الأقباط متحدون - رمسيس الثانى.. ملحمة لا تنسى
  • ١٤:٤٩
  • الثلاثاء , ١ اغسطس ٢٠١٧
English version

رمسيس الثانى.. ملحمة لا تنسى

مقالات مختارة | زاهي حواس

٢٨: ٠٨ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١ اغسطس ٢٠١٧

زاهي حواس
زاهي حواس

أعلن فى وسائل الإعلام المختلفة خبر عن موافقة الحكومة المصرية لوزارة الآثار للقيام بنقل تمثال رمسيس الثانى!، وقد تعجب الناس من هذا الخبر الذى لم يفهمه كثير من الناس، حتى إن مواطنا استوقفنى ليسألنى عن هذا الأمر قائلاً: «هو فى تمثال تانى لرمسيس حيتنقل؟!»؛ وعندما أوضحت له أن الموضوع كله يتلخص فى قيام وزارة الآثار بنقل التمثال من موقعه الحالى الذى وضعناه به بالقرب من موقع بناء المتحف الكبير إلى موقعه بالمتحف بعد قرب استكمال البناء وأن المسافة بين موقع التمثال الحالى ومكانه بالمتحف لا تتعدى الأمتار القليلة.

إن قصة نقل تمثال رمسيس الثانى من ميدان رمسيس إلى موقع المتحف الكبير بميدان الرماية تصلح كمادة لفيلم سينمائى. والبداية كانت فى ميت رهينة حينما عثر على هذا التمثال فى معبد رمسيس الثانى المخصص لعبادة الإله بتاح، والتمثال يزن حوالى 83 طنا مقطوعا من الجرانيت الوردى. وفى عام 1955 تم نقل التمثال من ميت رهينة فى موكب رسمى إلى ميدان محطة السكة الحديد، بعدها حمل الميدان اسم الملك رمسيس ليصبح علامة ورمزا لمركز القاهرة. ويتحول الميدان إلى لوحة بديعة يحيط بالتمثال الأشجار والورود وأمامه نافورة مياه نتعجب لجمالها كلما نراها الآن فى الأفلام السينمائية. وبمرور الوقت والزمن بدأت معالم الميدان الجميل تختفى وتتغير ويحل القبح محل الجمال ويصبح تمثال الملك رمسيس الثانى أسيرا بين كبارى تخفيه عن الأعين وبنايات شاهقة تهين كرامته وأنفاق سفلية تقلق راحته. كان الحل الوحيد هو نقل التمثال مرة أخرى إلى ميت رهينة وبالفعل اتخذ القرار من خلال لجان متعاقبة لكن لم يجرؤ رئيس لهيئة الآثار أن يقوم بالعمل خشية عواقب النقل، وما قد يحدث للتمثال والذى بالطبع سوف يعرض ليس فقط مسؤول الآثار وحده، بل ووزير الثقافة، للإقالة وربما المحاكمة! ولذلك آثر كل المسؤولين السلامة وتركوا التمثال يعانى دون حراك. وحدث عندما توليت مسؤولية الآثار وبدأ العمل فى بناء المتحف الكبير أن تم وضع التمثال ضمن سيناريو العرض بحيث يعرض تمثال أشهر ملوك الفراعنة العظام فى الصالة الأمامية لأعظم متحف فى التاريخ.

بدأ العمل الجاد بموافقة شجاعة من فاروق حسنى، وزير الثقافة فى ذلك الوقت، وقد قلت له إننا وضعنا خطة علمية مع المهندس إبراهيم محلب، رئيس المقاولون العرب فى ذلك الوقت، وإننا حددنا وظيفة كل أثرى ومهندس وعامل بمشروع النقل، وتم تصميم طوق الحماية المتحرك لتعليق التمثال، وكذلك عربة النقل والمسار وبمجرد أن تحرك التمثال من موضعه بميدان رمسيس عدت والمهندس إبراهيم محلب إلى منازلنا ونحن على ثقة أن التمثال سيصل سالما إلى ميدان الرماية فى تمام السابعة من صباح اليوم التالى. ذلك فى حين كان هناك نفر غير قليل يتربص بى وبفاروق حسنى ويتمنى فشل عملية النقل للإطاحة بوزير الثقافة وبى. ودع أهالى وسكان ميدان رمسيس التمثال وتابعت مصر كلها عملية النقل من الواحدة ليلاً إلى السابعة صباحاً، حينما وصل التمثال سالماً إلى موضعه الحالى بأرض المتحف الكبير وكنت وفاروق حسنى فى انتظار التمثال مع ممثلى وسائل الإعلام المختلفة التى أشادت بعملية النقل التى تمت بالتخطيط العلمى، وأن أحد أبطال الملحمة أصبح فيما بعد رئيساً لوزراء مصر وهو المهندس إبراهيم محلب. لم أسلم من سموم أهل الشر الذين كان يسوءهم كل نجاح أحققه وشهرة أكسبها بالجهد والعمل فخرجوا على الناس يقولون إن نقل تمثال رمسيس يخدم الصهيونية ويفرح اليهود! بالطبع ذهب هذيانهم إلى مزبلة التاريخ وبقيت ملحمة نقل تمثال رمسيس الثانى محفورة فى أذهان العالم كله.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع