الأقباط متحدون - الأكراد «شعب الله المحتار» وقود الحرب المقبلة
  • ١٦:٤٦
  • الاثنين , ١٠ يوليو ٢٠١٧
English version

الأكراد «شعب الله المحتار» وقود الحرب المقبلة

مقالات مختارة | د. محمد بسيونى

٥١: ٠٣ م +02:00 EET

الاثنين ١٠ يوليو ٢٠١٧

د. محمد بسيونى
د. محمد بسيونى

فى خضم الصراع الإقليمى والدولى ضد الإرهاب، برزت أنباء مدعومة غربياً عن إقامة دولة كردية فى شمال العراق، وتمتد إلى جنوب تركيا وشمال سوريا وغرب إيران.. وهى الحدود القديمة لدولة الكرد التى تمزقت فى 1843 بعد هزيمة جيش مصر بقيادة محمد على من العثمانيين المتحالفين مع الأوروبيين.. ومن يومها ويطلق الأكراد على أنفسهم «شعب الله المحتار»، حيث تفرقوا بين أربع دول وحملوا جنسياتها واستمروا محافظين على لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم ورغبتهم فى استعادة أرضهم، ما حولهم إلى أقليات مضطهدة.

وعودة إحياء الأمل فى وجود الدولة الكردية مرتبط بالمصالح الاستعمارية للدول الأقوى فى العالم عبر الحقب السابقة، وحتى الآن وقد كان الأكراد وسيلة لإشعال الصراع فى الدول التى عاشوا فيها.. كما كانت انتماءاتهم القبلية وبالاً عليهم، حيث تصادمت المصالح وفشلت الأحزاب الكردية فى توحيد القيادة والأهداف ولم يفلح نظام الحكم الذاتى للأكراد فى شمال العراق، الذى فرضه الأمريكان والتحالف الدولى قبل عشر سنوات فى جمع الأكراد على قيادة واحدة.

لقد كانت «كركوك» وحقولها النفطية فى مارس الماضى ساحة لتبادل النيران والاتهامات بين حزب الاتحاد الوطنى بقيادة جلال الطالبانى والحزب الديمقراطى بقيادة مسعود البارزانى.. وانتقلت المعارك لإقليم «سنجار»، وحاربت قوات البشمركة الموالية لبارزانى، قوات حزب العمال الكردستانى التركى «بى كيه كيه» بزعامة عبدالله أوجلان أقدم سجين سياسى فى العالم، الذى ترفض تركيا الإفراج عنه.

والأكراد مسلمون سنة إلا فيما ندر.. وكان، وما زال، وراء الصراع بين الكتل الكردية الثلاث، قيام بارزانى بعقد وتنفيذ اتفاقات بيع كميات ضخمة من النفط لتركيا، دون إبلاغ وموافقة حكومة بغداد أو طالبانى ويتعمد بارزانى تهميش واستبعاد كل الكيانات الكردية بما فيها إلغاء حقوق الزعامة التاريخية للرئيس العراقى الأسبق جلال الطالبانى.. وبعد أسابيع من الصراع المسلح وسقوط الضحايا من كل الأطراف الكردية نجحت البشمركة المسلحة التابعة لطالبانى فى وقف ضخ النفط لتركيا وتسعى لإزاحة بارزانى من دائرة الفعل.. وما زالت عمليات العنف المسلح مستمرة حتى الآن ومرشحة للتصاعد للأسف.

والصراع بين الأطراف الثلاثة ناتج عن مواقف أيديولوجية وتحالفات خارجية، حيث طالبانى وحزب الاتحاد الوطنى يطرح خطاباً علمانياً ويتقارب فى المواقف مع كل المكونات العراقية ويحتفظ بعلاقات وطيدة مع طهران يفرضها الجوار بين السليمانية ومناطق نفوذ الحزب وحدود إيران.. وبارزانى والحزب الديمقراطى الكردى يطرح خطاباً محافظاً قبلياً انفصالياً ويلعب على كل الأطراف لتحقيق الانفصال عن العراق.. وقد أصبح بارزانى تابعاً لتركيا مؤخراً، ويعتمد عليها فى الطاقة والاقتصاد والتجارة والأمن العسكرى.

وفى قلب الصراع الكردى الداخلى، يبرز حزب العمال الكردستانى «بى كيه كيه» بقيادة زعيمه المسجون عبدالله أوجلان وقوته فى إقليم سنجار، الذى استعاده الأكراد من «داعش» الإرهابية مؤخراً، وكانت قوات البى كيه كيه هى المقاتل الشرس الذى هزم «داعش» وطرده.

والغريب أن بارزانى يبدى كراهية علنية لأوجلان كونه منافساً رئيسياً لبارزانى نتيجة نفوذ عائلة أوجلان التاريخى والذى يحظى باحترام من كل الأكراد.. وقد تعهد بارزانى للأتراك بالعمل معهم للقضاء على أتباع أوجلان فى العراق ويحارب بارزانى علناً وحدات الحماية والحزب الديمقراطى الكردستانى فى سوريا بقيادة صالح مسلم، حليف أوجلان.

إننا أمام صراعات كردية داخلية مستمرة بين طالبانى المدعوم إيرانياً وعراقياً، وبارزانى المدعوم من تركيا (عدو الأكراد اللدود وتقتلهم فى تركيا وسوريا والعراق) وأوجلان المقاتل ضد تركيا وإيران معاً.. وفى الوقت الذى يؤيد التحالف الدولى الغربى الأكراد فى إقامة دويلات لهم فى سوريا وإيران، فإنه يرفض إقامتها فى العراق ويضغط الغرب بالأكراد على تركيا وإيران والعراق!!

ويبدو أن إعلان دولة للأكراد الآن سيؤدى إلى إلقاء مزيد من الزيت على النيران فى المنطقة المرشحة لإشعال حرب قاسية بسبب تعنت قطر الإرهابية، وسيكون الأكراد وقود الحرب كما هى العادة.. نسأل الله السلامة.. والله غالب.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع