الأقباط متحدون - قانون فقد قلبه بعد أن فقد رشده
  • ٢٣:٢٢
  • الخميس , ٨ يونيو ٢٠١٧
English version

قانون فقد قلبه بعد أن فقد رشده

مقالات مختارة | بقلم: سوزان حرفي

٠٤: ١١ م +02:00 EET

الاربعاء ٧ يونيو ٢٠١٧

سوزان حرفي
سوزان حرفي

 مهمة القانون هي القصاص من الظالمين وإعادة الحق للمظلومين، والمنطق يقول أينما وجد مظلوم، فهناك ظالم في مكان ما، لكن القانون في مصر دأب على عدم البحث عن الظالم، بل إيقاع العقوبة على المظلومين المسلوب حقوقهم.

 
لذا لم يبد الأمر غريبا عندما قضت محكمة «جنح المعادي» بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل على 32 عاملا في قضية عمال «شركة إسمنت طرة»، وذلك بعد اتهام النيابة لهم بالبلطجة والتعدي على قوات الأمن أثناء تأدية عملها.
 
إلى هنا يبدو الأمر منطقيا؛ عمال تعدوا على قوات شرطة؛ لكن خلفية القضية غير ذلك، حيث تم تسريح العمال بعد فترة عمل بالشركة امتدت من 10 إلى 15 عاما، وتم تركهم وعائلاتهم بلا دخل أو حل بديل.
 
لم يملك العمال إلا الاعتصام للمطالبة بحقوقهم، وطوال 55 يوما لا حس ولا حركة من جانب المسؤولين، لا وزير قوى عاملة ذهب لهم، ولا مندوب وزير استثمار تفاوض معهم، ولا نائب شعب أو ممثل للشركة القابضة سأل فيهم.
 
ليس هذا فقط، فالفترة ما بين إلقاء القبض على قادة المعتصمين وبين الحكم عليهم لم تمتد أكثر من عشرة أيام، حيث قبض عليهم في 22 من الشهر الماضي؛ وصدر الحكم في الرابع من الشهر الحالي!.
 
الغريب الذي يبدو طبيعيا؛ والحال هكذا، أن 50 عاملا أقاموا دعوى ضد الشركة نفسها لصرف باقي أرباح عن فترة عملهم قبل خروجهم للمعاش المبكر، لكن القضية صالت وجالت بين درجات التقاضي، وانتهت برفض الدعوى قبل يوم واحد من حبس زعماء الاعتصام!.
 
لا يوجد ظالم في هذه القضية، هذا لسان حال الشركة، فقد أكدت أنها لا علاقة لها بالمعتصمين، فهم تابعون لشركة أمن كانت تقدم خدماتها للمصنع وانتهى عقدها في إبريل الماضي، أما الواقع فيقول إنه من بين 2200 عامل، يوجد 900 فقط منهم معينون، وهم وحدهم مَن تعهد المستثمر الألماني بعدم المساس بحقوقهم طبقا لعقد الشراء، لتبقى حقوق 1300 عامل «مقاولات» مؤقت تائهة في فضاء المجهول.
 
لن أسأل هنا: أين هذا القانون تجاه اتهامات بتعمد الشركة لتكبد المصنع لخسائر، سعيا للتربح من بيع 125 فدانا تقع على النيل، وهي جزء من المصنع تم إيقاف العمل به كليا، ولا اتهامات أخرى لم يتم البت فيها منذ سنوات!.
 
فالقانون نفسه تم تنفيذه بقوة لهدم بيوت أقرب للعشش، وتدمير استقرار أسر لا تملك من حطام الدنيا إلا أربعة جدران تسترهم، وهو القانون الذي لم يعاقب الدولة وحكوماتها عندما تخلت عن إحدى أهم وظائفها، وهي توفير سكن للفقراء وللمعدمين من مواطنيها.
 
وهو القانون الذي تم باسمه إعدام زراعات بسيطة، لا تسمن ولا تغني من جوع، فقط لأن بعض المعدمين من الفلاحين قاموا بزراعتها في عدة أمتار انحصرت بين النيل والطريق العام، وبهذا القانون تم تجريف محاصيل وأراض زراعية، وتحطيم آبار مياه أقامها شباب بجهودهم الفردية، لكنه لم يحاسب دولة وأجهزتها فشلت في استزراع هذه الصحراء وتوزيعها بالطرق القانونية على أبنائها.
 
نعم إنه القانون الذي يتم تطبيقه بسرعة وحزم على الغلابة، لكنه يعاني الموات، ويتراخى أمام كل ذي سلطة أو نفوذ، إنه القانون البعيد عن العدالة، القانون الذي لا يمكن الارتكاز عليه في بناء دولة عادلة، أنه القانون الذي غابت «روحه» وفقد قلبه بعد أن فقد رشده منذ عقود.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع