الأقباط متحدون - حدود دور وقدرة الكنيسة (٢)
  • ٢٢:٤٠
  • الاثنين , ٥ يونيو ٢٠١٧
English version

حدود دور وقدرة الكنيسة (٢)

مقالات مختارة | د.عماد جاد

١٣: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ٥ يونيو ٢٠١٧

د.عماد جاد
د.عماد جاد

بدأت معادلة الدولة والكنيسة فى التغير فى عام مبارك الأخير وهو تقريباً العام الأخير للبابا شنودة الثالث، ففى ذلك العام بدأت قبضة الكنيسة على الشباب تضعف وتتراجع، وبدأ الشباب يتجاوز الكنيسة ورأسها. بدأت هذه المعادلة فى التغير فى أعقاب جريمة نجع حمادى ليلة السابع من يناير عام ٢٠١٠، حيث ثار الشباب المسيحى وبدأ يخرج خارج أسوار الكنيسة، بدأ فى التظاهر أمام مؤسسات الدولة المصرية مطالباً بحقوقه المهضومة، لم يعد ينتظر تحرك الكنيسة، ولم يتقوقع داخل أسوارها للضغط على رأسها كى يتحرك، تحرك الشباب بنفسه مطالباً بحقوقه الدستورية والقانونية.

وخرج مرة ثانية على نحو أكبر وأوسع نطاقاً فى أعقاب جريمة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية فى الليلة الأخيرة من عام ٢٠١٠، خرج تماماً على سلطة الكنيسة، بل هاجم ممثل البابا أثناء الصلاة على جثامين الضحايا عندما أراد شكر رجال الدولة وممثل رئيس الجمهورية، وثاروا فى وجه الأخير وطالبوه بمغادرة الدير.

منذ هذه اللحظة خرج الشباب على سلطة الكنيسة وبدأوا فى التحرك المنفرد ومن على أرضية وطنية، لم تعد الكنيسة قادرة على التحكم فى الشباب ولا ضبطهم ولا تلبية مطالب الدولة فى هذا الشأن، وجاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ لتقضى على البقية الباقية لنفوذ الكنيسة على الشباب، فقد شارك الشباب فى الثورة رغم مناشدة الكنيسة لهم بعدم المشاركة، وجاءت جريمة ماسبيرو لتمثل قمة التطور فى هذا الاتجاه، فرغم وجود البابا شنودة الثالث ومحاولاته لضبط ردود فعل الشباب، فإن ما حدث هو أن الشباب سيطر على المشهد بالكامل، وعبر عن رأيه بل قاطع البابا شنودة أثناء صلاة عيد الميلاد يناير ٢٠١٢، أكثر من مرة مهاجماً المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى كان يشارك بعض أعضائه فى المناسبة.

رحل البابا شنودة فى وقت كانت مصر تمر فيه بمرحلة فوضى غير مسبوقة، وتولى الحكيم الأنبا باخوميوس إدارة المرحلة الانتقالية لحين انتخاب بابا جديد، وكانت سنة إدارته متميزة حيث نجح فى استيعاب المتغيرات الجديدة ونسج علاقة جيدة مع النخبة القبطية المدنية ومع عدد من قيادات الشباب الغاضب وعبّر بشكل قوى عن هذه التغيرات، ورغم الاعتداءات الطائفية المتكررة فى عام الأنبا باخوميوس، فإنه نجح فى إدارة الكنيسة باقتدار شديد إلى أن سلمها للبابا المنتخب، البابا تواضروس الثانى.

جاء البابا تواضروس فى سنة حكم المرشد والجماعة، ونجح فى التعبير عن الموقف الوطنى عامة والقبطى خاصة بعدم الثقة فى حكم الجماعة وعدم التعاون معها، فكانت الجرائم الطائفية المتتالية وكان حصار الكاتدرائية المرقسية وضربها بالقذائف لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث، هنا التف الشباب حول البابا الجديد لا سيما بعد أن رأوه يعبر عمّا بداخلهم من غضب واستياء.

كان للشباب القبطى دور فاعل فى ثورة الثلاثين من يونيو، ولعب البابا دوراً مهماً لا سيما بعد وجوده فى مشهد إعلان إزاحة حكم المرشد والجماعة، وتقبل البابا والشباب دفع ثمن إزاحة حكم المرشد والجماعة، بل تقبل الشباب دعوات البابا بعدم الدفاع عن الكنائس التى تعرضت للتخريب والحرق من قبل الجماعة بعد فض اعتصامى النهضة ورابعة العدوية، وتقبلوا منه مقولة «وطن بلا كنائس، خير من كنائس بلا وطن». فى ثورة الثلاثين من يونيو استطاع البابا تواضروس استعادة سيطرة الكنيسة على الشباب وضبط سلوكياتهم وردود فعلهم، بل نال شعبية كبيرة وسطهم.

تغير المشهد برمته تدريجياً وخرج الشباب مرة ثانية وبقوة على سلطة الكنيسة التى تراجعت كثيراً وعلى نحو غير مسبوق.
نقلا عن  الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع