الأقباط متحدون - ثورة يوليو التي حيرت المعاصرين واللاحقين
  • ٠١:١٦
  • الخميس , ٢٠ يوليو ٢٠١٧
English version

ثورة يوليو التي حيرت المعاصرين واللاحقين

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٢٧: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ٢٠ يوليو ٢٠١٧

ثورة يوليو
ثورة يوليو
د. مينا ملاك عازر

 نعم ثورة يوليو حيرت كل من عاصروها من دول وزعمائها وأجهزة مخابراتها، ففي الوقت الذي بدت فيه معادية للإنجليز كانت تسعى لرضاهم لألا يدعموا الملك، فسعت لذلك من خلال السفارة الأمريكية وبعلاقات علي صبري والملحق العسكري الأمريكي استطاعوا تحييد أمريكا وإقناعها بمنع إنجلترا من التدخل، وهي التي كانت أكبر قوات على أرض المعركة الثورية "مصر" إذ كانت قواتها تقبع بالقاعدة العسكرية بقناة السويس وتحركها، وبحسب كلام  الكاتب محمد حسنين هيكل كان سيحسم الأمر للملك، والملك نفسه حاول تنفيذ الخطة المسماة راديو الخطة الإنجليزية التي كانت ترمي لاستعادة مصر بأكملها تحت حكم الإنجليز، لكن ذلك لم يحدث والملك فاروق أجهض هذا الصدام، بل أنهى على فكرة الصدام بمنع حرسه الخاص بالاشتباك مع قوات الجيش المحاصرة للقصر.

وفي مشهد وداع فاروق، القى فاروق بقنبلة في وجه نجيب- واجهة الثورة بحسب ادعاء الثوار وأحد رجالها بحسب رؤى بعض المؤرخين- حين قال الملك أن الثوار سبقوه. ولم يعرف أحد للآن على أي شيء سبقوه؟ هل سبقوه في التحرك؟ إذن كان هو يتجه للتحرك ضدهم، أم سبقوه في أن يتخلى عن الحكم؟ تركت الإجابة مفتوحة، وبمقتله على يد ناصر أسدل الستار على السؤال.
 
ونعود لثورة يوليو التي بدأت بعلاقات متميزة بالأمريكان وتوجس خيفة الروس إلى التقارب الروسي الثوري بقانون الإصلاح الزراعي الذي خطط له بالمناسبة أحد الأمريكان العاملين بالسفارة الأمريكية، وبرغم إعدام خميس والبقري العاملين المضبوطين في تمرد كفر الشيخ وعدم إعدام لملوم الإقطاعي الرافض لقانون الإصلاح الزراعي ما يوحي باتجاه رأسمالي للثورة وتباعد عن المعسكر الشيوعي الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي، إلا أن التخاذل الأمريكي والرافض لتدعيم الجيش  المصري بأسلحة دفع الثورة للتقارب مع الروس في تنفيذ أكبر صفقة أسلحة ما عُرف بالأسلحة التشيكية والتي خسرتها مصر في حرب العدوان الثلاثي بعد أن أممت القناة رداً على رفض تمويل السد العالي من البنك الدولي بضغوط أمريكية، وبذلك وقفت مصر بالقرب من الاتحاد السوفيتي مدعية في نفس الوقت الحياد الإيجابي باشتراكها في مؤتمر باندونج 1955، واستمرت الثورة التي بدأت أمريكية شكلاً وتحركاً تتباعد عن أمريكا بسلسلة من المواقف المصطنعة وسوء الفهم المتبادل وتباعد المصالح إلى أن وقعت تحت سيطرة السوفييت تماماً بعد النكسة، وبرغم ذلك بقت الثورة تدعي حيادها الإيجابي، فحيرت الكل ولأنه لا أحد يستطيع الحكم بالضمائر والنوايا، فنحن لنا بالأعمال والتحركات والمواقف، فلنا أن نعرف أن ثورة يوليو انتقلت من غربيتها والمعسكر الغربي إلى المعسكر الشرقي تحت راية الحياد الإيجابي في موقف نحتاج لتفسيره في  العديد من المقالات.
المختصر المفيد التاريخ يصنعه مواقف الرجال، وظروف الدول، وتوجهات الزعماء.