الأقباط متحدون - المحافظ الغضبان..
  • ١٣:٣٧
  • الثلاثاء , ٥ سبتمبر ٢٠١٧
English version

المحافظ الغضبان..

مقالات مختارة | حمدي رزق

١١: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٥ سبتمبر ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

والله زى ما بؤلك كده، وقف محافظ بورسعيد عادل الغضبان أمام عربة خضروات فى السوق منادياً الخمسة بعشرة، خمسة كيلو قوطة بعشرة جنيه، الخمسة بعشرة يا حاجة، وكيلو البصل بجنيه.. فيديو فرجة، اكتسح فيديوهات العيد!!.

فرضاً وإجباراً، باعتباره نصير الغلابة، الغريب أن الناس المكوية من نار الأسعار استنكفت تسعيرة المحافظ اللحظية، وامتنعت عن الشراء بالرخيص حتى لا تشارك فى ظلم البياع المغلوب على أمره أمام المحافظ، فطفق المحافظ يزعق فيهم اشتروا، الخمسة بعشرة، الناس استحرمت الشراء تحت سيف التهديد الذى يمارسه المحافظ الغضبان.

ليس هكذا تورد الإبل، استقواء المحافظ المستقوى على التاجر الغلبان فى السوق وسط موظفيه والحراسة المرافقة لن تجلب شعبية للمحافظ، بل جرّت عليه سخرية فيسبوكية قاسية، منها إنت جاى على الغلبان روح اتشطر على الحيتان!!

ابتداءً ما فعله المحافظ استعراض يرفضه المنطق السليم، جولات المحافظ فى الشارع حتماً ولابد تكون محكومة باللياقة والرغبة فى التواصل حلاً للمشكلات وتذليلاً للعقبات، حضور المحافظ شارعياً لابد وأن يكون محسوباً بدقة، ستر ربنا أن التاجر غلبان ولم يتطاول على سعادته، والله خشيت أن ينفعل البياع على المحافظ وهو يخرب بيته ويبيع كيلو البصل بجنيه!

ليس كل مرة تسلم الجرة، وأذكّر المحافظ الغضبان أن ثورة قامت فى تونس بسبب موقف شبيه، بوعزيزى أحرق نفسه وأضرم نار الثورة فى وطنه، المحافظ يستعرض سطوته على تاجر غلبان فى سوق تؤمها الحيتان، وتسودها الاحتكارات، ويحدد أسعارها الناس اللى فوق، وهو يعرف هذا جيداً.

لو كان المحافظ منصفاً لجمع كبار تجار بورسعيد وألزمهم بالتسعيرة التى قررها على التاجر الغلبان فى الشارع، ولاختبر ردود فعلهم، أشك أنه يستطيع، ولن يجدى معهم غضبه نفعاً، ما لا يعلمه المحافظ أن رئيس الوزراء ووزير التموين يرفضان التسعيرة الجبرية رفضاً مبرماً، المحافظ الغضبان هكذا يخالف التعليمات الوزارية، بل ويضرب عرض الحائط بقرارات الحكومة بتسييد نظرية العرض والطلب.

حركة المحافظ الاستعراضية لم تقنع أحداً، لأنها انفعالية.. غاضبة.. لحظية.. ما تلبث أن تعود الأسعار إلى طبيعتها بعد مغادرة المحافظ وحتى ولو رجع تانى، فيديو المحافظ الغضبان لم يحقق للمحافظ ما يرجوه، لا الأسعار نزلت، ولا التجار التزموا، ولا شيئاً يُذكر، فقط تخلف عن الجولة الاستعراضية فيديو يثير سخرية، المحافظ ليس من مهامه بيع القوطة فى السوق، مهمته أن تتوفر القوطة بسعر رخيص.

الناس تتشوق لمنظومة سعرية أكثر عدلاً، تنتظر تدخلاً حكومياً يضبط الأسعار ويحدد هامش الربح من المنبع، بالتسعيرة الجبرية أو بغيرها من الوسائل، مثل هذه الجولات الاستعراضية لا تنتج أثراً يذكر، المحافظ الغضبان لأجل المواطن عليه أن يبحث القضية برمتها، من أول الطريق الذى تسلكه القوطة من الغيط إلى السوق، واختصار الطريق، وتقليص الحلقات، وضرب الاحتكارات، وتحديد هامش الأرباح باتفاق ملزم مع تجار الجملة، لكن أن تترك كل هذه الحلقات وتتشطر على الحلقة الضعيفة، هذا من قبيل الاستعراض!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع