الأقباط متحدون - تبشيرنا وتبشيرهم
  • ٠٩:٠٢
  • الخميس , ١٤ سبتمبر ٢٠١٧
English version

تبشيرنا وتبشيرهم

مايكل فارس

مساحة رأي

١٣: ٠٣ م +03:00 EEST

الخميس ١٤ سبتمبر ٢٠١٧

مايكل فارس
مايكل فارس

 بقلم مايكل فارس

من الأساطير المصرية المتواترة والمتوارثة منذ عدة عقود، إسطورتى"شعب متدين بطبعه" و"الدين لله والوطن للجميع"، ولكن ما ثمار هاتين  الأسطورتين على أرض الواقع؟، أعتقد تلاعبنا بالألفاظ هو الذى سيطر، فالممارسات الواقعية تؤكد نحن "شعب متعصب بطبعه"، و"الدين لله والوطن للجميع" عبارة للتصدير الخارجى وليست للاستهلاك المحلى.
 
أسئلة هامة دارت فى ذهنى، خلال زيارة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلى اليابان "الأسيوية" والقارة الإسترالية، حينما افتتح عدة كنائس فى البلدين، كيف رحب المسؤلين فى البلاد الـ"غير أرثوذكسية" بأكبر بطريرك شرقى لافتتاحه كنائس أرثوذكسية فى بلادهم الـ"غير أرثوذكسية"، أبرزها كيف يتعامل الغرب مع الأديان، ولماذا لايخشى على هويته الدينية مثلنا؟، وهل سيرحب البابا تواضروس بنفس الطريقة بالطوائف الغير أرثوذكسية فى حال افتتاح طوائف خاصة بهم فى مصر؟، ماذا عن الأزهر أيضا، هل سيرحب بافتتاح جامع شيعى؟، هل سيستقبل المسؤلون المصريون قيادات شيعية كبرى جاءت لمصر لافتتاح مساجد خاصة بهم مثلما يفعل الغرب؟.
 
فى 29 أغسطس الماضى، افتتح البابا تواضروس الثانى أول كنيسة قبطية فى اليابان والتقى عددا من مسؤليها على رأسهم  وزير خارجية اليابان، الذى طالبه البابا بمنح إقامة للكاهن القبطى المصرى الذى يخدم فى الكنيسة الجديدة، وعقب افتتاح البابا تواضروس لعدة كنائس جديدة فى إستراليا، نظمت إيبارشية مولبورن حفل عشاء بابوى، في بينسولا تكريمًا للبابا، حضره ليند ديسو حاكمة فيكتوريا، وممثل رئيس الوزراء السيد كيفين إندروز، وقيادات الكنائس الإنجيليكانية والأرمانية والسريانية واليونانية، وعندما دشن كنائس فى ملبورن استقبله روبرت دويل عمدة ملبورن، وأيضا الجينرال السير بيتر كوسغروف، الحاكم العام لإستراليا، ضف إلى ذلك إقامة البرلمان الأسترالي حفل غداء على شرف البابا تواضروس الثاني على هامش زيارته لمقر البرلمان بالعاصمة الأسترالية كانبرَّا، واستقبله أيضا السناتور ستيفن باري رئيس مجلس الشيوخ الأسترالي، وفى 11 سبتمبر افتتح الأنبا مينا أسقف ميسساجا وفانكوفر وغرب كندا كنيسة القديسين بطرس وبولس بمدينة أوكفيل، بحضور عمدة المدينة وعددا من ممثلي برلمان أونتاريو.
 
أدياننا وأديانهم
لماذا يرحب المسؤلون فى الغرب بافتتاح كنائس وأديرة أرثوذكسية فى بلادهم، المغايرة لهم فى الطائفة، الديانة الرئيسية فى اليابان هى الـ"شنتو" تليها الـ"بوذية"، ورغم إن إستراليا لا تملك دين رسمي للدولة ولكن دستورها يحمي حرية الدين، والأغلبية للطائفة الرومانية الكاثوليكية، تليها الإنجليكانية، و مسئولى البلدين يرحبون بكبير بطاركة الشرق الأوسط، الذى جاء خصيصا لافتتاح كنائس طائفته والتبشير لها، ومعنى التبشير فى المعجم الوسيط هو"الدعوة إلى الدين"، وفى المفهوم المسيحى هو إرسال جماعات أو أفراد تعرف باسم "المبشرين"، إلى البلدان الأجنبية أو أماكن معينة بهدف نشر الديانة المسيحية بانضمام أفراد جديدة سواء بدعوة الوثنيين أو تحويل المؤمنين بديانات أخرى إلى الدين المسيحي، وفى المفهوم الإسلامى هى التنصير لتحويل المسلمين إلى المسيحية.
 
فى 2005 افتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكبر مسجد بموسكو بمشاركة عدد من قادة دول العالم، من بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والفلسطيني محمود عباس، ولو بحثنا على افتتاح المساجد فى الغرب سنجد عشرات المسؤلين الغربيين شاركوا فى افتتاح مساجد جديدة.
 
انتشارنا وانتشارهم
عندما يتم افتتاح مساجد "سنية" فى الغرب، يعد ذلك انتصارا لـ"دور" الأزهر فى نشر الإسلام، وعند افتتاح البابا تواضروس كنائس هناك، انتصار لانتشار الكنيسة فى المهجر ويتم رفع آية" هذه الكائنة- أى الكنيسة-من أقاصى المسكونة إلى أقاصيها"، ولكن ماذا يحدث فى حال قيام العكس، وأرادت طوائف غير أرثوذكسية وغير سنية الانتشار فى مصر؟ ؟،هل ستعتبر الكنيسة والأزهر أن هذا حق لهم مثل الحق الذى أخذوه؟، أم سيحاربوهم؟، أنهم يحتفلون بتبشرينا ودعوتنا ونحاربهم لتبشريهم ودعوتهم بل نعتقلهم فى بعض الأحيان فالشيعة فى مصر هم عملاء إيران، والبهائيين عملاء لإسرائيل وينشرون الفكر المتطرف، فى 23 يوليو الماضى جاء العنوان التالى فى إحدى الصحف:" القبض على شخصين بقرية العشى بالأقصر بتهمة نشر الفكر البهائى والتطرف"، وفى المتن:" نجحت وحدة مباحث مركز شرطة طيبة بالأقصر، فى ضبط شخصين أثارا الذعر بين أهالى قرية العشى بدائرة المركز، لدعوتهما الأهالى لـ"البهائية" ونشر الفكر المتطرف، وذلك بعد مطاردات كُللت بالنجاح، وتحرر محضر بالواقعة وجار عرضهما على النيابة العامة".
 
"الغرب المرحب بكنائسنا ومساجدنا"  VS "الشرق الخائف على هويته"
هل يستقبل وزير الخارجية المصري، ممثلا عن اليابان لافتتاح معبد بوذى؟ مثلما فعل نظيره مع البابا تواضروس؟ أو هل يجرؤ البرلمان المصرى  أو الأزهر على استضافة قيادى شيعى والترحيب به فى بلاد السنة؟ مثلما فعل البرلمان والقيادات الدينية الإسترالية مع البابا الأرثوذكسى القادم من الشرق؟.
لماذا لا يخشي الغرب على دينه من معتقدات الشرقيون، الطوائف المسيحية والديانة الإسلامية؟ ولماذا ليس غيور مثلنا؟ فى الوقت الذى نُعتبر فيه نحن فى الشرق عامة ومصر خاصة، أن حماية الدين وكأنه فرض عين على كل أحد، نخاف من انتشار أى طائفة جديدة ، وأصبحنا "حراس الله على الأرض" الذين يخشون عليه، هؤلاء الحراس الذين يرتعبون فى حال تهديد هويتهم الإسلامية والمسيحية الشرقية، ويأخذوا وضعية "الدفاع التلقائى" ضد طوائفهم.
 
الحرية تصبح "حقا"حينما تكون فى صالحنا و "خطأ" حينما تكون لصالح الأخرين
نُقيد"حرية" الطوائف المغايرة لنا فى الانتشار وهذا ليس حق لهم، وننظر لها بعين الريبة، وفى نفس التوقيت تطغو علينا" الازدواجية" وتتوجه طوائفنا فى الشرق الأوسط إلى الغرب للانتشار مستغلين"الحرية" فى بلادهم، ففى مصر حلال علينا التبشير والدعوة فى بلادهم، وحراما عليهم لأنهم عملاء.
هل هم شعوب غير متدينية فلا تخشى على عقيدتها، وهل نحن شعوب متدينية نخشى على عقديتنا، هل عدم تدينهم جعلهم يؤمنون بحرية الأديان، وتديينا جعلنا حراس لها، لا يوجد فى الغرب مصطلح"مغلق لدواعى أمنية" أو"إيذاء مشاعر الشباب المسيحى" فى حال افتتاح مسجد، إنها مصطلحاتنا وأساطيرنا.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع