الأقباط متحدون - كيف تجدين زوجك المستقبلي؟
  • ١٨:٤٠
  • الثلاثاء , ١١ يوليو ٢٠١٧
English version

كيف تجدين زوجك المستقبلي؟

مقالات مختارة | د. نبيل القط

٤٠: ١٢ م +02:00 EET

الثلاثاء ١١ يوليو ٢٠١٧

د. نبيل القط
د. نبيل القط

نحن في عام 2017 بالفعل، جرت مياه كثيرة منذ كانت الطريقة الوحيدة للزواج، هي عن طريق غرفة الصالون، حيث يتقدّم شاب لخطبة فتاة لا يعرف عنها شيئاً إلا اسمها وعائلتها، وبالمثل لا تعرف عنه الفتاة شيئاً إلا اسمه وما يملُك، فخلال الأربعين عاماً الماضية، تحرّكت الأسر المصرية من الريف إلى المدن، وإلى الخليج أو عودةً منه، وبدأت الروابط التقليدية التي كانت تشكل لُحمة الطبقة المتوسطة وأساس قوة شبكات العلاقات الاجتماعية التي كانت تكفل إمدادات كافية لهذا النوع من الزواج، في التفكُك قليلاً، وتعرضت الفتيات المصريات محل سيطرة الأسرة في السابق إلى حراك واسع ثقافياً وجغرافياً ونفسياً واجتماعياً، جعل السيطرة على مصائرهن أقل إحكاماً، فالدراسة والعمل وإتاحة المعلومات وطرق التواصل الاجتماعي بمستويات وتنوعات غير مسبوقة، قوّى لدى الفتيات شعورا أعلى بالكرامة والتمكن، مما خلق لهن متطلبات جديدة في زوج المستقبل.

لم تعد الأسرة إذن مطلقة اليد في تقرير وضمان آليات الزواج من عدمه، وبدأ يسود نوعان آخران من الآليات، الأول هو “الزواج المرتب”، والذي هو تطوّر واضح لـ”زواج الصالونات”، مراعياً التغيّرات الاجتماعية الحديثة، فبدلاً من زيارة العائلة للمنزل المطلوب لفحص العروسة وعائلتها، فالشاب والفتاة الآن يخرجان سوياً بمعرفة الأهل في مكان عام بصحبة الأم أو إحدى بنات العائلة، ويتقابلان عدة مرات وربما استخدما وسائل التواصل الاجتماعي لمزيد من التواصل والتعارف، وقد يمتد التعارف إلى الخروج مع الأسرة لمزيد من الاستكشاف، وفي هذه الأثناء يقوم أهل البنت وأصدقاؤها بالسؤال عن الشاب وأهله وسمعتهم، ويحدث العكس أيضًا من طرف أهل الشاب، وفي حالة نيل الإعجاب المُتبادل، والرضا من الأسرتين، وجاءت الأخبار بما لا يمنع الاستمرار، يحدث الزواج. أما في الحالة المعاكسة تتوقف العملية تمامًا، فتنقطع كل الاتصالات بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي.

النوع الثاني هو الاختيار التلقائي الحر أو “الزواج عن حب” وذلك عندما يلتقي شاب وفتاة في الدراسة أو في العمل أو في دوائرهما الاجتماعية  المشتركة أو حتى عن طريق الإنترنت، ويحدث انجذاب متبادل يسمونه إعجاباً، ثم يخرجان ويتقاربان ويحدث بينهما تبادل للمشاعر والأفكار يسمونه حباً، ومن ثم يقرران الارتباط ثم الزواج.

هذان النوعان من الزواج هما المنتشران في الطبقة المتوسطة وبالذات في أوساط البنات المتعلّمات والعاملات.

لكن هذه الطُرق في الزواج، مازالت حديثة العهد وهشّة التكوين، وشروط استمرارها ونجاحها يعتمد أكثر على الاستقلالية الفردية للشاب والفتاة منه على أسرتيهما كما في زواج الصالونات القديم، وربما بسبب حداثة عهد تلك الطُرق وعدم تأسس آليات جيّدة لها حتى الآن؛ تتزايد حالات الطلاق في السنين الأولى من الزواج بمعدلات غير مسبوقة – ٤٠٪ من حالات الطلاق تحدث أثناء الخمس سنين الأولى للزواج–

فما هي الأدوات التي تجعل اختيارنا لشريك الحياة مناسباً أكثر؟
باستخدام مصطلح”شريك الحياة”، تظهر أولوية فهم أن العلاقة الزوجية بشكلها المعاصر – في كل الحالات التقليدية وغير التقليدية- تتكوّن في الغالب من ثلاثة عناصر أساسية: هي الحب والمسؤولية والارتباط، قد يحدث الحب الذي هو الإنجذاب والتعلّق العاطفي والجسدي بعد الزواج كما في النوع الأول، وقد يأتي قبل الزواج كما في النوع الثاني. أمّا الارتباط أو “العِشرة” فهو ما يعرف بدخول كلا الشخصين في وجدان ووعي ولا وعي الطرف الآخر، حتى يصير جزءاً أصيلاً منه، نتيجة خلق مساحة لكل منهما للآخر -بوعي أو بغير وعي- داخل الأفكار والمشاعر والعقل، وتحدث هذه العملية أثناء المعايشة المحبّة الودودة والحانية، فنعتاد شكله ورائحته وصوته وحضوره، ويتحول بعد وقت إلى جزء من وجودنا الحيوي؛ نفتقده عندما يغيب ونطمئن عندما يحضر ونضطرب عندما يضطرب. أمّا المسؤولية “أو الإلتزام”، فهي الضمان للشراكة الإنسانية والحيويّة بين اثنين في السراء والضراء، وهي التي تُشعرنا بالأمان وتسمح لأمخاخنا بالاسترخاء ومن ثم السماح للآخر بالدخول الحر في عالمنا النفسي وتؤدي في النهاية إلى الإرتباط.

فكيف إذن نختار اختياراً مناسباً لنا يؤدي إلى تطوير علاقة زوجية فيها عناصر الحب والمسؤولية والارتباط، ويتجنب الصعوبات التي تؤدي إلى طلاق حديث؟

ببساطة: ماهي الخطوات اللازمة لاتخاذ قرار الارتباط بشخص يرغب في الزواج مني؟
أرى أن نوعي الزواج السابق ذكرهما، المرتب والتلقائي، يتشابهان في الأهداف العامة التي نرغب في تحقيقها من التواصل مع شخص يرغب في الارتباط، ولكن من جهة أخرى، تختلف الآليات التي نستطيع بها الوصول لهذه الأهداف. أما الأهداف العامة فتشمل:

أولاً: المعرفة الواقعية التفصيلية قدر الإمكان بحياة الشخص المتقدم، بمعنى: ما الذي يحبه وما الذي يكرهه، ماهي هواياته، درجات غضبه وتفاعله.

ثانياً: معرفة موقفه من المرأة وحقوقها، من حيث إيمانه بالمساواة والكرامة وحق العمل والملبس والخصوصية والتعبير عن النفس عند الاعتراض إلى آخره.
ثالثاً: معرفة قيمه العامة فيما يخص الأمانة والشفافية والمسؤولية والود واحترام الآخر.

رابعاً: معرفة حياته الاجتماعية من حيث قدرته على عمل علاقات اجتماعية مستقرة، واحتفاظه بأصدقائه، ودرجة النشاط والخمول الاجتماعي، والانسحاب من أو الغرق في الاجتماعيات.

وخامسا: معرفة حياته المهنية من حيث الاستقرار في العمل، وكيفية تفكيره في المستقبل.

أما من حيث آليات البحث والاختيار:
فيما يخص “الزواج المرتب”، فإننا نسعى باتجاه نفس الأهداف العامة لـ”الزواج التلقائي”، لكن مع عدم وجود مساحة للمقابلات والتعارف. تختلف آليات “الزواج المرتب” عن “زواج الحب”، ويمكن تحديد هذه الآليات بالشكل التالي:

أولاً: لابد من توفر عنصر أساسي لبدء العلاقة: الشعور بالقبول العاطفي والجسدي والذي لا يكون بالضرورة انجذاباً، لأن الانجذاب يحتاج مزيد من الوقت مع البنات المتحفظات ثقافياً، والقبول هنا يعني أن هذا الشخص يمكنه الاقتراب مني جسدياً ونفسياً، وقد لا يحدث ذلك بالطبع في أول أو ثاني مقابلة.

ثانياً: التعارف المعمق بهدف التأكد من التوافق الثقافي وليس مجرد التعرف، فمن حقك  مثلاً الاطلاع على صفحة الفيسبوك الخاصة به والتي سوف تمنحك الفرصة للتعرف على توجهاته وآرائه واهتماماته ولغته وقيمه من خلال ما يحب وما لا يحب وتعليقاته وكتابته ومشاركاته.

ثالثاً: حددي قبل المقابلة الموضوعات التي تودين أن تناقشيها معه، ولا تتركي الأمر للارتجال لأن الوقت بحساب، واهتمي بكتابة نتائج المقابلة لأنك ستؤسسين عليها المقابلات التالية.

رابعاً: اطلبي مقابلة أخواته البنات في حضوره وفِي غير حضوره، لأنك سوف تعرفين الكثير منهن ومن طريقة تفاعلهن في حضوره وغيابه.
خامساً: استشيري صديقاتك الثقات، واطلبي منهن أن يدخلن على صفحة الفيسبوك خاصته لفحصه جيداً وإعطاء المزيد من الرأي، ولا تتعجلي بالرفض أو القبول، فإذا ظهرت لك علامات إيجابية استمري بالفحص حتى تتوصلي لقرار.

أمّا فيما يخص الزواج التلقائي “الزواج عن حُب” أو عن معرفة مُسبقة، فمن الأساسي أن تتعرفي أولاً عليه جيداً وبشكل مُعمّق، ولا تكتفي بالانجذاب الجسدي والعاطفي، وبالتالي علينا التأنّي في اتخاذ القرار، بهدف معرفة ثقافته الخاصة وذلك من خلال المعايشة المطولة ليس فقط معه ولكن مع أصدقائه، لأنهم سيُظهرون جانبا آخر من شخصيته ربما هو نفسه لا يعرفه، والتعايش يشمل معرفة طريقته في الأكل واختيار ملابسه، وتعامله مع الناس، وأفكاره وقيمه وثقافته ورؤيته للمرأة. يأتي كل ذلك تحت مسمى معرفة ثقافته الخاصة لأن كثيراً من مشاكل هذا النوع من الزواج تنشأ بسبب الاختلاف الثقافي، وتصوّر كل طرف أنه يستطيع أن يغير الطرف الثاني (كل حاجة اتغيّرت بعد كتب الكتاب، تحكّم في كل حاجة.. مفيش اهتمام وبقى واحد تاني غير اللي كان بيتمنّى لي الرضا)

ثانياً: سوف تحتاجين للتعرف على أخواته، وكيف يراهن ويتعامل معهن، بنديّة واحترام وكرامة أم بذكورية وقهر واحتقار لقدراتهن؟ فهو كما يعامل إناث عائلته سوف يعاملك أنتِ.

ثالثاً: عليكِ أن تقابليه بصديقاتك المقربات لأنهن عيون أخرى أكثر حيادية وتخلو من التحيّز العاطفي الذي يميّز المحبّين، وسوف تكون لهن نظرة أوسع من نظرتك.

رابعاً: مطلوب طرح كل الأمور التي قد تكون محل خلاف بشفافية، مثل العمل والملبس والخروج والعلاقة بالأهل والعلاقة بالصديقات والحياة الاجتماعية والحياة الخاصة والأطفال وحتى تسمية الأطفال، وذلك ليس بهدف معرفة القرار الصواب أو الخطأ، ولكن التوصل إلى القواعد التي يمكن اللجوء إليها لاتخاذ القرار، حتى لا تتفاجئي بعد الزواج بتغيّرات تحوّل حياتك إلى مأساة.

إذا مارستِ كل ذلك ووجدتِ أن التوافق قائم في سبعين إلى ثمانين في المئة من الأمور، يمكنك الإطمئنان، والاستمرار قُدماً في العلاقة.
نقلا عن za2ed18

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع