الأقباط متحدون - رسالة من شاب منتحر.. السرطان أهون من الاكتئاب
  • ١٠:١٦
  • الجمعة , ٨ سبتمبر ٢٠١٧
English version

رسالة من شاب منتحر.. السرطان أهون من الاكتئاب

مقالات مختارة | خالد منتصر

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الجمعة ٨ سبتمبر ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

استيقظنا على صدمة عندما تابعنا على السوشيال ميديا فيديو الشاب الذى أعلن عن نيته وقراره وإصراره على الانتحار لأنه يعانى من اكتئاب، ثم انتحر بعد الفيديو بأيام، لن أخوض فى اسم أو سيرة حياة الشاب احتراماً لمشاعر أهله، لكن لا بد أن ندق ناقوس الخطر ونأخذ دائماً كلام مريض الاكتئاب عن الانتحار بمنتهى الجدية، فهو ليس هزاراً أو فضفضة ولكنه قرار من السهل جداً أن ينفذ وعلينا كمجتمع وكأطباء أن نهتم بتلك القضية، المدهش أن الشاب الذى كان يتكلم فى الفيديو بمنتهى الذكاء واللماحية انتحر قبل اليوم العالمى لمنع الانتحار! 10 سبتمبر يحتفل العالم كله باليوم العالمى لمنع الانتحار!!، لكن هل الانتحار يعد قضية عالمية ومشكلة كونية ضخمة إلى هذه الدرجة التى تحتاج لأن تخصص منظمة الصحة العالمية هذا اليوم للدعوة إلى منع الانتحار فيه؟!، تعالوا نقرأ هذه الأرقام لنعرف حجم المشكلة؛

مليون شخص ينتحرون كل عام على مستوى العالم، أى إن عدد المنتحرين فى العالم أكثر من ضحايا الحروب والقتل العمد، 3000 حالة انتحار يومياً، الانتحار هو السبب الأول للموت عند المراهقين والبالغين تحت الـ35، هناك شخص ما ينتحر فى مكان ما فى العالم كل 40 ثانية، الرجال ينتحرون بنسبة ثلاثة أضعاف المرأة على عكس ما تتخيلون، هناك شخص يحاول الانتحار، ولم ينجح فيه كل ثلاث ثوانٍ!!، أرقام مرعبة توضح حجم المشكلة وخطورتها، لذلك أطلقت منظمة الصحة والجمعية العالمية لمكافحة الانتحار شعار connect، care، communicate لدعم المقبل على الانتحار، ولا بد لنا فى مصر ألا ندفن رؤوسنا فى الرمال وندعى أنه لا توجد لدينا مشكلة انتحار لأننا شعب متدين بالفطرة، من الممكن أن تكون النسبة عندنا أقل، لكنها موجودة وتزداد، ولا بد أن نعرف أن الاكتئاب مرض فيه خلل كيميائى ولا علاقة له بنسبة التدين أو مقدار ما تؤديه من طقوس، لذلك يجب على وزارة الصحة إنشاء خط ساخن يتحدث فيه المقبل على الانتحار عندما تهاجمه الهواجس ليجد من يدعم بالنصيحة ويعتنى ويتواصل، فى أحيان كثيرة يكون المكتئب «جعان تواصل وعطشان اهتمام»،

يحتاج إلى من يسمعه، من يصرخ له، أشد الأمراض إيلاماً هو الاكتئاب، ألمه أشد وأعنف وأقسى من السرطان، والمنتحر يعرف أن المجتمع سيلفظه إذا انتحر ولن يحترمه، يعرف كل ذلك، ولكنه بالرغم منه ينتحر، هو بتعبيره «ما عادش قادر يستمر، عايز يستريح ويريح، حاسس إنه بيتفرج ع الدنيا، لا مبالٍ بالحياة، ما عادش يفرق عنده حياة أو موت، ما عندوش الدافع.. إلخ»، كل هذه الكلمات لمبات حمراء نراها ولا ننتبه، وأجراس خطر نسمعها من المكتئب ولا نعيره اهتماماً، إلى أن تحدث الكارثة فنستيقظ على طلقة رصاص أو ابتلاع أقراص دواء أو قفزة إلى المجهول من نافذة أو من على كوبرى إلى النيل مباشرة، ثم نمصمص شفاهنا قائلين «ده كان لسه إمبارح بيتعشى معانا أو كان مكلمنى فى التليفون وكان بيضحك»!! كلام فارغ نخلى به مسئوليتنا عن إهمال هذا البنى آدم وجعله يصرخ إلى الداخل وحيداً يعود إليه صدى صوته من بئر بلا قاع، الطبيب أيضاً عليه مسئولية فمن يترك شاباً حاول الانتحار ليعالجه بعدها فى البيت بشوية أقراص ويقول دى حاجة بسيطة دون أن يدخله المستشفى ويضعه تحت المراقبة، فهو يرتكب جريمة طبية، الانتحار مرتبط بالإنسان، كما قال صلاح جاهين، الذى للأسف انتحر وهو فى قمة مجده:

الدنيا أوضة كبيرة للانتظار

فيها ابن آدم زيه زى الحمار

الهم واحد.. والملل مشترك

ومفيش حمار بيحاول الانتحار.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع