، تلى هذا إمتداد عبر عهود عبد العزيز بن محمد بن سعود و سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود إمتداد عبر الجزيرة العربية لأطراف اليمن و الخليج العربي و سلطة عسكرية على الحجاز ففي العام 1803 بدأ غزو الموحدين (الوهابيين) للحجاز مانعين الحج القادم من الدولة العثمانية و مسيطرين على سلطة العثمانيين بالحجاز بين مد و جزر قبائلي ممثل للدولة العثمانية حتى جاء العام 1806 و سيطرة الموحدين (الوهابيين) السعوديين قد إكتملت على الحجاز وسط محاولات مستميتة من الدولة العثمانية لإسترداد الحجاز رمز السلطة الدينية المعبر عن لقب الخليفة العثماني عبر ولاة العراق و الشام الذين فشلوا في ردع الدولة السعودية المعتمدة على حركة الموحدين (الوهابيين) فوالي بغداد يعتذر في عام 1796 و يصف الامر و الطريق بالمشقة ثم يضطر في 1798 للقتال و تتم هزيمته لتمتد سلطة الوهابيين الى جنوب العراق و الشام مرتبطة بمذابح و نهب لكل أماكن التوسع فباتوا على مشارف الزبير القريبة من الفرات و باتوا قريبين من بغداد بالعام 1810و على ضواحي حلب في 1808 مما مثل زعزعة للدولة العثمانية عامةً و الشرق العثماني خاصةً، ، هنا كانت دعوات الخليفة العثماني لمحمد علي والي مصر للذهاب إلى الحجاز و ضرب الدولة الجديدة لكنه كان منشغلاً بإعادة تهيئة مصر من جديد لحكم مختلف لتمر الأعوام حتى العام 1811 حين قرر محمد علي أن بإمكان مصر التي استقرت أحوالها الداخلية الآن أن تربح المزيد من السلطان عبر نفوذ مصري بالحجاز فكانت هناك ملامح سبقت التدخل المصري في الدولة السعودية الأولى أدت لتشجيع محمد علي للتقدم الى الجزيرة نحددها في الآتي:
 
-1- لم يستطع جنود الدولة السعودية الوهابية السيطرة على وسط الجزيرة البدوي و أُنهكت قواهم في مقاتلة قبائلها.
 
-2- هزيمة الوهابيين المنكرة امام أطراف الخليج و البحرين و عمان بفعل وجود البحرية الانجليزية المتطورة ، كذلك كانت جيوشهم على تقدمها الأرضي لا تستطيع هزيمة أي قوات مدربة أوروبياً.
 
-3- إثقال كاهل الرعايا بالضرائب الكبيرة التي لم يتعودوا عليها بالاضافة للطبقية المنفرة التي غزت الدولة مع سوء توزيع غنائئمها مما أدى لإضطرابات داخلية.
 
-4- الافلاس الذي ضرب الحجاز بسبب تحريم الوهابيين السعوديين لرعايا دولتهم للتجارة مع العراق و الشام و غيرهم بإعتبارهم (مشركين) و منع الحجاج التابعين للدولة العثمانية من الحج فانهارت منظومة اقتصاد الحجاز تماماً و منظومة دخول القبائل المالية.
 
-5- أخيراً التذمر العام بسبب الجفاف و القحط اللذان ضربا البلاد دون أي تحسن في الأحوال مع تعسف الوهابيين الشديد تجاه التجارة فكانت الأمور مهيأة لعمل عسكري جديد ضد الدولة السعودية.
 
منذ نهاية 1809 و محمد علي باشا والي مصر يهيئ للحملة على الحجاز ليقرر بالعام 1810 إرسالها بعد أن يأس من تولية صديقة (يوسف كنج باشا) على الشام فوجد أن الوسيلة المثلى هي ضم الحجاز لنفوذ السلطان الاسمي مقابل تولية أحد أبنائه الشام و كذلك ضمان تجارة مصر عبر البحر الأحمر بتأمين الحجاز ، في مارس 1810 كانت عشرون سفينة جاهزة للعمل لتلحق بها عمليات اخرى حربية و سفن لمدة عام بعدها في مارس 1811 و مع القضاء على المماليك و تأمين الداخل المصري أرسل محمد علي طوسون إبن الثامنة عشر ليقود القوات المصرية بعد أن راسل شريف مكة الناقم على الوهابيين ، في أكتوبر 1811 إحتلت قوات الجيش المكونة من أتراك و مرتزقة البان و مغاربة (ينبع) قبل وصول طوسون دون مقاومة من حاميتها الخاضعة لشريف مكة لتبدأ عمليات سلب و نهب من القوات للمدينة لدرجة اختطاف الفتيات و بيعهم كرقيق ، وصل طوسون لينبع في نوفمبر 1811 في 12 ألف من قواته ليواجه في وادي الصفراء قوات بن سعود المكونة من 18 ألف و انتهت المعركة بخسارة منكرة للجيش المصري ليعودوا لينبع حيث وصلت إمدادات مصر من محمد علي المتأثر بالهزيمة و بدأ طوسون في تدارك الأمر عبر رشوة عرب الحجاز و شرفائهم ووجهائهم حتى ضمن تماماً أن سيره للحجاز (مكة/المدينة/الطائف) لن واجهه مشكلة فسار في خريف 1812 للمدينة المنورة مستغلا هلاك كثير من جنود حاميتها الوهابية بالمرض فضرب أسوارها بالمدافع و أجبر الحامية على الهرب من قلعتهم مرسلاً آغا المدينة لمصر ثم الاستانة (عاصمة العثمانيين) حيث تم اعدامه و تولية

توماس قيس الاسكتلندي المسلم المدينة ، في يناير 1813 استولى طوسون على جدة بلا قتال بعد سحب بن سعود قواته خوفا من تدميرها و تلتها الطائف و مكة بنفس الصورة ، لاحقاً في ربيع و صيف 1813 هاجم بن سعود الحجاز مزعزعاً وضع طوسون دون أن يستولي على أي مدينة مترافقاً مع هلاك كثير من جنود طوسون بسبب الامراض ، وجد محمد علي أن الحملة لم تقد لمعارك حاسمة و لم تتأثر الدولة السعودية فحزم أمره ووصل في سبتمبر 1813 بآلاف الجنود الى جدة فارضاً الأمر الواقع مثيراً الحماس في الجنود بحضوره بنفسهً ، بدأ محمد علي في تهيئة الحجاز عبر القبض على كل المتلونين الذين لا ولاء لهم و على رأسهم غالب شريف مكة و نفاه لسالونيك و صادر ثرواته معيناً أحد معاونيه الحجازيين شريفاً للمدينة مخضعاً الحجاز بالقوة له متمماً ما لم يتحقق بصورة أكدة قوة الوالي الألباني و أجبرت قبائل المنطقة على الخضوع ، لم تكن الاحداث العسكرية جيدة فواجه محمد علي خسائر في القنفذة و تربة مع انقلاب بعض المحليين عليه فأرسل يطلب المدد من مصر الذي أتى سريعاً الى جدة مع تودده للسكان المحليين و سماحه للحجاج من كل مكان بالحج فازدهرت أحوال الحجاز و باتت كل الامور لصالحه ، كان سعود قد مات في ربيع 1814 و تولى عبد الله إبنه الحكم وسط إضطراب بلاده و فقدها للحجاز و عمان و البحرين ، في أواخر 1814 و اوائل 1815 إنتصر محمد علي في معركة (بسل) قاضياً على أغلب قوات السعوديين و معدماً مئات الأسرى في مكة و امتدت قواته لتربة و رنية و بيشة و القنفذة مرسلاً زعماء الوهابيين السعوديين الى الآستانة حيث تم إعدامهم ، في 20 مايو 1815 غادر محمد علي الى مصر على عجل بعد سماعه لأخبار عودة نابليون و خشيته من محاولات غربية حتلال مصر تاركاً الأمر لطوسون و هو قلق من إمكانية ولده إستكمال الأمر خصوصاً مع اعتلال صحته ، تم في خريف 1815 الصلح مع جيش بن سعود مقابل انسحاب مصر من القصيم و تم الامر وسط خرق بن سعود لبعض نصوص الاتفاقية مما أدى لتغييرات في رؤية القاهرة.
 
إبراهيم باشا يتولى القيادة في حملة مصر الكبرى:
 
لم يكن محمد علي وولده القائد إبراهيم راضيان عن سياسة طوسون فأرسل الوالي الى طوسون بالعودة مولياً إبراهيم إبنه الأمر و قال قبل سفره للحجاز:
(سآتيك أيها الوالي بمفاتيح الدرعية).
 
في 23/9/1816 غادر إبراهيم حريصاً على إصطحاب كبار خبراء الجيش من الأجانب العسكريين مثل سكوتو ، جنتيلي ، تودسكيني و سوشيو مؤمناً أن هؤلاء القادة و معهم أبناء مصر الجنود هم وحدهم القادر على دخول الدرعية بدلاً من التلاطم كالأمواج على شواطئ الحجاز ، في 30 / /1816 وصل إبراهيم باشا الى ينبع متخذاً من (الحناكية) مركزاً له و كان سعيداً بحصولة على رتبة باشا في 19 يناير 1817 معتبراً إياها إشارة البدء.
*في صيف 1817 حاصر إبراهيم الرس متحملاً خسائر قواته لإدراكه خطأ ترك المدينة شديدة الأهمية ليجبرها على الاستسلام في أكتوبر 1817 ثم هاجم عنيزة و بريدة مدمراً قوات بن سعود و محققاً ما لم يتصوره أحد عن هذا القائد الشاب.
 
*إنسحب بن سعود المرتبك الى شقراء و أمر بتشكليل الحصون ثم توجه للدرعية بعيداً عن القتال بينما إبراهيم باشا في صفوف قواته المصرية بل و يتقدمهم حتى وصل لشقراء في يناير 1818 و إستخدم تكتيك عوض قلة قواته أمام ضخامة قوات بن سعود ليستولي عليها في فبراير 1818 فاتحاً الطريق للدرعية.
 
*قام إبراهيم باشا بتأمين المنطقة المحيطة به مستخدماً إمدادات القاهرة خير إستخدام بين الترهيب و الترغيب للعرب بالمنطقة حتى بات خصمه الوحيد هو حاكم الدرعية و بات الطريق مفتوح للقتال النهائي و الحاسم.
 
*سارت قوات إبراهيم باشا محطمة كل قوات الدفاع حول ضرما ووادي حنيفة في ضربات أفقدت السعوديين صوابهم و باتت تلك النجاحات محل ذهول و اعجاب معاً سواء من القاهرة أو الدرعية فالنجاح كان خير هدية لروح طوسون باشا الذي توفي بعد وصوله مصر بشهور قليلة.
 
*في السادس من إبريل 1818 وصلت قوات مصر بقيادة إبراهيم باشا للدرعية و معه أقل من ربع ما يحتاجه لحصر المدينة ففرض حصار عليها استمر خمسة أشهر تعددت المعارك فيها و كانت المشكلات و الكوارث تلاحق الجيش المصري كما حدث في 21 يونيو حين تلا معركة فرعية هُزم فيها السعوديون حريق دمر كثير من ذخائر و معدات الجيش المصري و مع هذا استمر القتال و ابراهيم باشا في صف الجنود الأول دون تراجع خطوة واحدة للخلف.
 
*في سبتمبر 1918 و بعد وصول سلمان أغا الجركسي و خليل باشا قائد الاسكندرية إكتملت القيادة الكبرى للجيش و أصدر إبراهيم باشا أمره بالهجوم النهائي قائلاً: ( لا رجوع اليوم إما نحن او الدرعية) ، بدأ الهجوم في معركة باسلة استخدمت فيها فنون القتال الغربية من الجيش المصري و المدفعية الفرنسية التي بناها المصريون و استمر ثمانية أيام كان النصر فيها كل ساعة لصالح الجيش المصري حتى تحطمت دفاعات الوهابيين و باتت الدرعية محطمة و جيش مصر في سبيله لإقتحامها في يوم او إثنين.
 
* في التاسع من سبتمبر 1818 إلتمس الوهابيون المفاوضات فوافق ابراهيم باشا و حضر عبد الله بن سعود و أقر بالهزيمة و استسلمت قواته بعد يومين آخرين ليدخل القائد إبراهيم باشا المدينة في 11 سبتمبر 1818 معلناً نصر قوات مصر و هزيمة الدولة السعودية و الحركة الوهابية المعروفة باسم حركة التوحيد...!!