الأقباط متحدون - مكارثية مصرية
  • ٢٣:٤٩
  • السبت , ١ يوليو ٢٠١٧
English version

مكارثية مصرية

مقالات مختارة | بقلم :د. عماد جاد

١٨: ١٠ م +02:00 EET

السبت ١ يوليو ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 فى الوقت الذى تعالت فيه الأصوات الوطنية من أجل وقف حالة الاستنزاف والتمزق التى تمر بها البلاد، فإن هناك من يعمل على زيادة حدة الاحتقان داخل مكونات صفوف تحالف ٣٠ يونيو، عبر توجيه الاتهامات إلى مكونات محدّدة من التحالف بأن لها أجندات خارجية، وأنها تتواصل مع الخارج، وتريد إسقاط الدولة المصرية، حديث لا يختلف كثيراً عن ذلك الذى أطلقته جماعة الإخوان الإرهابية وأبواقها الإعلامية تجاه بعض مكونات تحالف ٣٠ يونيو، الذى كان يتشكل قبل ما يزيد قليلاً على أربع سنوات، فى ذلك الوقت خرج «مرسى» ورفاقه وأعضاء مكتب الإرشاد وأبواقهم الإعلامية يتحدّثون عن مؤامرات تُحاك لإسقاط عضو مكتب الإرشاد عن السلطة، وأن هناك تواصلاً مع أطراف خارجية للانقلاب على الرئيس الشرعى المنتخب ديمقراطياً. فى تلك الفترة نتذكر مبادرة الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، للمّ الشمل عبر دعوة كل القوى السياسية، من أجل البحث عن حل للأزمة المستفحلة فى البلاد، التى تفجّرت على أثر إعلان «مرسى» الدستورى الذى حصّن فيه ذاته وقراراته. فى تلك الفترة كان الانقسام شديداً، وكانت الثورة على الأبواب، ولم تجد دعوة وزير الدفاع -آنذاك- آذاناً مصغية من قِبَل جماعة الإخوان، ولو كانوا تجاوبوا لربما استمر «مرسى» فى السلطة إلى حين أو أجريت انتخابات رئاسية مبكرة.

 
نجح تحالف ٣٠ يونيو، الذى شهد تعاون الجيش مع كل فئات المجتمع المصرى، عدا الإخوان، على النحو الذى أزاح حكم المرشد والجماعة ووضع خارطة طريق جديدة لمصر، ومن ثم أطاح هذا التحالف بالمخطط الأمريكى للمنطقة بالكامل، وأوقف دوران عجلة هدم الأوطان.
 
اليوم، وقد مرت سنوات أربع على ثورة الثلاثين من يونيو، وتبدّل الحال، حيث تمزّق تحالف ٣٠ يونيو، بسبب رؤية أحادية سيطرت على المشهد السياسى برمته، رؤية أحادية ترفض المختلف فى الرأى حتى إن تلاقى فى الإجمال، رؤية أحادية تنفذها أجهزة ومؤسسات غابت عنها السياسة، فلا هى تجيدها، ولا تثق فى رؤية المشتغلين بها، رؤية لا تتقبّل النقد البنّاء، تُضيّق الخناق على كل صاحب رأى ورؤية. رؤية اكتفت بمجموعة من «رجال كل زمان وعهد»، ولأنهم اعتادوا على مداهنة الحاكم وتنفيذ الأوامر، فهم رجال كل نظام، وأول من يقفز من المركب فى حال الجنوح، بل أول من يُقدّم البلاغات فى رجال النظام المتهاوى، داهنوا «مبارك» وقفزوا من مركبه، وكالوا له الاتهامات، أسرعوا إلى الإخوان والسلفيين، مباركين مهللين، وقفزوا من مركبهم بفعل ثورة الثلاثين من يونيو، وباتوا اليوم يُقدّمون أنفسهم باعتبارهم رجال النظام الحالى المخلصين، وتقدّّموا الصفوف فى نفاق النظام ورجاله، بل أصبحوا رأس الحربة التى تطعن شركاء تحالف ٣٠ يونيو، باتوا اليوم يمثلون «المكارثية المصرية» التى تتاجر بقضايا الوطن وتحتكر صكوك الوطنية وتوزع الاتهامات على مناضلى الأمس، وقت أن كانوا فلول النظام السابق، ومداهنى نظام الجماعة وحكم المرشد. هؤلاء يمثلون خطراً شديداً على أمن واستقرار النظام الحالى، وعلى أمن ومستقبل البلاد، ولا بد من تحرك عاجل لوقف هجوم المكارثيين الجدد على أجزاء أصيلة من مكونات تحالف ٣٠ يونيو.
 
لولا تحالف ٣٠ يونيو العريض، ما رحل «مرسى» وجماعته عن السلطة، ولولا تلبية الجيش نداء شعبه ما تمت إزاحة العصابة الإخوانية، ولا جرى إفشال المخطط الأمريكى للمنطقة ككل. اليوم وبعد أربع سنوات على الثورة الشعبية فى مصر، نحتاج إلى مبادرة من الرئيس السيسى لوقف دعاة التخوين من المكارثيين الجدد الذين يهينون ثورة الثلاثين من يونيو، عبر توجيه الاتهامات بالخيانة والعمالة إلى مكونات أصيلة من هذه الثورة العظيمة.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع